منصور: على تركيا إعادة حساباتها ومدّ الجسور مع دمشق وإلا ستكون نتائج تورطها أكبر
حاورته روزانا رمّال ـ تحرير محمد حميّة
أكد وزير الخارجية السابق الدكتور عدنان منصور أنّ «التفاهم الأميركي ـ الروسي حول سورية هو خطوة على طريق الحلّ، إذا توفرت نيات إيجابية لدى أميركا وحلفائها بإنهاء الوضع الشاذ في سورية والقضاء على التنظيمات الإرهابية»، لافتاً إلى أنّ «الرئيس الأميركي باراك أوباما يريد التوصل إلى اتفاقات في نهاية عهده تخرج المنطقة من أتون الدمار والفوضى».
وسأل منصور في حوار مشترك بين صحيفة «البناء» وموقع «توب نيوز»: هل هذا الاتفاق هو الذي سيُخرج سورية من الحرب»؟ وأضاف: «لا أتصور ذلك لوجود عدة عوامل مؤثرة في الحرب وأفرقاء على الساحة المشرقية يريدون حتى الآن أن يعبثوا بالأمن السوري، ودول إقليمية وعربية لم تتخل عن فكرة الإطاحة بالنظام في سورية حتى الآن. فتركيا رغم كلّ المتغيرات لم تخطُ خطوات عملية تساعد النظام على الخروج من أزمته وعلى مواجهة قوى الإرهاب وهي ترى أنّ الأكراد هم عدوها الأول لذلك قامت بعمليتها في منطقة جرابلس. وهنا نسأل أيضاً: هل من مصلحة إسرائيل أن تتوقف الحرب في سورية»؟
وأشار منصور إلى أنّ «الحلّ السياسي الشامل في سورية لا يرتبط فقط بروسيا والولايات المتحدة أو بسورية، بل هناك الأطراف الأخرى على الساحة السورية كتركيا وإسرائيل والسعودية وإيران وقوى المقاومة»، متسائلاً: «ما هو مصير المنطقة الكردية التي توسّعت وانتشرت من خلالها الفصائل الكردية في سورية والعراق؟ هل سيقبل الأكراد بالحكم المركزي أم أنهم سيطالبون بدولة كردية؟ هل سيعيدون كركوك إلى الدولة المركزية في بغداد؟ وهل تخلت تركيا عن المنطقة العازلة في سورية؟ وكيف ستُحدّد القوى المعتدلة وغير المعتدلة بعد وقف إطلاق النار»؟
ورأى منصور أنّ على تركيا «إعادة حساباتها ومدّ الجسور مع سورية وإلا، ستكون نتائج تورطها في سورية أكبر»، متوقعاً انتصار سورية ومحور المقاومة في نهاية المطاف.
وفي الشأن الداخلي، لفت منصور إلى أنّ «الولايات المتحدة تعرف أنه لا يمكن أن يأتي رئيس في لبنان ضد المقاومة، ويحمل في جعبته مشروع القضاء عليها أو تحجيمها، لأنّ المقاومة أصبحت جزءاً لا يتجزأ من منظومة إقليمية في مواجهة عدو يتربّص بالأمة»، مبدياً أسفه «لربط مصير لبنان بالوضع في المنطقة»، مشدداً على أنّ الرئيس القوي «هو الذي يحافظ على استقلال لبنان ومقاومته وأرضه ويتصدى للعدو الإسرائيلي ويعدّ العدة لمواجهة أي عدوان، ويحافظ على الثروات الوطنية».
وفي ما يلي نصّ الحوار كاملاً..
هل توقّعت أن يبصر التفاهم الأميركي ـ الروسي حول سورية النور في هذا التوقيت، أم أنك اعتقدت، من خلال تجربتك كوزير خارجية لبنان وصعوبة ما رأيته في ذلك الوقت، أنّ هذا الاتفاق لا يمكن أن يحصل حتى ولو كان شكلياً؟
ـ ما حصل من اتفاق روسي ـ أميركي يأخذ الجانب الأمني، وقف إطلاق النار لفترة محدودة. ويأتي التفاهم الأميركي ـ الروسي بعد خمس سنوات ونصف من اندلاع الأحداث في سورية. في بداية الأزمة لم يكن هناك حدّ أدنى من هذا الاتفاق، على اعتبار أنّ الولايات المتحدة ومن يدور في فلكها في المنطقة من دول عربية وغير عربية آثرت الإطاحة بالنظام في سورية، بوسيلة أو بأخرى، من خلال تقديم كافة أنواع الدعم العسكري واللوجستي والمالي والمعنوي للفصائل المسلحة، لكن نظراً لصمود سورية، لا سيما مؤسستين أساسيتين أثارتا دهشة العالم، هما المؤسسة العسكرية والمؤسسة الديبلوماسية السورية اللتان تشكلان لسورية أهمية كبيرة تجاه العالم. وهذا التماسك هو الذي قلب المعادلات والموازين. عندما تذهب أميركا إلى اتفاق مع روسيا تذهب من أجل وقف إطلاق النار على أساس أنّ وقف إطلاق النار قد يساعد في ما بعد على إيجاد نوع من الحلّ السياسي الذي لم تكن لتقبل به أميركا في بداية الأحداث، إنما كانت تنتظر انهيار النظام ككلّ وحينها يفرض نظام الأمر الواقع من قبل أميركا والدول الإقليمية التي كانت حصان طروادة للسياسية الأميركية ولتطلعات «إسرائيل» في ما يتعلق بسورية والمقاومة. اليوم لا نستطيع أن نقول إنّ ما توصلت إليه روسيا وأميركا هو نهاية المطاف، بل هو خطوة على طريق الحل إذا توفرت نوايا إيجابية لدى أميركا وحلفائها بأنّ تنهي الوضع الشاذ في سورية وتوقف الدعم للعناصر المسلحة المُصنّفة إرهابية أو غير إرهابية، يجب أن نرى مدى قدرة الدولتين على وقف إطلاق النار ومدى تجاوب الفصائل معه.
ماذا يعني توقيت التوصل إلى هذا الاتفاق على مقربة من الانتخابات الرئاسية الأميركية، إذ كان يمكن تمييع الأمر لتأتي إدارة أميركية جديدة وتعطي زخماً جديداً للحرب؟
ـ من الخطأ اعتبار رئيس الولايات المتحدة مقيداً خلال الأشهر الأخيرة من ولايته، فهو سيبقى حتى اللحظة الأخيرة قادراً على الحركة ويمتلك صلاحيات، آخذاً بعين الاعتبار مصلحة أميركا العليا. الرئيس باراك أوباما ربما يريد أن يفعل شيئاً بالنسبة لسورية، وهو الذي عاصر الأحداث التي جرت منذ بدايتها. يريد أن يقول إننا توصلنا في نهاية عهدي إلى اتفاق ما يخرج المنطقة من أتون الدمار والفوضى. لكن هل هذا الاتفاق هو الذي سيُخرج سورية من الحرب؟ لا أتصور ذلك لاعتبار أنّ هناك عدة عوامل وأفرقاء على الساحة المشرقية يريدون حتى الآن أن يعبثوا بالأمن السوري، وهناك دول إقليمية وعربية لم تتخل عن فكرة الإطاحة بالنظام في سورية حتى الآن. تركيا رغم كلّ المتغيرات لم تخطُ خطوات عملية تساعد النظام على الخروج من أزمته وعلى مواجهة قوى الإرهاب. تركيا ترى أنّ الأكراد هم عدوها الأول لذلك قامت بعمليتها في منطقة جرابلس.
لكنّ تركيا شدّدت على وحدة الأراضي السورية وهذا تقدم جديد؟
ـ هي كانت سابقاً تتكلم عن وحدة الأراضي السورية لكنها كانت تتحدث عن إسقاط النظام أيضاً، وعملت على ذلك، وتحركت اليوم بعد أن وجدت خطراً كردياً على حدودها الجنوبية بدأ يهدّد أمنها القومي. لقد قامت تركيا بعملية عسكرية في جرابلس، لكنّ الإرهاب كان موجوداً منذ سنوات في هذه المنطقة. فلماذ تحركت اليوم لمحاربته ولم تتحرك من قبل؟ كانت تركيا داعمة لكلّ الفصائل الإرهابية المسلحة وكانت ممرّ عبور لكلّ تلك الفصائل المسمّاة إرهابية ومعتدلة، لكن عندما رأت تركيا التمدّد الكردي على حدودها أعلنت الحرب على الإرهاب.
هل وصلنا إلى مرحلة اقتنع فيها الغرب بصعوبة إسقاط الرئيس بشار الأسد؟
ـ بكل تأكيد، تركيا تريد إعادة حساباتها لأنها لم تعد في الموقع الذي كانت فيه قبل خمس سنوات، وقد بدأت تشعر اليوم بأنّ نسيجها الاجتماعي الوطني وأمنها القومي مهدّدان وهناك معارضة داخلية قوية ومحاولة الانقلاب هزت أركان النظام التركي. وبالتالي لم تعد تستطيع أن تمارس عملها في سورية على النسق الذي مارسته في السابق، وبعض الدول العربية المستمرة في دعم الإرهاب ستصل إلى مرحلة تفرض عليها إعادة حساباتها، فهي لم تحقق شيئاً على الساحة الميدانية بل الدولة السورية هي التي تحقق الإنجازات والعالم بدأ ينظر إلى الأزمة السورية نظرة مغايرة للسابق. الدول بدأت تدرك حقيقة ما يجري وأنّ الإرهاب بدأ يطرق أبوابها بعد انتشار «داعش» في سورية والعراق. لم يستطع الغرب مواجهة الإرهاب الذي طرق أبوابه نتيجة الدعم الذي قدمه للمجموعات المسلحة في سورية، لكن علينا ألا نذهب في التفاؤل بعيداً بأنّ أميركا تريد من خلال الاتفاق أن تنهي الحرب. المنطقة في صراع دائم، وهناك محاور عدة. المحور المتصدي لقوى الهيمنة والتسلط والذي يدعم المقاومة وتحرير الإنسان والأرض وهناك دول تريد أن تمتلك قرارها السياسي والاقتصادي والعسكري المستقل لكنّ أميركا وأنظمة تابعة لها، «إسرائيل» بالدرجة الأولى، لا تريد تقارباً أميركياً مشرقياً لإنهاء الأزمة السورية. ما يجري في كلّ دول المنطقة لمصلحة «إسرائيل» البعيدة عن نار الحرب والإرهاب وهي تراقب المشهد المأساوي الذي يفتك بدول المنطقة.
أيهما أصعب بالنسبة لـ«إسرائيل» الاتفاق النووي الإيراني أم التوصل إلى حلّ سياسي للأزمة السورية؟
ـ تعتبر إسرائيل أنها حققت من خلال توقيع الاتفاق النووي الإيراني إنجازاً بمنع إيران من الحصول على سلاح نوي في مدة أقلها 15 سنة، وعلى الرغم من توقيع الاتفاق نجد أنّ العقوبات الاقتصادية لم تُرفع حتى اللحظة عن إيران. المستهدف ليس السلاح النووي كسلاح نووي وليس القدرات العسكرية بل منع أي دولة من أن تمتلك قرارها المستقل، قرارها السياسي والمالي والعسكري وأن تخرج عن هيمنة العالم الغربي.
لكن هناك انفتاحاً غربياً وأوروبياً لافتاً على إيران؟
ـ ومع ذلك هناك ضغوط أميركية على إيران التي أنجزت وأعطت ما عليها لكن على الغرب وأميركا إزالة العقوبات. هم يريدون تطويق المنطقة وإجهاض كلّ الدول التي تخالف السياسة الغربية، الحرب على سورية كانت من أجل إيجاد نظام يسير في الفلك «الإسرائيلي» ـ الغربي، وإنهاء القضية الفلسطينية بشكل نهائي، لذلك يستهدفون موقع ودور ورسالة الدولة السورية.
هل اقتنع الأميركيون بضرورة الحفاظ على المصالح الروسية، وماذا يعني لك هذا التفاهم الأميركي الروسي رغم الصراع بين القطبين منذ عقود؟
ـ روسيا لن تقبل بأن تقع سورية في قبضة الهيمنة الغربية، والقوى الإقليمية تريد أن تعبث بسورية. روسيا لها مصالح في المنطقة وسورية بالنسبة لها مفتاح البيت الروسي، ولا تستطيع اميركا إلا أن تأخذ بالاعتبار المصالح الروسية في سورية ولا يمكن لأميركا أن تستفرد بالمنطقة وحدها وتنشئ أنظمة تسير في فلكها، وكلّ دولة تعرف حدود سياساتها ومصالحها، ما جرى في جورجيا وأوكرانيا مثالان واقعيان. جورجيا تشكل خاصرة روسيا والأمن القومي لها، عندما قام الغرب بالعبث بها لم تتقبل روسيا ذلك مطلقاً حتى لو أدى ذلك إلى نزاع مع الخارج والغرب، وقد فُهم هذا الأمر بأنّ روسيا لا تستطيع أن تضعف في عقر دارها وتقف مكتوفة الأيدي، روسيا حافظت على أمنها القومي ومجالها الحيوي وفعلت ما فعلته في جورجيا وشبه جزيرة القرم.
برأيك كيف سيسلك الاتفاق الأميركي ـ الروسي طريقه إلى التنفيذ من الناحية التقنية؟ وماذا تتوقع لهذا الاتفاق إذا صمدت الهدنة؟
ـ الاتفاق يتعلق بالجانب العسكري فقط، وهو عبارة عن هدنة موقتة ووقف العمليات العسكرية بين الفصائل المسلحة والجيش العربي السوري، لكن لإنجاح هذا الاتفاق لا بدّ أن يحظى برضى جميع الأطراف. بعض الفصائل لم تتقبل وقف إطلاق النار، فهناك جهات إقليمية ودولية تدعم هذه الفصائل وتحركها بالتأكيد، ووقف إطلاق النار شيء والممارسات شيء آخر. من يحرك الفصائل يستطيع أن يوقف دعمها. فهل من مصلحة «إسرائيل» أن تتوقف الحرب في سورية، وهناك عشرات الفصائل المسلحة تنسق معها؟
ماذا تبقى لتركيا و«إسرائيل» والسعودية من خيارات بعد فشل إسقاط الرئيس الأسد عسكرياً وسياسياً أو عبر العقوبات الاقتصادية؟
ـ هذه الدول ستستمر في مغامراتها العسكرية حتى تنهزم وتقرّ بالأمر الواقع.
هل تعتقد أنّ هناك استدراجاً لـ«إسرائيل» إلى الحرب في سورية التي ردّت للمرة الأولى على العدوان وقد وصلت الرسالة؟ هل تتوقع أن يتطور الوضع بين سورية و«إسرائيل» إلى حرب مباشرة؟
ـ سورية ليست بوارد أن تستدرج «إسرائيل» بل أولويتها القضاء على الإرهاب وعلى العناصر الإرهابية المسلحة، لكنّ من حق سورية أن تردّ على أي عدوان من أي جهة أتى، وربما الآن امتلكت الوسائل العسكرية الضرورية التي تمكنها من ردّ أي عدوان «إسرائيلي». إنّ تراجع العمليات الإرهابية وانحصار «داعش» في بعض المناطق وتقدم الجيش السوري والحفاظ على المدن السورية وتماسك المؤسسة العسكرية، كلّ ذلك يجعل سورية في وضع أفضل بكثير مما كانت عليه في السابق، إضافة إلى تغير المزاج العالمي ووقوف روسيا وإيران مع سورية. «إسرائيل» لم تكن تتوقع الردّ السوري لأنها شنّت غارات عدة سابقاً ولم ترد دمشق. الرد السوري حقّ ووفق القوانين الدولية، وسورية تريد أن تقول لـ«إسرائيل» إنها ليست لقمة سائغة بل ستردّ في أي وقت.
هل يمكن أن نضيف إلى التفاهم الروسي ـ الأميركي المصالحة مع كوبا والاتفاق النووي الإيراني؟ هل يريد أوباما أن ينهي عهده بهذه العناوين العريضة ويحلّ أيضاً المسألة الفلسطينية ـ «الإسرائيلية» في ضوء قوله منذ يومين «سنتابع الضغط لحلّ الدولتين وإنهاء الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي رغم توجهات مزعجة على الأرض تقوِّض هذا الهدف»؟
ـ لا شك أنّ أوباما حقق إنجازات عديدة في عهده، المصالحة مع كوبا بعد أكثر من خمسين عاماً، والملف النووي منذ العام 2001 والملف السوري الآن رغم أنّ الحرب ستطول ولا زلنا نتحدث عن وقف إطلاق النار وليس الحل السياسي الشامل الذي لا يرتبط فقط بروسيا والولايات المتحدة أو بسورية بل هناك الأطراف الأخرى على الساحة السورية كتركيا و«إسرائيل» والسعودية وإيران وقوى المقاومة. علينا إيجاد صيغة لوقف إطلاق النار والحفاظ على وحدة الأراضي السورية. والسؤال: ما هو مصير المنطقة الكردية التي توسّعت وانتشرت من خلالها الفصائل الكردية في سورية والعراق؟ وهل سيقبل الأكراد بالحكم المركزي أم سيطالبون بدولة كردية؟ وهل سيعيد الأكراد الذين يسيطرون على كركوك هذه المدينة إلى الدولة المركزية في بغداد؟ وهل تخلت تركيا عن المنطقة العازلة؟ وبعد وقف إطلاق النار كيف تحدّد القوى المعتدلة وغير المعتدلة؟ هناك جهات إقليمية لا زالت تعتبر حتى الآن أنّ «النصرة» معارضة معتدلة.
لكنّ أميركا أعلنت أنها إرهابية؟
ـ نعم ولكن هناك تغيير في الأسماء ينبثق عن «النصرة» «نصرات» وكلّ فصيل يعتبر نفسه معتدلاً، على تركيا بعد محاولة الانقلاب والضربات الإرهابية ودعمها للإرهاب أن تعيد حساباتها وتمدّ الجسور مع سورية وإلا ستكون نتائج تورطها في سورية أكبر، ولكن في نهاية الأمر ستنتصر سورية وسينتصر محور المقاومة.
ما هي إيجابيات التفاهم؟
ـ هو خطوة متقدمة إلى الأمام، خطوة ميدانية عسكرية، سنرى ماذا بعد انتهاء الهدنة، هل ستجري مفاوضات سياسية على مستوى عالٍ وهل ستعلق الهدنة وتعود العمليات العكسرية؟
إلى أي مدى سيتأثر اليمن بالتفاهم الأميركي ـ الروسي حول سورية وهل سنشهد تدحرجاً للحلول بسرعة إذا نجح هذا التفاهم؟
إذا نجح التفاهم في سورية سيساعد في إيجاد حلول لأكثر من أزمة في المنطقة. السعودية متأزمة في اليمن واستمرار الحرب ليس في صالحها، وستدرك كم خسرت من الأموال والضحايا وخلفت من مآسٍ وأحقاد في النفوس لا تلغى في ليلة وضحاها بل ستطول عقوداً. السعودية تريد إنهاء الحرب لكن بحل يضمن مصالحها الكاملة التي لا يمكن أن تأتي بعد حرب. من حق اليمنيين أن يحدّدوا مصير بلدهم كما من حقّ السوريين وغيرهم.
على الرغم من الحروب التي تشهدها دول عدة في المنطقة إلا أنها تمكنت من إنجاز انتخابات رئاسية وبرلمانية إلا في لبنان. فماذا يجري؟
ـ التأثير الخارجي مستمر على الساحة اللبنانية وهناك أفرقاء لا يستطيعون الخروج من عباءة من يأتمرون بأوامرهم، عندما يقرّر اللبنانييون إيجاد الحلّ بأنفسهم يستطيعون ذلك، ولبنان ليس محور اهتمامات الدول الكبرى، ولا تشكل انتخابات الرئاسة أهمية كبرى لدول الخارج، لكنّ أميركا تعرف أنه لا يمكن أن يأتي رئيس في لبنان ضدّ المقاومة، ويحمل في جعبته مشروع القضاء عليها أو تحجيمها، لأنّ المقاومة أصبحت جزءاً لا يتجزأ من منظومة إقليمية في مواجهة عدو يتربص بالأمة لم يتخلّ لحظة عن شنّ عدوان على سورية أو لبنان أو فلسطين في أي وقت.
هل تتوقع انفراجات على الساحة اللبنانية إذا نجح التفاهم في سورية؟
ـ عندما نربط وضع لبنان وانتخاباته الرئاسية بمعادلة خارجية، هذا يعني أننا نرهن وطناً بحلّ لا نعرف مداه، لنفترض أنّ الحل بسورية سيستغرق وقتاً هل سنربط انتخابات الرئاسة بذلك؟ ولنفترض وقعت حرب طويلة في المنطقة، هل سننتظر انتهاءها لننتخب رئيساً؟ لو كانت الطبقة السياسية بحجم المسوؤلية الوطنية لذهبت إلى رئيس بتوافق الجميع وبلا عقبات وبلا فرض شروط مسبقة حول المقاومة وغيرها. الرئيس القوي هو الذي يحافظ على استقلال لبنان وأرضه ومقاومته، وهو من يتصدى للعدو «الإسرائيلي» ويعدّ العدة لمواجهة أي عدوان ويحافظ على الثروات الوطنية.