صباحات

هل تقلقون في أن تكون مشاهدتكم لي هي المرّة الأخيرة لكم معي؟ إذن عاملوني كأنها كذلك، ولا تدعوا شيئاً يجب أن يقال أو يُفعل لغدٍ قد لا يأتي. وكونوا هكذا مع من تحبّون. فقد تكون المرّة التي ترونهم فيها هي الأخيرة. هكذا هي الحياة، نعرف أن ثمة مرّة ستكون الأخيرة ولا نعلم متى، فنظنّها بعيدة والوقت معنا حتى تُفاجئنا ويغاجئنا معها الندم.

للشهر الثاني، تكرّس «البناء» مكاناً للنقاش الفكريّ في قضايا ساخنة. الشهر الماضي تشاركت نخبة من السياسيين والدستوريين والمفكّرين والخبراء في مناقشة صيغة مجلسَي النواب والشيوخ كمَخرج للجدال حول قانون انتخاب في لبنان. وهذا الشهر موضوع البحث «العالم والمنطقة بين الهيمنة وتعدّد القطبية عشية الانتخابات الرئاسية الأميركية». هل تنتفض الوطنية من روسيا إلى الصين وإيران وسورية دفاعاً عن خيارات الاستقلال وحق الشراكة في وجه الأحادية وتعميم النمطية الآتية بِاسم العولمة؟ المشاركون سفراء روسيا وسورية وإيران ونخبة فكرية وعلمية ودبلوماسية.

قرّرت الصين دخول باب التحدّي السياسيّ العسكريّ للعربدة الأميركية في شرق آسيا، فطلبت من روسيا دراسة مشروع للوحدة العسكرية الدفاعية. جُنّ جنون الأميركيين وقرّر الرئيس الروسي تشكيل لجنة خاصة لدراسة الطلب وفعل اللازم للتعامل معه بالجدّية اللازمة. عالم جديد يولد، يكتب الأحرار مستقبل شعوبهم ومستقبل العالم من نتائج مثال الصمود السوري، نهضة القوى العظمى لما يليق بمكانتها، فأميركا ليست قدراً لا يُردّ.

تحية لمجلس الخدمة المدنية على نزاهته في المباريات التي أجراها لأساتذة التعليم الثانوي. وتهنئة خاصة لزميلتنا ليلى زيدان عبد الخالق التي تطلّ على صفحات «البناء» بترجمات وتحقيقات سياسية واستراتيجية دولية وإقليمية دسمة. وقد نالت المرتبة الأولى بين المتبارين في اختصاص الفلسفة على مستوى الشوف. وكما عرفناها نموذجاً مثابراً وجدّياً وخلوقاً، نحتفل بها ونهنّئ أسرة «البناء» وأسرتها بهذا التميّز.

بمعزل عن الخنادق التي ينقسم العالم فيها حول سورية، سيكتب التاريخ أنه بعد عقدين من التبشير بالعولمة كطريق لسقوط الدولة الوطنية، شهد العالم حرباً كبرى بقيت فيها هيكلية الدولة وجيشها ومؤسّساتها طرفاً في صناعة الحرب والسلم والسياسة. لمن تعجبه أو لا تعجبه السياسات والمواقف السورية وموقعها وتحالفاتها، أن يشهد للرئيس السوري بردّ الاعتبار لمفهوم الدولة الوطنية.

لماذا عندما ننشغل بالقلق على من نحبّ نترك له رسائل ملؤها الحرارة؟ وعندما نطمئنّ، بدلاً من أن نعتب مثلاً بالقول إن الغياب سبّب لنا الخوف، فإذ بكلماتنا ينزل عليها البرود كأنها فعل ندم على القلق. فهل كان أفضل لو كان الخبر سيئاً؟ كثيراً ما نفسد مواقفنا الطيّبة بما يتبعها.

بين تفتح براعم الياسمين وفوح طيبها، صلة رحم بساعات طلوع الضوء، تبقى الياسمينة وفيّة لإيقاعه على توقيت دمشق أينما زرعت. رأيت وسمعت أمس من لندن بعض الذين ينسون توقيت الشام، فكانت كلماتهم شهادتهم بأنهم ينتمون إلى أكوام نفاياتها وروث بهائمها بدلاً من ياسمينها. مَن يحاضر بالديمقراطية ويمدح ملك السعودية، كمَن يدعو إلى الطهارة من سوق الدعارة!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى