موسكو: نبحث مع واشنطن صيغة وسطية لتسوية سورية
على وقع الاجتماع المرتقب انعقاده في جنيف، اليوم، بين وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري، لبحث النقاط الخلافية التقنية المتبقية من الاتفاق بشأن سورية، أكد الكرملين، على لسان الناطق باسمه، ديميتري بيسكوف، أن ما نقل بشأن «آخر اقتراح أميركي» إعلان هدنة في كل البلاد، بما في ذلك مدينة حلب المحاصرة – إيصال آمن ودائم للمساعدات الإنسانية – وقف غارات الطيران السوري – إطلاق عملية جوية روسية – أميركية مشتركة ضد المواقع الإرهابية حول التوصل إلى اتفاق للتسوية في سورية، «غير دقيق».
وقال: «هذا التقرير لا يتناسب تماما مع الواقع». مؤكدا أنه ما زالت هناك مسائل عالقة عدة، في سياق جهود موسكو وواشنطن لصياغة وثيقة جديدة حول سورية، تؤسس للتعاون المشترك في محاربة الإرهاب. أضاف: «فعلا، يدور الحديث عن اتفاق معين، عن وثيقة لم نتوصل بعد إلى صيغة نهائية لها، لأنه ما زالت هناك مسائل عالقة معينة. ونحن نواصل العمل».
وامتنع بيسكوف عن الكشف عن هذه المسائل العالقة، التي يتعين على الطرفين التوصل إلى حل وسط بشأنها. لكنه قال: إنها غير كثيرة. وأوضح قائلا: «بلا شك لا يمكننا أن نبحث هذا الموضوع، إلا بصيغة حلول وسط. ويتواصل العمل من أجل التوصل إلى الحل الوسط هذا».
بدورها، أعلنت المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أمس، أن مسألة فصل الإرهابيين عن المعارضة في سورية، مازالت حجر عثرة في طريق الاتفاق بين روسيا والولايات المتحدة. وقالت: «لقد كررنا مرات عدة، أن من وجهة نظرنا، حجر العثرة الأساسي هو مسألة فصل «المعارضة المعتدلة» عن الإرهابيين. هذه هي المشكلة الرئيسية الآن».
وأكدت زاخاروفا، أن بلادها تعتبر أن من الواضح وجود علاقة بين بعض فصائل المعارضة في سورية، والإرهابيين، قائلة: «توجد روابط بين بعض التشكيلات المسلحة غير القانونية والإرهابيين. وهذه حقيقية واضحة. وهي واضحة ليس فقط بالنسبة لنا، بل وللمسلحين أيضاً».
أضافت: تم التوصل إلى اتفاق لعقد لقاء بين وزيري الخارجية الروسي والأميركي، يومي 8-9 أيلول، في جنيف. مشيرة إلى أن التفاصيل والصيغة يتم العمل عليها و يجري بحثها «ونحن ننطلق من أنه تم التوصل إلى اتفاق».
زاخاروفا، أشارت في مؤتمرها الصحافي إلى إنه كلما تم التوصل إلى اتفاقات بين موسكو وواشنطن، حول الأزمة في سورية، كلما أصبح لدى هذا البلد فرصة للتسوية السلمية أسرع. وقالت: «العمل يجري بدقة شديدة. نحن مصممون على النتيجة، لكن لا يمكننا، دائما، الوصول إليها ضمن الفترة التي نريدها. نحن ندرك أنه كلما حصل ذلك بوقت أسرع، كلما استطاعت سورية الحصول على فرصة للتسوية السلمية، وفي المرتبة الأولى مواجهة الإرهاب».
ونوهت المسؤولة الروسية، بأن الدبلوماسيين والخبراء الروس، في الوقت الحالي، يعملون «على اتفاقية محددة حول العمل المشترك لمواجهة الإرهاب في سورية. ولا يجري فقط تبادل الآراء، لكن البحث عن حلول توافقية وإزالة التناقضات في المسائل الحالية. وعندما لا يمكن حل بعض التناقضات على مستوى الخبراء، عندها ستجري اللقاءات والمحادثات الهاتفية من أجل المفاوضات على أعلى مستوى».
وأشارت، إلى أن «الحديث عن توجه مستدام لتطبيع الأوضاع في سورية، غير ممكن بعد، لأن الإرهابيين يحاولون، بكل قواهم، إفشال نظام وقف الأعمال القتالية. حسب ما نفهم، فإن مهمتهم تتمثل في إعادة البلاد إلى حالة الفوضى والمواجهات. وبشكل عام، حرمان جميع السوريين، بغض النظر عن هويتهم العرقية والدينية، من الحق في حياة سلمية كريمة».
أضافت المتحدثة الروسية: كلما اقتربت روسيا والولايات المتحدة من التوصل إلى اتفاق بشأن سورية، كلما عزز الإرهابيون هجماتهم هناك. وقالت: «كلما كان أوضح، كلما أصبحت هجمات الإرهابيين أوقح. هم على علم ويدركون، أنه إذا تم تعزيز اتفاق وقف الأعمال القتالية، وتطورات الأحداث تتجه إلى المسار السياسي السلمي، فسوف ينتهي مصيرهم، وأيامهم معدودة».
في غضون ذلك، قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، إن مواقف السعودية وتركيا تجاه الأزمة السورية متطابقة. مضيفا: «التعاون السعودي – التركي قائم ومتين على جميع المستويات».
الجبير، في مؤتمر صحافي مشترك، مع نظيره التركي، مولود جاويش أوغلو، في أنقرة، أتهم الحكومة السورية بـ«المماطلة في التوصل إلى حل سياسي للأزمة في سورية». مضيفا: أنه «من المستحيل أن يكون للأسد مكان في مستقبل سورية»، بحسب تعبيره. وقال: «لا بديل عن الحل السياسي في سورية، سوى العسكري، لكن بعد استنفاذ الجهود كافة».
من جهته، قال أوغلو: أن لا مجال لفترة انتقالية يكون للرئيس السوري بشار الأسد مكان فيها. مضيفا: أن «العمليات التركية، داخل سورية، ستستمر حتى دحر الارهابيين». وقال: «سنستمر بالعمل مع السعودية، لتمكين مزيد من السوريين من العودة إلى مناطقهم».
وفي السياق، قال وزير الدفاع التركي، فكري إيشيق، أن بلاده تساند العملية الهادفة إلى طرد تنظيم «داعش» من الرقة. لكن يجب ألا تكون «وحدات حماية الشعب الكردية» القوة الأساسية فيها.
وقال إيشيق، في مقابلة في لندن، «ما تصر تركيا وتركز عليه، هو أن العمليات يجب أن تشنها القوات المحلية في المنطقة، بدلا من الاعتماد على وحدات حماية الشعب وحدها». أضاف: «تركيا لن تسمح لوحدات حماية الشعب بتوسيع المناطق التي تسيطر عليها، واكتساب القوة، من خلال استخدام العمليات ضد «داعش» كذريعة».
الوزير التركي، أكد أن المقاتلين الأكراد لم ينسحبوا بعد إلى الضفة الشرقية لنهر الفرات. لافتا إلى أن بلاده لن تسعى للمزيد من الأهداف حول منبج، شريطة انسحاب الوحدات شرقا.
جاء ذلك في وقت، أكد وزير الدفاع الأميركي، آشتون كارتر، أن مقاتلي «قوات سورية الديمقراطية» غادروا مدينة منبج، في شمال سورية، بناء على مطالب تركية.
وقال كارتر، في تصريحات للصحافيين عقب اجتماعه بنظيره التركي في لندن، أمس، حسب وكالة «رويترز»: إن «مقاتلي «قوات سورية الديمقراطية» الأكراد، تركوا مدينة منبج بشمال سورية، الأمر الذي كانت تطالب به تركيا».
وزير الدفاع الأميركي، كشف عن خطة للتحالف الدولي لمحاصرة مدينتي الموصل والرقة، الخاضعتين لسيطرة تنظيم «داعش» الإرهابي، خلال أشهر عدة. وقال: «خطة عمليتنا العسكرية تفترض محاصرة هاتين المدينتين الموصل والرقة بعد أشهر عدة. لا شك، أننا نعتزم تحقيق الانتصار على تنظيم «الدولة الإسلامية»، غير أن العنف في سورية لا يمكن التخلص منه دون انتقال سياسي».
ميدانياً، استعاد الجيش السوري وحلفاؤه، أمس، منطقة الراموسة الاستراتيجية، جنوب حلب، بعدما كانوا استعادوا صباحاً، معمل الغاز والدباغات والبلدية والمسلخ ومبنى البريد ومنطقة الحاجز العسكري، عقب اشتباكات مع تنظيم «جيش الفتح» الارهابي.
كما استعاد الجيش التلة الصفراء شرق معراتة، غرب حلب، بعد اشتباكات مع المجموعات المسلحة بمحيط رحبة، والمستودعات القريبة من التلة. في حين دمر الطيران الحربي السوري مقرات عدة وخطوط إمداد للمسلحين، في مستودعات خان طومان ومدرسة الحكمة ومعراتة وجنوب تلة بازو.
في جانب آخر، جرى، أمس، تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق المعضمية، القاضي بإخراج مدنيين ومسلحين ستسوى أوضاعهم من المدينة. وبذلك أقفلت المراحل الأخيرة من اتفاق داريا، على أن يجري بعدها العمل لإيجاد تسوية في الأيام المقبلة، تشمل مدينة المعضمية.
وزير المصالحة الوطنية السوري علي حيدر، أكد أن تنفيذ اتفاق داريا يمهد لمصالحات أخرى. لافتا إلى أن إدخال المساعدات إلى المعضمية، مرتبط بخروج المسلحين، أو تسوية أوضاعهم.
وأشار حيدر، إلى أن هناك مبادرات من أهالي دوما، لإتمام مصالحة في منطقتهم وفي الغوطة الشرقية، إلا أن القرار الاقليمي والسعودي تحديدا، هو الذي يمنع المصالحة.
أضاف: إن تأخير مصالحة المعضمية، سببه المسلحون في داريا. ورأى: أن «ما جرى في داريا، كان بقرار دولي، لأن ما قدمته الحكومة للمسلحين معروض عليهم منذ سنتين».