انهيار قيمنا.. تسارُعٌ نحو نهاية!
منى الحاج شحادة
هو العيد. بالأمس، ودّعنا عيدٌ من الأعياد المباركة.. عيد يرمز الى التضحية والفداء.. التضحية من أجل الروح الإنسانية وإكرامها. هو عيد الأضحى المبارك.
إن معاني هذا العيد تتجلّى بالبذل والعطاء لإدخال الفرحة إلى القلوب. وكم من قلوب تصحّرت بوجع المعاناة التي أضحت خبزها اليومي!!؟؟
مَن منّا لا يتمنّى أن يحلّ العيد وقد استطاع أن يؤمن كل مستلزمات أسرته من ملابس جديدة وغيرها، وأن يقدم أضحية قربان شكر لله تعالى إذ كرّم بني البشر وافتداهم ببهيمة أنعام؟
لكن، إذا نظرنا إلى أرض الواقع نجد أن الكثيرين حُرموا من هذه البهجة، حيث إن العوز والفقر المدقع ران على بيوت أسر كثيرة بفعل الأوضاع الاقتصادية المتفاقمة السوء.
الغلاء الفاحش والحرمان تغلغلا في حياة شريحة واسعة من المواطنين، فترى الكثيرين يقصدون ما يُعرف بأسواق «البالة» كي يلتقطوا قطعة ملابس مقبولة من هنا أو حذاء لا بأس بهما ليرضوا أولادهم ويشعروهم ولو قليلاً بفرحة العيد، علماً أن هناك أشخاصاً لا يملكون حتى ثمن الشراء من تلك الأسواق.
ولو عرّجنا قليلاً على الأسواق الراقية إن جاز التعبير، فإنها لم تشهد الحركة المعتادة. عاماً بعد عام، يشتدّ خناق الأزمة الاقتصادية على المواطن الذي لا حول له ولا قوة إلا بالله، وبأمل قيامة دولة قانون ونظام عدل.
والمضحك المبكي، رغم هذا الضيق الاقتصادي، فإننا لا زلنا نصطدم في بعض الأزقة والشوارع بأطفال يلهون بالمفرقعات النارية التي يبتاعونها بالعيدية التي استحصلوا عليها، ربما من آبائهم او بعض أقاربهم أو بعض أصحاب القلوب الرحيمة، فيقومون بصرفها على هذه المشتريات المؤذية لهم ولغيرهم، والممنوعة بحكم القانون، لكن لا يوجد من يطبقه في لبنان، لا المشترع الذي اشترعه ولا المواطن الذي اشترع من أجله، ولا الجهاز المختص بتطبيقه لديه متسع من الوقت لتطبيقه من جهة، ومن جهة مقابلة يغيب وعي الأهل وإرشادهم في معظم السرة المفككة.
هنا نتساءل: متى سيتحوّل المواطن إلى رقيب ذاتي على نفسه وعلى أولاده؟؟
وإلى القيّمين على مصالح الشعب اللبناني أوجه سؤالاً: هل نطمح يوماً أن تحل الأزمات الاقتصادية المتراكمة على مختلف الأصعدة؟؟
إن استمرار غياب المسؤولين عن واجباتهم تجاه المواطن سيخلق جيلاً مفككاً لا طموح عنده ولا أمل له ببناء مستقبل واعد وبالتالي سينتج مجتمعاً ينخر فيه الفساد الأخلاقي أكثر فأكثر، وبالتالي تقوض لا أخلاقيته أركان وطن أنهكته الحروب والمشاحنات والمطاحنات السياسية التي استشرت في كل مفصل من مفاصله فضاعفت من انهيار قيمه العامة التي بها تعتصم الشعوب.
فرد في مجتمع مفكك.. مجتمع يتراكم من مواطنين غير أسوياء.. كلاهما يتسارعان إلى نهاية غير مأسوف عليهما فيها.
ما زال يمكننا التصويب. فهل نفعل!؟
ناشطة إعلامية في موقع حرمون – طرابلس