مسرحيّة «جرّة الذهب» للكاتب الرومانيّ بلاوتوس… كوميديا اجتماعية رائدة

كتب محمد زكريا توفيق

إنّها مسرحية رومانية لبلاوتوس، عنوانها «جرة الذهب»، كتبت قبل قرون عديدة وتعتبر من أروع المسرحيات الكوميدية إلى يومنا الراهن وتتركز حوادثها حول رجل في حالة عشق وهيام، لا مع امرأة أو حيوان أليف أو مع عمله الفني أو حتى مع نفسه، بل مع جرّة مملوءة ذهباً. مسرحية جميلة، خفيفة، سهلة، شائقة، لا تشعر وأنت تشاهدها بلحظة ملل أو فتور.

في مسرحيات كوميدية مماثلة ليس ضرورياً أن تكون الحوادث واقعية. الهدف جعل الحوادث والحوارات بسيطة سلسة تنساب في سهولة ويسر. والعامل الوحيد الذي يمكن أن يبطئ سير المسرحية نوبات الضحك التي تنتاب المشاهدين على نحو متواصل. المهم أن يظل الممثلون يتقمصون شخوص المسرحية، مهما طالت نوبات الضحك وعلت على العديد من شخوص المسرحية مخاطبة المشاهدين مباشرة، ومن واجب الممثل المضيّ إلى حافة المسرح ومخاطبة الجمهور بصدق.

بلاوتوس 254-184ق. م كاتب مسرحي روماني، كتب مسرحياته باللغة اللاتينية القديمة. من مسرحياته أيضاً: «بالياتا كوميديا»، «ليفيوس أندرونيقوس»، و«البيت المسكون». ويُعتقد أنه ولد في سارسينا، قرية صغيرة وسط إيطاليا. بدأ حياته عاملاً في ديكور المسرح. درس الكوميديا الإغريقية في أوقات فراغه، خاصة أعمال ميناندر. بلغ شهرة عالية إلى حدّ أن مجرد ذكر اسمه كفيل بنجاح المسرحية. مسرحياته الكوميدية معدلة من المسرح الإغريقي لكي تناسب الجمهور الروماني، وتعتبر من أقدم الأعمال الأدبية الرومانية التي وصلت إلينا مكتملة.

شخوص المسرحية:

الراوي، يوكليو البخيل ، ستافولا مدبرة المنزل ، فايدريا ابنة البخيل يوكليو ، مياادوروس الجار الثري ، لوكونيديس ابن شقيق الجار الثري ، يونوميا شقيقة الجار الثري وأم ليكونيديس ، ستروبيلوس خادم الجار الثري ، كونغريو طاهٍ ، أنثراكس طاهٍ ، خادم ابن شقيقة الجار الثري، خدم، عازفات ناي.

الراوي: سيداتي آنساتي سادتي، أهلاً ومرحباً بكم هنا! أنا مقدم برنامج الليلة. لذلك، سوف أخبركم بموضوع المسرحية التي ستشاهدونها حالاً. إنها مسرحية عنوانها «جرة الذهب». تأليف بلاوتوس، مؤلف كوميديا روماني. المسرحية عن أبخل رجل في العالم يدعى يوكليو، عندما ينام يضع من شدة بخله بالوناً على فمه لكي يلتقط به زفيره فلا يذهب سدى. يبكي عندما يغسل يديه، لأنه يكره أن يفقد قطرة ماء واحدة من بيته. إنّهما مثلان يبيّنان شدة بخله.

لدى يوكليو جرة مملوءة ذهباً خالصاً يحتفظ بها في منزله. يحرسها كل لحظة، في الليل والنهار. هو لا يثق بالطبع في أحد سوى نفسه. يعاين الجرة باستمرار للتأكد من أنها لا تزال في مكانها الخفي الآمن. لكن ثمة أمراً يحدث لهذه الجرة. أرجو لكم مشاهدة طيبة لهذه الكوميديا الرومانية الجميلة.

يُرفع الستار عن ثلاثة أبواب تفتح على مسرح خالٍ. الباب الأوسط، هو بيت البخيل يوكليو. إلى اليسار بيت جاره الثري. إلى اليمين بيت خال مهجور. يظهر يوكليو أمام داره ويطرد مدبرة بيته .

يوكليو: أنت أيتها العجوز الفضولية الحسود. اخرجي من بيتي. إياك أن تريني وجهك العكر.

ستافولا: لماذا تطردني يا سيدي من بيتك؟ أريد أن أعرف أي ذنب جنيت؟

يوكليو: لا تدّعي البراءة. أفهم ألاعيبك الملتوية جيداً.

ستافولا: لماذا تعاملني هكذا؟

يوكليو: لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟ ستجدين المزيد من هذه المعاملة إذا استمريت في قول لماذا. اخرجي من بيتي.

ستافولا: أنا يا سيدي مدبرة منزلك، ظللت أخدمك عدة سنوات، لماذا تطردني الآن؟

يوكليو: إذا لم تتحركي الآن، سوف أجعلك تركضين أسرع من السلحفاة قليلا.

ستافولا: تخاطب المشاهدين لا أدري لماذا أتحمل كل هذه المعاملة السيئة؟

يوكليو: يخاطب المشاهدين بمَ تتمتم هذه الحيزبون بينها وبين نفسها. يخاطب ستافولا قفي مكانك ولا تتحركي قيد أنملة. إلى المشاهدين هذه المرأة، هي ألعن امرأة شريرة رأيتها في حياتي. أنا متأكد من ذلك. يبدو أن لها عينين خلف رأسها. امرأة خبيثة حقاً. لا تكف عن الشمشمة لمعرفة أين أخفي جرة الذهب. الآن، يجب أن أذهب لكي أطمئن وأتأكد من أن الجرة لا تزال في مكانها. يدخل إلى بيته .

ستافولا: إلى المشاهدين أعتقد أن سيدي فقد عقله تماماً. لماذا يطردني أحياناً من بيته عشرات المرات؟ ولماذا يظل في بعض الليالي، مستيقظاً حتى الصباح. له ابنة جميلة، لكنها فتاة تعيسة، فهي تحب ولا تستطيع الزواج بمن تحب، فالعجوز البخيل يعتقد أن تكاليف الزفاف باهظة.

يظهر يوكليو أمام منزله

يوكليو: إلى المشاهدين كله تمام، لقد اطمأننت الآن قليلاً. إلى ستافولا أنت أيتها العجوز، عودي الآن إلى البيت وباشري عملك المعتاد. انتبهي على أشياء البيت.

ستافولا: كيف أنتبه على أشياء البيت؟ ليس في البيت شيء يمكن أن أنتبه عليه أو يمكن سرقته، سوى خيوط العنكبوت في الأركان وعلى الحيطان. يا سيدي ليس لديك ما يستحق السرقة.

يوكليو: حقاً، أنا رجل فقير، فقير جداً، لا تنسي ذلك. ربما أريد أن أحافظ على خيوط العنكبوت في داري. أنا فقير لكني قانع بفقري. الآن ادخلي الدار واغلقي الباب وبحق الإله جوبيتير، لا تسمحي لأي غريب بدخول داري. قد يأتيك شخص يطلب ناراً. لذلك اتركي النار مشتعلة في الخارج. هل تسمعينني؟ عندما أعود، إذا لم أجدك وضعت النار خارج الدار سألقيك أنت خارجها. أيضا، إذا جاء من يسألك ماء قولي له إن البئر جف. وإذا طلب منك أحد الجيران شيئا من أواني الطبخ أخبريه أن كل الأواني سرقت. لا أريد أن يدخل داري أي شخص وقت غيابي. حتى لو كانت إلهة الحظ فلا تفتحي لها الباب.

ستافولا: لا أعتقد أنك ترفض مجيء إلهة الحظ إلى هذا البيت. لا أعتقد.

يوكليو: صه! ادخلي الآن. تدخل ستافولا الدار الآن اغلقي الباب بالساقوطة. سأعود حالا. إلى المشاهدين آه، كم كنت أرغب في عدم ترك داري، لكنني مجبر على ذلك. العمدة يوزّع الهبات على مواطني المدينة، وإذا لم أذهب قد يعتقد الجيران أنني أخبئ ذهباً في المنزل. بالإضافة إلى أنه لن يبدو أمراً طبيعياً أن يتخلف رجل فقير عن تسلّم هبة مجانية. حسناً، سأذهب الآن حتى أعود بسرعة.

يخرج مسرعاً. يدخل المسرح، من الباب إلى اليسار، الجار ميغادوروس وشقيقته يونوميا

يونوميا: من حقي كشقيقة أن أكلمك بصراحة. أنت شقيقي وأودّ رؤيتك متزوجاً، فأنت لم تعد صغيراً.

ميغادروس: النجدة، النجدة.

يونوميا: لماذا تصرخ؟

ميغادروس: النجدة، النجدة.

يونوميا: ما بك؟

ميغادروس: في كل مرة تزورينني تفتحين هذا الموضوع وتتحدثين عن زواجي. حسناً، دعيني أخبرك أن من الأفضل أن تضربيني على رأسي بالعصا لأنني لن أسمع كلامك وأتزوج.

يونوميا: هذا كلام فارغ. أنت لا بد من أن تتزوج.

ميغادروس: أفعالك كلّها هكذا، أخبريني عن أمر واحد قمتِ به يجلب السرور.

يونوميا: الزواج أمر مفيد لك.

ميغادروس: بحق الآلهة، هل تكفين عن الحديث عن زواجي؟ حسناً، سأتزوج حتى تكفي عني، لكن بشرط، هو أن تدخل العروس بيتي اليوم وتخرج غداً.

يونوميا: توقف عن هذا الهراء. أعرف كيف أجد لك عروساً ذات مهرٍ غالٍ. سأقترح عليك واحدة.

ميغادروس: اعلمي أن هناك فتاة واحدة أود الزواج منها.

يونوميا: حسناً، أخبرني، من تكون؟

ميغادروس: هل تعرفين يوكليو، السيد العجوز جاري؟ إنه رجل فقير جداً، و… و، حسناً أنا…

يونوميا: ماذا تريد أن تقول؟

ميغادروس: أريد أن أتزوج ابنة جاري الفقير. لا تصرخي الآن في وجهي. أعرف أنها فقيرة، على الحديدة مثل أبيها. لكن فقيرة أو ثرية، أحبها.

يونوميا: باركتك الآلهة تدخل إلى البيت .

ميغادروس: إلى المشاهدين سأذهب لأقابل الجار العجوز. أرجو أن يكون في بيته. يدخل البخيل يوكليو إلى المسرح وهو متعكّر المزاج

يوكليو: إلى المشاهدين لديّ إحساس غريب بأن الأمور لن تكون على ما يرام اليوم. العمدة لم يحضر لتوزيع الهبات. لا بد من الإسراع إلى البيت لأتأكد من أن كل شيء على أفضل ما يرام. فلربما يكون قد حدث مكروه أثناء غيابي.

ميغادروس: يوكليو، من فضلك لحظة. أرجو أن يكون كل شيء على ما يرام، لك وللعائلة.

يوكليو: أشكرك، ميغادروس. باركتك الآلهة. يهم بالدخول إلى بيته

ميغادروس: أرجو أن تكون بصحة جيدة يا يوكليو.

يوكليو: إلى المشاهدين لماذا جار ثري، مثل ميغادروس، يسهب في إطراء رجل فقير مثلي؟ أخشى أن يكون على علم بجرّتي الذهبية. قد يكون ذلك سبب ظرفه المفاجئ.

ميغادروس: لعلك تكون بخير كما أحب.

يوكليو: لست كما أحب أن أكون.

ميغادروس: جميل تواضعك. أنت رجل سعيد، والسعادة هدفنا جميعاً من الحياة.

يوكليو: إلى المشاهدين لديّ إحساس بأن مدبرة منزلي العجوز أخبرته بحكاية جرة الذهب.

ميغادروس: يبدو أنك تتحدث مع نفسك. هل ثمة أمر يضايقك؟

كليو: يقلقني كوني رجلاً فقيراً. لعلّك تعلم أن لي ابنة غير متزوجة، وأنا فقير، فقير جدا، لا أستطيع أن أدبر أمر مهرها لكي تتزوج.

ميغادروس: لا تقلق كثيراً بشأن زواج ابنتك، سنجد لها شخصاً يصلح لزواجها. سأساعدك بكامل جهدي. لا تتردد في إخباري إن كان هناك ما أستطيع فعله. أعدك ببذل قصارى جهدي.

يوكليو: إلى المشاهدين لقد فغر فاه على مصراعيه، واستعدّ لشفط ما لدي من ذهب. لا أثق في هذا الرجل قيد أنملة. لن يستطيع خداعي بإظهار حفاوة مباغة، وصداقة مشكوك في أمرها. بعدما كان لا يعيرني أدنى اهتمام. أعرف هذا النوع من الناس. إنه شخصية لزجة تعلق بأي شيء تلمسه. يدخل يوكليو إلى بيته

ميغادروس: إلى المشاهدين يوكليو هذا مهموم بحكاية فقره أكثر من اللازم، أكثر من أي شخص أعرفه. أخشى إن طلبت يد ابنته أن يعتقد أنني أسخر منه.

يأتي يوكليو إلى المسرح بعدما تحسن مزاجه

يوكليو: إلى المشاهدين جرة الذهب في أمان، شكرا للآلهة. كنت قلقاً. كدت أجن من القلق. إلى ميغادروس الآن ، ماذا تريد يا سيدي أن تناقش معي؟

ميغادروس: أودّ أن أسألك أمراً وأرجو أن تجيبني بصراحة تامة. هل ترى أنني أنتمي إلى أسرة كريمة؟

يوكليو: أنا متأكد من أنك من عائلة كريمة.

ميغادروس: هل تعتقد أنني أتمتع بشخصية محترمة؟

يوكليو: بلى، شخصية ممتازة.

ميغادروس: وما رأيك في سمعتي؟

يوكليو: سمعة طيبة.

ميغادروس: بكونك لا تعترض على عائلتي أو شخصي، أرجو أن تسمح لي بالزواج من ابنتك. من فضلك قل أنا موافق.

يوكليو: هل تسخر من رجل عجوز فقير مثلي؟

ميغادروس: لا بحق السماء. لا أبغي السخرية منك.

يوكليو: إذن، لماذا تطلب يد ابنتي؟

ميغادروس: ظننت أنك ترحب بمصاهرة عائلتي، قدر ترحيبي بمصاهرة عائلتك.

يوكليو: يجب أن تدرك حقيقة أنك رجل واسع الثراء بالغ النفوذ، بينما أنا مجرد رجل فقير، فقير، فقير جداً. أفقر الفقراء. من الحمق أن تربط عائلتك الثرية بمثل عائلتي الفقيرة.

ميغادروس: هذا كلام فارغ، مجرد هلوسة. من فضلك اقبل عرضي بالزواج من ابنتك.

يوكليو: أحذرك، فليس لدي فلس واحد يمكن أن تعطيه ابنتي لك مهراً للزواج.

ميغادروس: هذا لا يهمني، حتى لو لم تعطها شيئاً. يكفيني زواجي منها.

يوكليو: أقول لك هذا كي لا تظن أنني أملك ذهباً أخفيه عن الناس.

ميغادروس: أعرف أنك أفقر من في المدينة، وهذا لا يهمني البتة.

يوكليو: ما هذه الضوضاء؟ يا إلهي العظيم جوبيتير، لقد خرب بيتي.

ميغادروس: ما الخطب؟

يوكليو: أعتقد أنني أسمع صوت مجرفة تحفر. يندفع مسرعاً إلى داره

ميغادروس: إلى المشاهدين إلى أين يندفع يوكليو مسرعاً هكذا؟ من دون أن يقول شيئا، ذهب مسرعاً. لعلّ جرعة كراهيته لي كانت مركزة. تصرّف غريب منه! يعود يوكليو من بيته هل تحاول السخرية مني بسلوكك هذا؟

يوكليو: آسف يا ميغادروس.

ميغادروس: حسناً، ما ردّك؟ هل تسمح، أو لا تسمح لي بالزواج من ابنتك؟

يوكليو: يمكنك الزواج منها، لكن تذكّر أنها لن تحصل على فلس واحد مني.

يتصافحان

ميغادروس: فلتبارك الآلهة هذا الزواج.

يوكليو: أرجو ذلك. مع ذلك، لا تنس أنك وافقت على عدم تلقي المهر.

ميغادروس: لن أنسى.

يوكليو: أنتم معشر السادة الأثرياء المحترمين تتنصّلون أحياناً ممّا اتفقتم عليه.

ميغادروس: بلى، بلى، بالتأكيد لا مهر. موافق! هل هناك أي سبب يمنع عقد الزواج الآن؟

يوكليو: فكرة ممتازة.

ميغادروس: حسناً، سأذهب لترتيب ما يلزم لعقد القران.

يوكليو: بالتأكيد. نهارك سعيد يا ميغادروس.

ميغادروس: ينادي خادمه ستروبيلوس!

يدخل ستروبيلوس قادماً من بيت ميغادروس

ستروبيلوس: نعم، سيدي.

ميغادروس: تعال معي إلى السوق. يخرج الإثنان

يوكليو: إلى المشاهدين إنه لن يقدر على خداعي البتة! أراهن أنه سمع شيئاً عن امتلاكي جرّة مملوءة ذهباً مدفونة في مكان خفي. لذلك يحرص تماماً يا أصدقائي، كله حرص على مصاهرتي. ينادي على ستافولا مدبرة المنزل ستافولا! ستافولا! تعالي هنا. ألا تسمعينني؟ اخرجي وتعالي هنا!

ستافولا: نعم سيدي.

يوكليو: بسرعة، نظفي الأواني الفخارية. ابنتي ستتزوج الثري ميغادروس اليوم.

ستافولا: اليوم؟ هذا مستحيل! لا يمكنها أن تتزوج فجأة هكذا!

يوكليو: اخرسي. أفضل لك أن تجعلي كل شيء جاهزاً لدى عودتي. أنا ذاهب الآن إلى السوق. تأكدي أنك تغلقين الأبواب ولا تفتحي لأحد أثناء غيابي. يخرج من المسرح

ستافولا: هذا مستحيل. لا أدري كيف أستطيع أن أجعل كل شيء جاهزاً في هذا الوقت القصير. تدخل إلى البيت، ثم يأتي الراوي

الراوي: الآن، سيداتي آنساتي سادتي، هل صدقتم أن يوكليو هو أبخل عجوز في هذا العالم؟ إن كنتم صدقتم، فأنتم على حق! الآن، الوقت متأخر، وأنا أرى ستروبيلوس، خادم الثري، أسفل الطريق، عائداً حاملاً الطعام الكثير. البعض أحضر الطهاة، وآخرون اتفقوا مع فرقة العازفات لحفل الزفاف.

يخرج الراوي، ويأتي ستروبيليوس ومجموعة خدم

ستروبيليوس: حسناً، لقد عدنا. هذا هو المكان! سيدي ميغادروس يريد تقسيم الكلّ جزءين.

أنثراكس الطاهي : وحياة هرقل، لن يستطيع أحد قسمتي نصفين! سأذهب إلى حيث أريد، إنّما كتلة واحدة.

ستروبيليوس: لم أعنِ ذلك. الآن انصت جيداً. سيدي ميغادروس سيتزوج اليوم من ابنة يوكليو العجوز الفقير جداً. نصف الخدم ونصف الطعام تذهب إلى دار يوكليو، النصف الآخر يذهب إلى دار سيدي.

كونغريو الطاهي : ألا يستطيع العجوز إقامة وليمة العرس لابنته؟ انها لن تكلفه كثيرا من المال.

ستروبيليوس: هيه!

كونغيريو: ماذا تعني بـ «هيه»؟

ستروبيليوس: لو عصرت حجراً لحصلت منه على شيء، لكن هذا العجوز الشحّاد لو عصرته لن تنال منه شيئاً. دعني أخبرك، إنه يفقد عقله إذا رأى الدخان يتصاعد من مدخنته. أما إذا فقد حبّة ملح فإنه يصرخ طالباً النجدة كأنه شاهد جريمة قتل!

أنثراكس: هل تتكلم جدّياً؟

ستروبيليوس: عندما يقلم الحلاّق أظافر رجليه يأخذ قصاصة أظافره إلى بيته.

كونغيريو: يا له من مخلوق كئيب بائس.

ستروبيليوس: مثل هذه الحكايات، لديّ منها الكثير. لكن لدينا الآن ما يجب عمله. الآن يا كونغريو، أنت والخادم وفرقة العازفات، اذهبوا إلى دار يوكليو. الآخرون يأتون معي إلى دار سيدي.

كونغريو: هذا ليس عدلاً! هذه حيلة خبيثة أن تجعلني أعمل في خدمة هذا البخيل النتن.

ستروبيليوس: على العكس، أقدم إليك خدمة عظيمة!

كونغريو: أيّ خدمة هذه؟ هل تمزح؟

ستروبيليوس: اصغ إليّ. في هذا البيت لن تجد شيئاً يقع في طريقك ويعوق حركتك. فالبيت خالٍ تقريباً، بينما ستجد في بيت سيدي الهرج والمرج والضيوف كلما سرت. أطباق من الذهب هنا، وصوانٍ من الفضة هناك، عليك بغسلها وتلميعها وتنشيفها. جميع أنواع الأغطية يجب غسلها وكيها ووضعها على الموائد. كما أنك لن تجد في بيت يوكليو شيئاً يحضّ على السرقة، إذ لا يوجد شيء على الإطلاق يستحق السرقة. بذلك تكون حميت نفسك من وسواس نفسك، وتأكدت من أنك لن ينتهي بك الأمر إلى السجن.

كونغريو: حسناً، أنت محقّ.

يطرق ستروبيليوس على باب يوكليو

ستروبيليوس: ينادي ستافولا، افتحي الباب.

ستافولا: من الداخل من الطارق؟

ستروبيليوس: أنا ستروبيليوس، خادم الثري ميغادروس.

تخرج ستافولا من الباب

ستافولا: حسناً، ما الخطب؟

ستروبيليوس: أحضرت لكم طاهياً وخادماً وفرقة عازفات وبعض متطلبات الزفاف. هذا كلّه على حساب سيدي الثري. أفسحي لهم الطريق.

ستافولا: تعالوا معي.

يدخل الجميع البيت، ويبقى ستروبيلوس ومجموعته

ستروبيلوس: الآن دعونا نبدأ العمل في بيت ميغادروس.

يتبع جزء ثانٍ أخير

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى