بين أردوغان وراتني .. شيطان تفاصيل

نظام مارديني

ازداد الحديث كثيراً في الفترة الأخيرة إلى قرب التطبيع السوري التركي ولقاء يجمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس بشار الأسد، والرئيس رجب طيب أردوغان، في موسكو، غير أن بوتين نفى أمس، علمه بهذا اللقاء. وهو بذلك يضع حداً لتسريبات استخبارية مشبوهة أرادت الإيحاء وكأن دمشق ستساوم على دماء مئات آلاف السوريين، ودمار شبه كامل للبنى التحتية في المدن والقرى السورية كلها، وحتى إن حصلت مفاوضات فهي لن تتجاوز ما يمكن أن يحصل بين بلدان في حالة حرب مباشرة ومفتوحة.

وما زاد من خدعة التسريبات عن لقاء «موسكو» ما تم تسريبه عن قرب التوصل إلى اتفاق روسي أميركي حول حلب، وذهب مبعوث الإدارة الأميركية إلى سورية، مايكل راتني، بعيداً في الكشف عن تفاصيل هذا الاتفاق الجهنمي الذي يشير إلى أن ما لم تقدر قوى العدوان أخذه بالميدان تريد أخذه بالتسويات. ولعل أخطر تلك التسويات هو فك طوق حماية حلب من قبل الجيش السوري وفتح طريق الكاستيلو الذي أغلق أمام العصابات الإرهابية.. لعل الشاعر الانكليزي لورد بايرن كان الأكثر تعبيراً عن واقع كهذا: «يرى المتفائل ضوءاً لا وجود له.. بينما المتشائم يرى الضوء ولا يصدقه».

ستكون سورية في الميدان السياسي، أمام احتمالات سلبية في حال استمرت هذه التسريبات الاستخبارية، التي تكمن شياطينها في التفاصيل، وها هم السوريون يتابعون باهتمام هذا اللغم الذي يتجه الى الانفجار مما يعرض مكاسب الميدان على الأرض، والتضحيات الباهظة التكاليف ضد الجماعات الإرهابية الى الضياع، لاسيما وان هذه التسريبات المبالغ بها ستؤسس لتيارين داخل المجتمع السوري، بحسب مصدر مطلع:

تيار سيعتقد أن الأزمة انتهت فعلاً، وسيُصاب بالخيبة عندما سيطول الزمن من دون أن يرى أي نتائج على الأرض.

وتيار رافض لأية تنازلات أمام أنقرة.

وبين هذا التيار وذاك، تم التسريب عن تحالف بين دمشق وأنقرة ضد أكراد سورية، والترويج لهذه الأخبار يدخل ضمن سياق البروباغندا الإعلامية السيئة والسلبية الخطيرة التي تستهدف شريحة كبيرة من مجتمعنا السوري..

من المهم هنا متابعة ما ستسفر عنه الصراعات الداخلية في الحركة الكردية داخل تركيا، وهي تسعى لتحقيق مصالح ذاتية على حساب دماء ومصالح أكراد سورية.. وساذج من يعتقد بأن التغييرات السياسية الكبرى في منطقتنا ستحصل من دون أن تنضج العوامل الواقعية على الأرض.

لا، ليسَ صحيحاً أنَّ اليأس لا يُنتج غير الاستسلام، لأنَّ فداحة الخسارة والإحساس الدفين بالخيانة وانكشاف معالم التواطؤات المتبادلة لطمس معالم جريمة تدمير الدولة السورية والارتكابات الفاضحة التي تستهدف كسر الإرادة الوطنيّة، قد تتحوّل في لحظة فارقة إلى إرادة وطنية قاهرة، تنبذ كلَّ مظهرٍ لليأس، وتتعالى على كلِّ إحساسٍ بالإحباط، لتُذكِّر بأنَّ قواها الكامنة لن يُبدّدها يأسٌ طارئ، ولا يعطّلها تفجير إرهابي، في حمص وطرطوس والحسكة، توهّم أصحابه وممولوه بأنَّ هذه الجرائم ستسجَّل ضدَّ مجهول..!

للمواطن السوري، و«شيطان التفاصيل» في هذه التسريبات الاستخبارية، نقول: «اِضحك كلما استطعت، فهذا دواء رخيص»، كما يقول بايرون.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى