الدوافع الفعلية للاعتداء الأميركي

حميدي العبدالله

الاعتداء الأميركي على مواقع للجيش السوري في جبل الثردة في دير الزور لم يكن نتيجة لخطأ في الإحداثيات. المواقع التي استهدفت مواقع ثابتة وليست متحركة، وهي مواقع أساسية في التحصينات الدفاعية للجيش السورية المكرّسة للدفاع عن المطار وعن مدينة دير الزور.

صحيح في تاريخ الحروب، وتحديداً الحروب الأميركية، وقعت أخطاء، ولكن هذه الأخطاء كانت نتيجة لتداخل المواقع أثناء سير المعارك، الأمر مختلف تماماً بالنسبة لمواقع الجيش السوري في جبل الثردة.

لكن ما هي الأسباب والدوافع التي جعلت طيران التحالف الأميركي يستهدف هذه المواقع عن سابق إصرار وتصميم؟

بعد خسارة الولايات المتحدة وحلفائها الرهان على مدينة حلب، بعد تقدّم الجيش وحلفائه في أرياف المدينة، وحتى داخل أحيائها حي بني زيد أصبحت واشنطن معنية بالبحث عن منطقة أخرى للتعويض عن خسائرها في حلب، وإذا كانت الولايات المتحدة واثقة من سيطرتها على محافظة الحسكة بالتعاون مع الأكراد وبعض المجموعات السورية المرتبطة بالولايات المتحدة، وإذا كانت لديها المبرّرات للاستيلاء على محافظة الرقة بذريعة طرد داعش منها، لكنها لا تستطيع فعل الشيء ذاته في دير الزور، لأنّ السيطرة على دير الزور تعني استهداف الجيش السوري، وهذا من شأنه أن يقود إلى التصادم مع روسيا ومع حلفاء سورية الآخرين، ولهذا كان لواشنطن مصلحة في تمكين داعش من السيطرة على دير الزور لتبرير استهدافها لاحقاً من التحالف الأميركي والسيطرة عليها، بذريعة محاربة داعش وطرده من دير الزور، وبالتالي السيطرة على المنطقة الشرقية بكاملها، وتحويلها إلى منطقة نفوذ أميركي خالص.

لهذا قدّمت واشنطن الدعم متعمدة لتنظيم داعش. هذا الدافع الأول، وثمة دافع آخر يفسّر العدوان الأميركي على مواقع الجيش السوري، ويتلخص في قلق الولايات المتحدة من احتمال أن تقود التهدئة الجديدة إلى خلق ظروف تساعد الجيش السوري وحلفائه على حشد قدراتهم الأساسية لفك الحصار عن دير الزور، على غرار تحرير مدينة تدمر بعد هدنة شباط، ولذلك تعمّدت واشنطن تقديم الدعم لداعش للسيطرة على المدينة لقطع الطريق على هذا الاحتمال، لأنّ سيطرة الجيش على دير الزور، وفك الحصار عنها من شأنه أن يعزز وضع الجيش والدولة في محافظة الحسكة، ويجعله أقرب ميدانياً إلى مدينة الرقة، وكلّ ذلك سوف يشكل تغييراً نوعياً في المعطيات الميدانية يُضاف إلى التغيير الحاصل في حلب، وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى