بحث أميركي وأوروبي في إيجاد المبرّرات والمخارج المناسبة لملاقاة اليد السورية الممدودة للتعاون في مكافحة الإرهاب
نور الدين الجمال
الحرائق «الداعشية» في كلّ من سورية والعراق بدأت تقض مضاجع الجهات والأطراف الدولية والإقليمية التي أوجدتها ودعمتها وموّلتها وسلّحتها ودرّبتها وعلى رأس هؤلاء الولايات المتحدة الأميركية التي وجدت أن الأسلوب الأفضل لتغيير الأنظمة والحكام في العالم العربي هو استخدام تنظيمات إرهابية وتكفيرية لتخوض معارك بالنيابة عن الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية وبعض الدول العربية والإقليمية، فتنظيم «داعش» لم يأخذ مثل هذا الدور الإجرامي والإرهابي إلا في السنة الأخيرة أي ما بين عامي 2013 و2014، وهذا الظهور لـ«داعش» حصل بعدما فشلت الحرب الكونية على سورية ونجحت الدولة السورية من خلال صمود وثبات وقوة الجيش العربي السوري أن تواجه وتتصدّى لجميع المؤامرات التي حيكت ضدّها بهدف إسقاط الدولة الوطنية السورية بكل مؤسساتها لكي تصبح دولة فاشلة في نظر تلك الدول والجهات المتوّرطة في التآمر على سورية.
مصادر سياسية تعتبر أن الحديث مؤخراً عن تشكيل تحالف دولي وإقليمي لمحاربة الإرهاب «الداعشي» في كل من سورية والعراق يأتي في سياق الأجندة الأميركية في المنطقة، فالمعلومات المؤكدة من داخل الإدارة الأميركية تفيد بأن هناك انقساماً في السياسة الأميركية حيال خطر «داعش» ليس على دول منطقة الشرق الأوسط فقط وتحديداً العالم العربي، بل إن هذا الخطر بدأ فعلياً يدق أبواب الولايات المتحدة. هذه وجهة نظر فريق من الإدارة الأميركية ولذلك يجب التصدي ومحاربة تنظيم «داعش» وبقوة. أما الفريق الثاني فمع اعترافه الضمني بخطورة هذا التنظيم وانفلاته من عقال الأجندة الأميركية، فإنه يرى أنه طالما أن الولايات المتحدة لم تقدم على خوض حروب مباشرة مع هذا التنظيم وغيره من التنظيمات الإرهابية فليس ما يمنع من دعم هذه المجموعات الإرهابية طالما هي تقدم خدمة مجانية لمصالح الولايات المتحدة ومصالح «إسرائيل» الأمنية في المنطقة.
وترى المصادر السياسية أنه بين هاتين النظريتين داخل الإدارة الأميركية تكاد تصبح الأوضاع في بعض الدول المجاورة لكل من سورية والعراق خارجة عن السيطرة إذا لم تبادر إدارة أوباما إلى اتخاذ القرار الحاسم والصائب في ضرب الإرهاب، ولا يكفي أن تتم هذه الخطوة في العراق وإن كانت حتى اللحظة تتم في سياق محدد جداً هدفه الأساسي حماية المناطق الكردية في إقليم كردستان من أي هجومات كبيرة ينفذها «داعش» في تلك المناطق لأن الاستخبارات الأميركية في «أربيل» تقيم غرفة عمليات مشتركة مع البيشمركة لإدارة العمليات العسكرية، يقابلها وجود غرفة عمليات مشتركة إيرانية – بيشمركية من أجل التنسيق أيضاً على المستويين الأمني والعسكري في مواجهة «داعش» والتنظيمات الإرهابية والتكفيرية في العراق، وإيران تفضل أن تقدم شيئاً على المستوى السياسي إلى المملكة العربية السعودية من خلال إيجاد توازنات سياسية في العراق وليس من قبل الولايات المتحدة.
وأشارت المصادر السياسية إلى أن المناخ الدولي بدأ يتغيّر شيئاً فشيئاً، والكلام عن رحيل الرئيس بشار الأسد لم يعد وارداً أو مطروحاً، والأمر ينحصر حالياً في إيجاد المخارج والمبررات حول كيفية العودة للتحدث مع القيادة في سورية والتي وضعت الولايات المتحدة وأوروبا في الزاوية من خلال دعوتها إلى التنسيق معها في شأن مكافحة الإرهاب، وإن محاربة «داعش» في العراق حتى لو دخلت الولايات المتحدة على خط المواجهة مباشرة لا يمكن أن يكتب لها النجاح إذا لم يتم التنسيق مع الدولة الوطنية السورية، والمعيار الحقيقي للموقف الأميركي وجديته في محاربة «داعش» ومتفرعات القاعدة في سورية والعراق ولاحقاً على مستوى المنطقة هو ممارسة الضغوط الجدية على كل من تركيا وقطر والمملكة العربية السعودية والتي باتت معروفة بدعمها المطلق وعلى المستويات كافة لهذه التنظيمات الإرهابية.