كيري ـ لافروف: وقف القتال في حلب لأسبوع… تمهيداً لحلّ شامل عطلة العيد وسفر سلام إلى نيويورك فرصة للتهدئة والاتصالات الحكومية
كتب المحرر السياسي
خلال أطول جولة محادثات في يوم واحد أمضى وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف أكثر من خمسة عشر ساعة من المفاوضات، لإنهاء النقاط العالقة من مسودة التفاهم حول سورية، وأمضيا منها خمس ساعات لمفاوضات يجريها كيري مع المسؤولين العسكريين والأمنيين والسياسيين في واشنطن، الذين يتشاورون مع حلفائهم خصوصاً في السعودية، ويسعى كيري لعدم التفرّد في صناعة أيّ صيغة تفاهم يجري تحميله مسؤولية ما يسمّيه منتقدوه في واشنطن، التفريط وتقديم التنازلات المجانية لموسكو، بعدما كان كيري قد قرّر أن يعلق مجيئه إلى جنيف على حصوله على دعم وموافقة وزارة الدفاع والمخابرات والأمن القومي، وربط الموافقة على أيّ صيغة تفاهم بحصوله على الموافقة المسبقة من كلّ المعنيين في واشنطن، وتسليماً من الحلفاء بأنّ ما تمّ في التفاهم هو أفضل الخيارات المرة المتاحة، لأنّ المزايدات بالقدرة على الصمود والقتال إذا كانت متاحة فلا مبرّر للتفاهم.
بعد الساعة الواحدة فجراً بتوقيت بيروت خرج الوزيران كيري ولافروف لإعلان التوصل إلى تفاهم على إعلان وقف لإطلاق النار في منطقة حلب، بدءاً من الإثنين أول أيام عيد الأضحى، وفقاً لقاعدة الإمتناع المتبادل بين الدولة السورية وحلفائها من جهة وفصائل المعارضة من جهة أخرى، بالقيام بأيّ أعمال استهداف قتالية أو بأعمال القصف التي تطال مناكق سيطرة كلّ من الطرفين، وحصر القتال بجبهة النصرة وتنظيم داعش، ويتمّ بالتزامن مع وقف النار البدء بالتحضير لتقديم المعونات الإنسانية، والتمهيد لإطلاق العملية السياسية، وستقوم واشنطن وموسكو بقيادة الحرب على النصرة وداعش، بعد عزلهما عن فصائل المعارضة.
وكانت مصادر متابعة قد أعادت تعقيد المفاوضات لأنّ كيري حمل في بدايتها مشروعاً للمقايضة بين المشاركة بالحرب على النصرة، وتأجيل مستقبل الرئاسة السورية ليقرّره السوريون في صناديق الإقتراع، بإشراف حكومة موحدة تضمّ المعارضة كنتاج لمحادثات عاجلة في جنيف، مقابل حصول الجماعات المسلحة المدعومة من واشنطن على خصوصية أمنية وعسكرية في شرق حلب، وتأمين حصانة لهذا الوضع وتسهيل انتقال القيادات المعارضة من وإلى شرق حلب كعاصمة لها تدعمها واشنطن وتقدم لها المساندة، وكما كان متوقعاً بالنسبة لوازرة الخارجية الأميركية فإنّ هذا الطرح الذي رفض قبل النجاحات التي حققها الجيش السوري في الميادين العسكرية لا يمكن جعله موضوعاً تفاوضياً بعد الإنجازات العسكرية المتتالية على جبهات حلب وريفها، وتحوّل المسلحين في شرق حلب إلى رهائن يفاوضون على كيفية شمولهم بتسوية تشبه ما جرى في داريا.
ثم تراجع الموقف الأميركي في جولة المفاوضات الثانية، نحو البحث بتجميد الوضع العسكري في حلب وفك الحصار عن الأحياء الشرقية وشمولها بأحكام الهدنة، وبقي التفاوض على المطالبة الأميركية بضمان عدم الضغط لفرض تسويات شبيهة بمناطق سورية أخرى لإخراج المسلحين من هذه الأحياء أو إنجاز تسويات فردية لتفكيك الجماعات المنظمة هناك، ومن دون أن يلقى العرض الأميركي الجديد قبولاً روسياً، أجرى كيري اتصالاته بواشنطن طلباً لتوجيهات الرئيس الأميركي بعد التشاور مع سائر الجهات المعنية هناك لتصله توجيهات متأخرة بمواصلة التفاوض، بينما أعلن لافروف احتمال تأجيل المحادثات لمواصلتها في جولة جديدة الأسبوع المقبل، في إشارة إلى كيفية تغيّر الأوضاع العسكرية من أسبوع إلى أسبوع ومعها تتغيّر سقوف التفاوض.
وأخيراً مع الإعلان عن التفاهم ارتضى الأميركيون الصيغة التي انتهى إليها التفاوض دون الحصول على ايّ ميزات وخصوصية للمسلحين في حلب، وترك الفرص المفتوحة أمام مستقبل العملية السياسية من جهة، والحرب الأهمّ التي تعني سورية وحلفاءها، وهي التوجة لضرب جبهة النصرة ومعاملة كلّ القوى التي ترفض فك التشابك معها بصفتها جزءاً منها، وبعد النجاح بإلحاق الهزيمة بالنصرة سيكون وضع كلّ الجماعات المسلحة الباقية تحت السيطرة، ضمن سقوف تسويات سياسية لا تمسّ السيادة السورية ولا بالدستور والرئاسة، وإلا فالوضع العسكري لن يكون أبداً لصالح من يرفض ذلك.
وكان المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا توقع أن تصل المفاوضات الروسية الأميركية إلى تفاهم، ومثله قال وزير الخارجية الألماني، وأضاف دي ميستورا انّ الحادي والعشرين من أيلول سيشهد على هامش أعمال القمة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة إجتماعاً وزارياً لمجموعة فيينا لإطلاق المسار السياسي مجدّداً، بصورة تضع عملية جنيف على طريق مختلف.
لبنانياً يستفيد الساعون لحلحلة سياسية تعيد المناخات الإيجابية، وتستعيد للحكومة قدراً من العافية، من عطلة العيد وسفر رئيس الحكومة تمام سلام إلى نيويورك للمشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، لمواصلة الاتصالات الهادئة ومحاولة تدوير الزوايا أملاً بصياغة تفاهم الحدّ الأدنى الذي يبدو رغم تواضع السعاة إليه بطلباتهم صعباً ومحفوفاً بالمخاطر.
مطب التمديد لقهوجي
تدخل البلاد اليوم عطلة تمتد حتى يوم الاربعاء مع حلول عيد الاضحى يومي الاثنين والثلاثاء، تتجمّد فيها الاتصالات والوساطات لإعادة تفعيل عمل الحكومة في ظل الفراغ الرئاسي وتعليق جلسات الحوار. ليتحضّر رئيس الحكومة للسفر إلى نيويورك الأحد في 18 من الجاري للمشاركة في اجتماعات الدورة العادية للأمم المتحدة على أن يعود الى بيروت في 23 ايلول. وتسبق عودة رئيس الحكومة موعد انتهاء ولاية قائد الجيش في 27 من الحالي.
ورجّحت مصادر عليمة لـ «البناء» أن يطول أمد الأزمة الحكومية إذ لا مؤشرات حتى الآن تشي بقرب إيجاد حل لها، وربطت المصادر بين إعادة تفعيل عمل الحكومة والعودة الى الحوار الوطني، موضحة أنه إذا أصرّ التيار الوطني الحر على مقاطعة الحوار فلن يعود الى مجلس الوزراء، وإذا حضر جلسات الحكومة فباتت عودته الى الحوار مؤكدة، وبالتالي إذا اجتمعت الحكومة بحضور التيار يعني أنها ستأخذ قرارات هامة منها التمديد أو التعيين للقادة الأمنيين، وبالتالي التمديد لقائد الجيش سيبقى هو المطب الذي ستقف عنده الحكومة أمام أزمة جديدة.
حزب الله ومروحة اتصالات واسعة
وأكدت مصادر مطلعة بدورها لـ «البناء» أن حزب الله يقوم بمروحة واسعة من الاتصالات في محاولة لتهدئة الوضع وتخفيف التوتر وللوصول الى حل يرضي الجميع، مشيرة إلى «أن الاتصالات تعمل على قاعدة إعادة التيار الوطني الحر الى الحكومة وإعادة انتظام عمل مجلس الوزراء على أساس إجراء التعيينات وليس التمديد»، مشددة على ان ما يطالب به الوطني الحر في هذا الملف مطلب حق». وشدّدت المصادر على أن المخرج هو تسوية يعمل عليها حزب الله للتوفيق بين الطروحات المختلفة وقد يكون ما طرحه المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم حول إعادة تعيين خلف للواء محمد خير فكرة من الأفكار المطروحة.
ووصفت المصادر علاقة الحزب برئيس الحكومة بالجيدة، مضيفة: الحزب يفضل بقاء الرئيس تمام سلام على رأس الحكومة واستمرارها وتفعيل عملها.
التيار الوطني: لا نناور
وأكدت مصادر وزارية في التيار الوطني الحر لـ «البناء» أننا لا نناور ولن نعود إلى الحكومة وكأن شيئاً لم يكن». وأشار الى ان حضورنا الجلسات منوط بإيجاد حل مبني على وقائع وليس على أوهام. نحن نطالب بحلول جذرية تتعلق بملفات كثيرة». وقالت رداً على سؤال عن العودة عن التمديد للواء محمد خير «ربما التعيين ليس المشكلة وليس الحل، لكنه قد يكون المفتاح لكن الأكيد اننا لن نقبل الا بحلول جذرية تحفظ الميثاقية والشراكة الحقيقية».
استقالة الحكومة أفضل من هزالتها
وأكد وزير الاقتصاد المستقيل ألان حكيم لـ «البناء» أن الأجواء غير إيجابية في الوقت الحاضر»، مشيراً إلى «أن رئيس الحكومة كان واضحاً في الاجتماع الأخير أن الجلسة شكلية ورمزية للحفاظ على ماء الوجه». وشدد على «أنه لا يمكن لمجلس الوزراء الاستمرار بالاجتماع من دون المكوّنات الاساسية المسيحية، خاصة ان غالبية الوزراء المسيحيين في الحكومة لا يمثلون الا انفسهم، لا احد منهم يمثل الشارع المسيحي أو الاحزاب المسيحية، بغض النظر عن أن عدم حضورنا يعود لاسباب مختلفة. غاب تيار المرده عن الجلسة السابقة إكراماً لحزب الله. لا يحضر التيار الوطني الحر بسبب ملف التعيينات ككل، أما نحن كحزب الكتائب فغيابنا مرده عدم الوصول الى حلول في الكثير من الملفات تبدأ بالتعيينات ولا تنتهي.
وشدّد حكيم الذي التقى الرئيس تمام سلام أمس، على «أنه يفضل استقالة الحكومة على المشهد الهزلي الذي أحاط جلسة الخميس، خصوصاً ان لا فرق بين حكومة تصريف الاعمال بكامل أعضائها وحكومة عاجزة بائسة فاشلة».
السعودية تخلّت عن الحريري نهائياً
في غضون ذلك، أكدت مصادر سياسية لـ «البناء» أن «تيار المستقبل لن يسمح بإسقاط الحكومة في الوقت الراهن، والرئيس فؤاد السنيورة أكد للرئيس تمام سلام عدم الاستجابة للاستفزازات والمضي في عقد الجلسة». واعتبرت المصادر أن «مصير الحكومة يتوقف على الاتصالات التي ستحصل بعد عودة الرئيس سلام من نيويورك ولكل حادث حديث، فهناك قلق عند تيار المستقبل من فرط الحكومة».
واعتبرت الأوساط في سياق آخر أن «الرئيس سعد الحريري في أصعب أيامه وظروفه المالية تزداد تعقيداً لا سيما مع فشل المفاوضات المتعلقة بشركة سعودي اوجيه، بمعنى ان الشركة ستفلس وستباع ممتلكاتها». وشددت المصادر على «أن السعودية تخلّت عنه نهائياً ولو كانت تريده لكانت شكلت له غطاء أقله مالياً، لكن الحريري لا يمكنه في الوقت نفسه ان يتخطى القرار السعودي والقبول بتسويات داخلية محلياً بمنأى عنها».
قانون الانتخاب لا يُقرّ في الشارع
أكد عضو كتلة القوات اللبنانية النائب انطوان زهرا لـ «البناء» أن غالبية القوى السياسية موافقة على فكرة الاقتراح المختلط، ولذلك نعمل كحزب قوات على تقريب وجهات النظر للوصول الى اتفاق في البرلمان على قانون مختلط يرضي كل الاطراف. وذكر باللجنة المشتركة بين القوات والتيار الوطني الحر التي تدرس قانون انتخاب مبني على المختلط.
وشدّد على أن هناك قوى وقعت على اقتراحات تتضمن نسبة من النسبية وملتزمة بها، والنائب وليد جنبلاط الذي تراجع في مرحلة عن الصيغة الثلاثية عاد وأكد التزامه بها. من جهة ثانية قدم الرئيس نبيه بري اقتراحاً قائماً على المختلط، أما حزب الله والحزب السوري القومي الاجتماعي المصرّان على النسبية الكاملة فلا يمانعان مناقشة المختلط، وبالتالي فإن هذا المختلط يشكل مساحة مشتركة وليس من المستحيل الوصول الى حل بقانون مختلط يرضي كل الأطراف.
وفيما أشار زهرا إلى «أن قانون الانتخاب يقر في مجلس النيابي وليس في الشارع»، لفت الى أن هناك قانوناً نافذاً يطبق إذا لم يقر قانون جديد. واعتبر ان «التحالفات الجديدة ستغير في الطبقة السياسية والكلام عن أن نتائج الانتخابات وفق الستين تعادل التمديد غير دقيق، الاستثناء هو فقط عند حزب الله الذي لا يزال جمهوره كما هو».
وشدد من ناحية أخرى على «أن بقاء حكومة سيئة أفضل من لا حكومة، لأنه اذا سقطت هذه الحكومة تصبح المؤسسات كلها معطلة، وعندها مَن يحكم البلد؟». مشيراً إلى أن الفراغ الرئاسي مستمرّ على المدى المنظور، فهناك من ينتظر تفاهماً ايرانياً سعودياً او أميركياً روسياً في حين ان الاشتباك السعودي الإيراني في اعلى درجاته ولا أحد يجري اتفاقات مع ادارة أميركية تعيش آخر أيامها».
توقيف منفذي تفجير كسارة
أمنياً، إنجاز جديد أضافه الأمن العام الى سجل إنجازاته في مكافحة الخلايا الارهابية، حيث تمكن من توقيف منفذي عملية تفجير مستديرة كسارة في زحلة الذي حصل أواخر الشهر الماضي. وأشار الأمن العام في بيان إلى أنه «في إطار مكافحة العمليات الإرهابية، وبعد تكثيف التحريات والاستقصاءات، نفّذت المديرية العامة للأمن العام عملية أمنية نوعية أسفرت عن توقيف خلية تنتمي إلى إحدى التنظيمات الإرهابية التي نفذت عملية التفجير عند مستديرة كسارة – زحلة بتاريخ 31/8/2016، والتي أدت إلى مقتل امرأة وجرح عدد من المواطنين، ونتيجةً لاعترافات الموقوفين، داهمت قوة من الأمن العام شقة، حيث ضبطت الجهاز الذي استخدم في تفجير العبوة عن بُعد والسيارة التي استخدمها أفراد الخلية لنقل العبوة وهي من نوع رينو رابيد».