قالت له
قالت له: أريدك بكلّ قوة ولا أريد أن أشعر بضعفي أمامك. وأريدك تدفّق حنان وحبّ، وفي الوقت ذاته أريدك مثالاً للرجولة والقوة ورمزاً للكبرياء والإحساس بالكرامة. وأريد أن أحسّ رقتك وقساوتك معاً وضعفك وقوّتك يجتمعان. وأن تكون منشغلاً بألف قضية وقضية. وأشعر بالفخر كلما كبرت قضايا اهتماماتك. وأن تكون متفرّغاً لي ولأوقاتي وللقائي ولسماع ثرثراتي، والاهتمام مثلي بتفاهاتي. وأريدك متفهماً تتحمل مشاغباتي وتثق أنها طفولة متأخرة، متسامحاً مع شعائر وطقوس حريتي وصداقاتي. ويغيظني ألا تحسّ بالغيرة وألا تسأل وتدقّق وكأنك تشكّكك في كل خطواتي. وأحبّ أن أراك تعجب بتسريحة شعري ولون القميص، ولكنك تشعرني أن أنوثتي تغويك. ورغم ذلك أنت لا تراني جسداً، وتشعرني بأنني عاقلة من حكماء زمان مضى، وليس مثلي بين النساء في النضج والفهم والحكمة تتقن فهم القول ومعاني الكلمة. وأريد أن ترتضي ألا أعاملك كما تعاملني فأدقّق في ثنايا الكلمات والأوقات، وأتساءل عن كل واحدة تعرفها من السيدات والآنسات، فأفرح إن أثرت الإعجاب لكنني أفضّل إعجاب الذكور وأرتضي رغم تعصّبي للمرأة، أن أرى العقل رجلاً وأعتبر كل إعجاب النساء مشبوهاً بلا عمق ولا معانٍ إلا التقرّب والبحث عن إبليس. فإن قلت عندي غداء عمل فرحت ولا ألبث أن أسأل مع من لأدقق في الأسماء ومن بينها لنساء. أما أنت فيجب أن تفرح إن زادت قائمة الرجال في حفل غدائي لأنني فرضت نفسي كامرأة يعترفون بعقلها، معترفاً أنهم لا يقصدون إغوائي. وأريد أن تشكّ وألا تشك، وأن ترضى ولا ترضى، وأن تكون الحكمة عند جنوني ولا تعرف الجنون إلا في رقصة العيون، وأن تكون قوياً لأعجب بك وضعيفاً لأبقى معك، وأن تكون جميلاً لأعشق عينيك وشفتيك وحركة يديك، وأن أطمئن ألا ترى فيك النساء شيئاً جميلاً، وأن تعترف لي بجمالي بعيون الرجال وتعترف أنهم قديسون عندما أكون أساهرهم في الليالي، وأنهم قديسون إلا أنت إن كنت برفقة نون النسوة، والنساء أفاعي تحيط بالرجال، إلا أنا لا يهمها من الرجولة إلا حوار العقل ويحترم الرجال دفتر شورطها… فهل تصدّق أن هذه هي الحقيقة في وصف حالي؟ وهل صعب عليك أن ترضى وتقبل؟ وهل يمكن أن توافق على دفتر شروطي؟
فقال لها: لأنك مجنونتي أنا باق وراض وقابل… ودليل الإمكان هو الوقوع. فبقائي دليل أنه يمكن ولي أمل أن تتعلمي وتتدرّبي على بعض الإنصاف والتخلّي عن المعايير المزدوجة قبل بلوغ الثمانين. وها هي أميركا زاد عمرها على المئة ولم تتعلم، فستكونين أعظم من أميركا إن فعلت قبل الثمانين. أرأيت تواضع أحلامي وكيف أجعلها تشبه المعجزات وهي مجرّد تطلع إلى المساواة؟
فقالت: كيف نتساوى ونحن غير متساوين؟ وأنت رجل عظيم وأنا لا أريد أن أكون عظيمة، وإن أردت أن تكون مثلي فلن أحبك ما لم تكن عظيماً، بينما أنت أحببتني ولست بعظيمة. تلك ضريبة اللامساواة. فكن على قدر مسؤولية ما أنت بعيوني وتحمّل تبعات جنوني.
فعانقها وقال: أنا واثق بأنك رغم كلّ المشاغبات لن تخوني، فيكفي أن القلق ليس بعضاً من ظنوني.
فتفلّتت من يديه وقالت: إذن، أنت لا تغار ولا تحبّني، ورغم ذلك سأبقيك في قلبي. أما الآن وقد غضبت، فاخرج من عيوني!