عبقرية المكان
دمعتان أغرقتا المكان.
وهاج الكون وماج، واستغاثت ذوات اللؤلؤ والعاج.
وتصيح هداهد من على قمم صنين، والمقطم، والعرب، والجليل، والشيخ، وجبال هنا وهنالك تجتمع إلى منبرها قاسيون… ماذا جرى؟
تصيح وتصيح: إنه فينيق ينبعث من نفسه لتوه. يُقسم أنه لن يلد نفسه ثانية حتى تلد سورية نفسها… وإلى الأبد!
إنه فينيق يحمل ومضات التاريخ منذ البدء الحضاري الكوني، يرمّم بها جغرافية الشمس الجريحة سورية.
فإلى هنالك حيث الصدى ينادي على غلغامش وهانيبعل وزينب تدمر، ولكن من ذلك يحرس اجتماعهم؟
وينتشرون… غلغامش ينتصر على وحش الحضارة، هانيبعل ينتصر على وحش العالم، زنوبيا تنتصر على وحش التعصّب والتألّه، وتنادي من بيت إيل معبد بيل الذي حاول الوحش تخريبه ما وسعه حسداً وحقداً.
ويمدّ المنبعث من ذاته جناحَيه. ذلك الفينيق في الأعالي ويأتيه من بين النهرين رفد، وببرق البصر يأتيه من كنان كنعان النيل رفد.
انظروا. إنه بهما يحلّق. وبقوة حبّ إيل يجتاح فينيق نفسه، وإلى الأبد يرمس رمسه!
ولكن، ألا ترون؟ إنه الغلس يلد فجره، يحزم أمره، ويكون صباحاً!
فعِمّي أيتها الأمّ الحبّ
سوريانا… ذلك الصباح!
سحر أحمد علي الحارة