دي ميستورا يتوقع قمماً رئاسية في نيويورك تتوّج التفاهمات حول سورية طاولة الحوار تفقد توازنها وشظايا التشنُّج تصيب الحكومة… بانتظار الوساطات
كتب المحرر السياسي
ستنتقل المتابعات لمصير التفاهمات خلال الأسبوعين المقبلين من بكين إلى نيويورك، حيث تنعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السنوية التي يتوقع ان يحضرها رؤساء الدول الكبرى وعدد من القادة في العالم، والتي ربط بها المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا توقعات إقلاع الحلّ في سورية، بينما يواصل وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري محادثاتهما وفقاً لما وصفه الرئيس الروسي بالخطوة الهامة التي تمّ قطعها مع الرئيس الأميركي باراك اوباما، الذي تحدث عن فجوة عميقة، بينما العيون تراقب جبهات حلب لمعرفة ما بين سطور المتفاوضين، حيث موسكو لا تستطيع منح جوائز ترضية لمن يخسرون التوازن الذي صنعوه في الميدان عندما سيطروا على معبر الراموسة، وواشنطن لا تستطيع منحهم أكثر من مهلة لاستعادة التوازن.
الرئيس التركي رجب أردوغان أعرب عن أمله بالوصول إلى التفاهمات قبل حلول عيد الأضحى الأسبوع المقبل، بينما روزنامة دي ميستورا تحدثت عن الأسبوع الذي يليه، بين ثلاثاء وثلاثاء، يصير الموعد في الثالث عشر من أيلول أو في العشرين منه، بينما المعارك في جنوب غرب حلب ترسم خرائط جديدة قد تحمل مفاجآت معاكسة للتمنيات الأميركية، حيث تتهاوى مواقع جبهة النصرة والجماعات المسلحة امام وحدات الجيش السوري والحلفاء التي تواصل اندفاعاتها بعد تحرير الكليات العسكرية نحو استرداد البلدات المحيطة، بعد إحكام السيطرة على التلال، وصولاً إلى خلصة وخان طومان.
لبنانياً، كان الحدث الذي رسم مساحة من القلق على المشهد السياسي هو فقدان طاولة الحوار الوطني لتوازنها بشجار اندلع بين الوزير جبران باسيل والنائب سليمان فرنجية حول توصيف الطابع التمثيلي للقوى المسيحية الذي تبنى عليه الميثاقية، بعدما وصف باسيل المشاركين المسيحيين في الحكومة بجماعة الستة بالمئة، وردّ عليه فرنجية بالراسب في الانتخابات، ورغم التهدئة التي أنهت الشجار، أنهى الشجار انعقاد الحوار، حتى إشعار آخر، وأصابت شظاياه الحكومة التي كان يأمل رئيسها تمام سلام بأن يعقب مشاركة التيار الوطني الحر في الحوار عودته إلى المشاركة في اجتماعات الحكومة، وصار مصير الحكومة كما الحوار معلقاً بانتظار الوساطات ومساعي الشركاء والحلفاء المشتركين بين التيارين الحليفين في الخيارات الكبرى المتنافسين رئاسياً، المردة والوطني الحر.
تعليق جلسات الحوار
قرّر رئيس المجلس النيابي نبيه بري تعليق جلسات الحوار الوطني بعد سجال حاد بين رئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجية ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل على خلفية مفهوم الميثاقية والتمثيل المسيحي. وبُعيد انطلاق الجلسة التي غاب عنها رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، طلب باسيل البحث في مفهوم الميثاقية، مستغرباً كيف يتم عقد جلسة لمجلس الوزراء فيما الممثلون الحقيقيون للمسيحيين غائبون ويتم الاكتفاء بحضور من يمثلون 6 فقط منهم. فتدخل فرنجية، وحصل السجال بينهما أدّى الى إعلان باسيل تعليق مشاركة التيار في الحوار وانسحابه من الجلسة.
تفاصيل ص 2
وعلقت مصادر مقربة من الرابية لـ «البناء» على وقائع الجلسة، معتبرة أن «ما حصل هو انعكاس للازمة الأساسية وإن تظهر بردات الفعل المتبادلة بين أطراف الحوار، لكن المرض الأساسي هو الواقع غير الدستوري جراء سياسة التمديد الذي طرأ على البلد ومصادرة السلطة القائمة على قانون انتخاب غير دستوري»، وإذ حذرت المصادر من أن «خيارات العماد ميشال عون باتت مفتوحة وعلى الصعد كافة بعد جلسة أمس»، لفتت الى أن الوضع الداخلي يتجه الى التأزم وبات انعقاد طاولة الحوار أمراً صعباً والوضع الحكومي أصعب، مرجّحة أن «يكون التصعيد هو التوجه العام لدى العماد عون لعدم القبول بالأمر الواقع الذي بُني على أكثرية نيابية صادرت السلطة من خلال التمديد لنفسها مرتين».
وألمحت المصادر الى أن «اتفاق الطائف لم يعُد قادراً على احتواء مكوناته ورموز الدولة فيه وعندما يعجز الدستور والنصوص أن يحتضن أبناءه ورموزه يصبح البحث عن عقد اجتماعي جديد أمراً جائزاً وضرورياً، لا سيما في ظل نظام يحوي عقول سوداء في الداخل» غامزة من قناة الرئيس فؤاد السنيورة ومقولته الشهيرة «أنتظر المقصقص ليأتي التيار»، وتساءلت: هل ينتظر السنيورة الخارج ليفرج عن الحل في الداخل؟ وهل يراهن على عدوان إسرائيلي جديد على لبنان أم على انتصار الإرهاب وداعميه على الدولة في سورية؟
جلسة للحكومة الخميس بلا قرارات
وعلى وقع التصعيد الذي شهدته عين التينة أمس، يعقد مجلس الوزراء جلسة الخميس المقبل بغياب وزراء تكتل التغيير والإصلاح، بحسب ما علمت «البناء»، وعلى جدول أعماله بنود عادية وتحويل اعتمادات روتينية لبعض الإدارات والمؤسسات. وأكد مصدر وزاري لـ»البناء» أن «رئيس الحكومة تمام سلام مصمم على عقد الجلسة الخميس، لكن لن يتخذ المجلس قرارات هامة بوضعه الحالي»، ونفى المصدر وجود أي نية لدى سلام بالاستقالة من الحكومة، وشددت على أن ما حصل على طاولة الحوار سيترك تداعياته السلبية على عمل الحكومة وإن عقدت الجلسات، مضيفاً أنه «لو حصل توافق بين المتحاورين على استمرار عقد جلسات الحوار لكان وزراء التيار الوطني الحر حضروا جلسات الحكومة واتخذت قرارات في قضايا رئيسية يحتاجها المواطن والوطن»، لكن المصدر أوضح أن مقاطعة بعض الوزراء لن يؤثر على استمرار جلسات الحكومة لوجود 9 وزراء مسيحيين من أصل 12 ومقاطعة وزيرين فقط، أما وزراء الكتائب استقالوا لأسباب أعلنوا عنها تتعلق بأزمة النفايات وليس مقاطعة الجلسات وبالتلي فإن الميثاقية مؤمنة». ولفت الى أن «سلام منفتح على الحوار مع جميع المكونات، لكنه كان واضحاً مع التيار بأنه لا يستطيع تلبية مطالبهم».
النفايات إلى الحل اليوم؟
وفي ظل الأجواء التشاؤمية التي تخيم على البلاد وانسحاب الجمود في المؤسسات الدستورية الى هيئة الحوار، يداهم ملف النفايات الحكومة والقوى السياسية مع تراكم جبال النفايات في شوارع المتن وكسروان وبرج حمود وبعض أحياء بيروت، ولهذه الغاية يعقد اجتماع اليوم في وزارة الداخلية، بحضور مختلف الجهات المعنية في محاولة لإيجاد الحل، وقالت مصادر الوزير أكرم شهيب لـ «البناء» إن «اجتماع اليوم سيكون هاماً وحاسماً بين وزير الداخلية والفريق التقني المركزي لمعالجة أزمة النفايات بحضور بلديات المتن وكسرون لإقرار الحل اللامركزي، وسيسأل وزير الداخلية عن استعداد البلديات لأخذ الملف على عاتقها لناحية إيجاد الاراضي المناسبة لإقامة المطامر ومعامل الفرز ضمن خطة وعقود مع شركات». وأوضحت المصادر أنه «وفي حال استطاعت البلديات ذلك فلن نكون بحاجة حينها الى كل مطمر برج حمود وبالتالي سيتقلص حجم النفايات التي ستنقل اليه».
ولفتت الى أن «البلديات أعلنت مراراً وفي اجتماعات عدة أنها مستعدة للحل اللامركزي من ناحية النيات والإرادة، لكن المشكلة أنها لا تملك أجوبة حول مواقع للطمر ولا أحد مستعدّ لتقديم عقار أرض لذلك». وأوضحت المصادر أن «التفاوض مستمر بين الوزير شهيب وحزب الكتائب الطرف الوحيد المعترض على خطة الحكومة، أما التيار الوطني الحر فيحاول التوفيق بين الكتائب والطاشناق وبين الحكومة لتسهيل الحل»، لكن المصادر رجحت «ألا يتبلور الحل قبل جلسة مجلس الوزراء المقبلة لتحسم اللجنة الوزارية إقرار الحل من خارج مجلس الوزراء أم أنها ستعود اليه».
وشرحت المصادر أن «الحل المؤقت الذي يقضي بإعادة فتح مطمري برج حمود والكوستبرافا أمام النفايات يشكل ممراً الزامياً لجميع الأطراف، ريثما تجهز البلديات للحل المستدام واللامركزي ولو كان لأي طرف حل آخر لباشر بتنفيذه ورفعت النفايات المكدسة في الشوارع». بينما رجّحت مصادر وزارية لـ «البناء» «التوصل الى حل لأزمة النفايات في برج حمود والمتن خلال أيام»، مؤكدة أن «مجلس الوزراء وضع الخطة في آذار الماضي والمؤسسات المعنية تعمل على تنفيذها رغم الصعوبات التي تعترضها، لكن الحكومة لن تتراجع عن خطتها»، مشددة على أن «مجلس الوزراء إذا ارتأى ضرورة تعديل ما على الخطة بعد اجتماع المعنيين لجهة التنفيذ وإبرام العقود سيطرح الملف من خارج جدول الأعمال في جلسة الخميس».
وعقد اجتماع ثلاثي أمس، في وزارة الزراعة ضم الوزيرين أكرم شهيب والياس بو صعب والنائب ابراهيم كنعان، خرج بعده المجتمعون بإقرار اللامركزية مبدأ أول لحل الأزمة. وأشار بوصعب إلى أن موضوع اللامركزية في ملف النفايات هو الأساس، «اليوم نستطيع تعجيل اللامركزية، أي أن قضاءي المتن وكسروان باتا قادرين، اليوم أو في أي وقت يصبحان فيه جاهزين، ولديهما معمل لفرز النفايات والبدء بفرز النفايات من المصدر، على أن يتطوّر ليصبح الفرز من المنازل، وتتطوّر المعامل لتصبح جاهزة للتسبيخ. وبذلك، نكون اعتمدنا اللامركزية في الشق الأول من الخطة المتعلق بالفرز والمعالجة، أي أننا خفّفنا الضغط عن معملي العمروسية وبرج حمود لأنهما لا يحتملان الكميات التي كانت تصل إليهما، ما يفسّر أن الفرز كان أقل مما يجب، باعتراف مجلس الإنماء والإعمار».