الاتصالات.. خطوات أولى على طريق الحقيقة!

محمد حمية

لم تكن جلسة لجنة الإعلام والاتصالات الإحدى عشرة كسابقاتها من الجلسات التي دارت جميعها في حلقة مفرغة ولم تُحرز أيّ تقدم وأبقت على الفاعل مجهولاً منذ أن خرجت «فضيحة» الإنترنت والاتصالات غير الشرعي الى العلن، فجلسة الأمس خصصت لملف التخابر غير الشرعي والتعدّي على شبكة الاتصالات الرسمية وتوزيع ما يسمى الـE1 وهي عبارة عن خطوط اتصالات على شبكة الإنترنت بسرعة 2.048 مغ في الثانية، إلا أن اللجنة أغفلت في جلستها ملفات تتعلق باستفادة إسرائيل من المعلومات التي كانت تمرّ عبر شبكات التخابر غير الشرعي وخاصة اللاسلكية التي كانت على اتصال مع الشركة التركية في قبرص.

البارز في الجلسة، بحسب ما أشارت إليه مصادر في اللجنة لـ «البناء» هو أن القضاء خطا الخطوة الجدية الأولى على طريق كشف الحقيقة، بإحالة مالك شركة استديو فيجين ورئيس مجلس إدارة قناة «أم تي في» ميشال غبريال المر الى قاضي التحقيق الجزائي للمحاكمة بموجب القرار الظني بعد استجوابه من قبل قاضي التحقيق، أما العقوبة المتوقعة فتتراوح بين سنة وثلاث سنوات وإعادة المبالغ المالية المسروقة وفقاً للمواد القانونية التي تعتبر التهمة جنحة وليست جناية.

أما الخطوة الثانية، بحسب المصادر، فهي الكتاب الذي وجّهه القضاء إلى وزير الاتصالات بطرس حرب يطلب فيه الإذن بملاحقة مدير عام هيئة أوجيرو عبد المنعم يوسف إلا أن حرب ردّ الكتاب طالباً توثيقه بالتهم الموجهة الى يوسف والأدلة الكاملة على أن يضمن القضاء ما طلبه حرب ويرسله مرة أخرى. أما مضمون الكتاب فحدّه الأقصى اتهام يوسف بالإهمال الوظيفي الذي أدى الى هدر المال العام ووعد حرب بإعطاء الإذن بملاحقة يوسف بعد إيداعه التقرير كما طلب.

وتلفت المصادر إلى أن ميشال غبريال المر هو الرأس المدبر في موضوع التعدي على شبكة الاتصالات الرسمية، حيث كان يتم تمرير آلاف المكالمات خارج الشبكة الرسمية وتقدر الخسائر المترتبة عن ذلك، بحسب وزارتي المالية والاتصالات بـ 90 مليار ليرة 60 مليون دولار في السنة. بعد هذا التقدم القضائي، تطرح التساؤلات التالية: هل هو مجرد امتصاص لحالة الغضب الشعبي بعد الإحراج الذي أصاب الاجهزة القضائية والأمنية لجهة التقصير في التحقيقات، على أن تدخل الوساطات السياسية لاحقاً في المحاكمات لتسوية الملف؟ أم فعلاً ستسلك المحاكمات طريقها وتنتهي بعقوبات عادلة تكون عبرة للفاسدين في مؤسسات وإدارات وشركات عدة في الدولة؟ والى متى سيستمر الإهمال الرسمي لقضية التجسس «الإسرائيلي» على شبكتي الاتصالات والانترنت؟

تتحدث المصادر عن ضغوط من أعلى المستويات في الدولة للإسراع في كشف الحقائق وإنهاء الملف فضلاً عن الضغوط النيابية والشعبية بعد عشر جلسات لم تحقق اللجنة أي نتيجة تذكر، مؤكدة أن أياً من الجهات لن تستطيع بعد الآن التغطية على المتهمين بعد أن أثبتت التحقيقات تورطهم وبات الملف في متناول الرأي العام. وما يؤكد ذلك قول وزير الاتصالات أمس أنني «لن أغطي أحداً في ملف الإنترنت غير الشرعي»، وتشديده على أن الجلسة هي «بدء قطف ثمار العمل القضائي في لبنان».

وعلى الرغم من قول وزير الصحة وائل أبو فاعور عقب انتهاء الجلسة بأن «حبل المحاسبة بدأ يلتفّ حول أعناق المتورطين، وأن هناك ادعاءات أخرى على متهمين آخرين، وسنتابع الأمر الى حين إعادة المال العام الى خزينة الدولة ومحاسبة المسؤولين»، إلا أن المصادر تلفت الى أن احتمال تورط آخرين بقضية التخابر غير الشرعي وارد، لكن القاضي ابراهيم لم يذكر سوى اسم ميشال المر.

ولم تتطرق اللجنة الى ملف الإنترنت غير الشرعي بسبب غياب مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود بداعي السفر والمتوقع أن يعود الشهر المقبل، فكان موضوع الجلسة محصوراً بالشق المالي، كما لم تأت على ذكر ملف التجسس «الإسرائيلي»، لأن ذلك يتطلب حضور القاضي العسكري ومدعي عام التمييز وقررت اللجنة بحثه في الجلسة المقبلة.

ونظراً لتشعب موضوع الغنترنت غير الشرعي والذي يحتاج الى أكثر من جلسة والمولج به مدعي عام التمييز والقضاء العسكري، تشير المصادر إلى اتجاه لدى لجنة الاتصالات لتشكيل لجنة برلمانية لمساندة القضاء والتعاون معه بانتظار عرض الموضوع على رئيس المجلس النيابي الذي يعتبر من صلاحياته.

ويقول خبير في ملف الاتصالات لـ «البناء» إن «عملية التخابر الدولي والإنترنت غير الشرعي لا يمكن أن تتم من دون علم وزارة الاتصالات ومؤسسة أوجيرو التي هي على اطلاع تام ودائم على كل ما يدخل ويخرج من اتصالات». وبالتالي القول بأن التخابر غير الشرعي أو الإنترنت غير الشرعي كان يتم من دون علمها غير صحيح، ويتحدث عن تواطؤ بين شركة استديو فيجين وبعض شركات الإنترنت مع أوجيرو في إطار مصالح مشتركة وتبادل للأرباح بينها.

وعلى صعيد التجسس «الإسرائيلي» يتحدث الخبير عن أكثر من 23 محطة تجسس إسرائيلية على امتداد الخط الفاصل بين لبنان وفلسطين المحتلة لمراقبة الاتصالات اللبنانية والخلوية وكل ما يمر عبر شبكات الاتصالات اللاسلكية بالأخص شبكة الماكرووايف العائدة لوزارة الاتصالات وشبكة الماكرووايف العائدة الى شركتي «ألفا» و «أم تي سي»، وتسمح هذه المحطات لـ «إسرائيل» الدخول الى الشبكة اللبنانية وسرقة المعلومات والداتا لمستخدمي الخطوط.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى