كيري ـ لافروف: تمهيد العودة للتفاهم بثلاثية الهدنة والمساعدات والتعاون العسكري لجنة الاتصالات توصل ملف الإنترنت إلى اختبار حرب برفع الغطاء عن يوسف

كتب المحرّر السياسي

بين الغارات الأميركية على الجيش السوري، ولغز احتراق قوافل المساعدات التي احترقت شاحناتها العشرين في ريف حلب، تبادل أعضاء مجموعة فيينا المسماة مجموعة دعم سورية، الاتهامات، وانقسموا حدّ تهديد الاجتماع بالانفراط، كما انقسموا حول درجة ضرورة وكيفية، فصل ما يُسمّى بالمعارضة المعتدلة وجبهة النصرة. وبينما تركزت اتهامات حلفاء واشنطن لموسكو ودمشق على تحميلهما مسؤولية فشل الهدنة وقصف قوافل المساعدات، التي نفت الأمم المتحدة قدرتها على تأكيد تعرضها للقصف، تركزت اتهامات حلفاء دمشق على ربط غارة دير الزور التي استهدفت الجيش السوري، ومهّدت لهجمات تنظيم داعش على مواقعه بالحماية السياسية التي تسعى واشنطن وحلفاؤها لتوفيرها لجبهة النصرة عبر الحديث عن مصاعب تحول دون الفصل بين جبهة النصرة والمعارضة، لتصوير كلّ استهداف للنصرة استهدافاً للمعارضة، وبالتالي اعتباره عملاً غير مشروع، ما يضع واشنطن وفريقها وحلفاءها في دائرة الشبهة بدعم الإرهاب. وهذا هو التفسير الأعمق لفشل كلّ مساعي الهدنة.

لم يتفق الذين اجتمعوا في نيويورك من وزراء دول مسار فيينا، إلا على الحاجة للمزيد من التداول والمحادثات لإعادة الحياة للهدنة، معتمدين على ما سيفعله وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري، والروسي سيرغي لافروف حتى يوم الجمعة كموعد مرتقب للاجتماع الثاني لدول مسار فيينا.

اللقاء الذي جمع كيري ولافروف قبيل اجتماع المجموعة، أفضى وفقاً لمصادر متابعة في نيويورك الى الاتفاق على السعي لمزيد من التهدئة وخفض المخاطر في الوقت الذي سيفصل سورية عن العودة لأحكام التفاهم المرتقب أن يقترن هذه المرة بالجمع بين ثلاثية الهدنة وتأمين المساعدات ووضع خطط التعاون العسكري قيد التنفيذ، متوقعة أن يتمّ هذا قبيل نهاية الأسبوع الحالي ليبدأ التطبيق مطلع الأسبوع المقبل، بالتزامن مع توجيه المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا الدعوات لجولة محادثات جديدة في جنيف، وفقاً لما نصت عليه أحكام التفاهم.

لبنانياً، يدخل وزير الاتصالات بطرس حرب اختبار نيات، مع تلقيه طلباً قضائياً بالإذن بملاحقة مدير عام أوجيرو عبد المنعم يوسف، بعدما نجحت لجنة الاتصالات النيابية في إيصال ملف الانترنت غير الشرعي إلى المنصة القضائية، وتحديد أسماء بعينها للملاحقة تقدّمها اسم يوسف، واسم رئيس مجلس إدارة «استوديو فيزيون» ومحطة تلفزيون «أم تي في» ميشال المر.

الحراك الفرنسي من جديد

فرض ملف النازحين السوريين نفسه في كلمة رئيس الحكومة تمام سلام في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك وعلى هامشها. وفي هذا الإطار، قال رئيس الحكومة تمام سلام «لا يمكننا افتعالُ الظروف السانحة، ولا يمكننا ترحيلُهم قسراً لا إلى سورية ولا إلى أي بلد آخر، فهل ندفع بهم في البحر مثلاً؟ إلاّ أنَّ بإمكاننا الضغطَ لتأمين عودة آمنة لهم، وهذا ما نفعله وما نعمل من أجله».

ولعل أبرز لقاءات رئيس الحكومة كانت مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند قبيل لقاء هولاند الرئيسين الإيراني حسن روحاني والمصري عبد الفتاح السيسي، وولي العهد السعودي محمد بن نايف، في اطار حراك فرنسي جديد لإنهاء أزمة الفراغ الرئاسي. وكشف هولاند ان فرنسا ستعمل وستتابع اتصالاتها مع جميع الفرقاء للوصول الى انتخاب رئيس وحل أزمة تجميد عمل المؤسسات. وأكد دعم فرنسا للبنان على مختلف الأصعدة، خصوصاً الامنية ودعم الجيش ودعم لبنان لمواجهة تداعيات الأزمة السورية والوجود الكثيف للنازحين السوريين. وأوضح هولاند لسلام ان فرنسا في طور الاعداد لاجتماع لمجموعة دعم لبنان، ربما في تشرين الثاني في باريس لاتخاذ ما يلزم من تدابير لمساعدة لبنان على جميع الاصعدة.

وصف الجلسة بالحريرية

في هذا الوقت حسم تيار المستقبل أمس، مصير جلسة 28 ايلول لعدم انتخاب رئيس الجمهورية. وأكد بيان الكتلة بعد اجتماعها برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة «أن مبادرة الرئيس سعد الحريري المتمثلة بدعم ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية مستمرة وقائمة، والآخرون هم المطالبون بتقديم ما لديهم من اقتراحات ومبادرات».

وفيما لا يزال الرئيس سعد الحريري غائباً، ولم يصدر عنه شخصياً أي موقف ينفي إرسال اشارات للتيار الوطني الحر عن تبني انتخاب العماد ميشال عون، كان لافتاً أمس، حضور مستشار الرئيس الحريري الاعلامي هاني حمود اجتماع كتلة المستقبل واطلاعه على البيان، في محاولة لوصف الجلسة بالحريرية.

هل تلتزم القوات مع عون!

وأكدت مصادر مطلعة لـ «البناء» «أن الخائفين من حركة الحريري خلال شهر أيلول، وإمكانية أن تؤدي الى خيار غير محسوب اطمأنوا»، لكن المصادر نفسها أكدت ان عدم انتخاب العماد عون رئيساً في 28 أيلول من شأنه أن يدفع التيار الوطني الى تصعيد ربما يحدث نقلة نوعية في سياق الستاتيكو الحالي ومحاولة كسره، ووضع الجميع أمام الأمر الواقع»، ودعت في الوقت نفسه الى ترقب تعاطي حزب الله مع الحركة العونية على ضوء التمديد الحتمي لقائد الجيش الاسبوع المقبل، لكن يبقى الامتحان الأكبر هو التزام رئيس حزب القوات سمير جعجع في هذا التحرك.

المسيحيون غير متفائلين بمشروع معين

وأبدت مصادر وزارية لـ «البناء» شكوكاً في مضي رئيس تكتل التغيير والاصلاح في تحركه المرتقب بعد 28 أيلول، مشيرة الى أن «اللجوء الى الشارع غير ناجح، صحيح أن الحالة المسيحية ممتعضة ويسيطرعليها التشاؤم، لكنها ليست متفائلة بمشروع معين لتنزل الى الشارع».

ولفتت المصادر الى «أن لحزب الله حسابات مختلفة، فهو يدرس المرحلة جيداً ويحسب الف حساب قبل أن يقدم على خطوة الشارع، هذا فضلاً عن أن القوات غير متحمسة لكن إذا قررت المشاركة، فإن مشاركتها ستكون شكلية». وقالت المصادر «أشك في أن يذهب الجنرال إلى النهاية، من الممكن أن يتراجع»، متحدثة عن «اتصالات تجري لهذه الغاية، لكن إذا ذهب الى النهاية فإنه سيلجأ الى الشارع كمتنفس ظرفي لساعات قليلة لن توصل الى نتيجة»، مضيفة «لا أحد يملك حق القبول او الرفض في لبنان بالملف الرئاسي، فلبنان رهن الصراع الايراني السعودي، وطالما لم ينقشع بصيص تهدئة على المستوى الاقليمي فلن يخرج لبنان من أزماته».

ويؤكد الرئيس نبيه بري، بحسب ما نقل عنه زواره لـ «البناء» أنه «في ظل صعوبة انتخاب رئيس راهناً لا مصلحة لأحد بتطيير الحكومة وفرط الدولة على مصراعيها، مبدياً عدم تأييده لتحرك التيار الوطني في الشارع، متسائلاً ضد مَن ينزلون؟».

في المقابل، أكد أمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان، أن التسريبات والنفي في ما يتعلّق بالجلسة المرتقبة لانتخاب رئيس الجمهورية في الثامن والعشرين من الحالي هي تقنيات لإحباط جمهور التيار الوطني الحر ولتصوير واقع غير موجود، مؤكدا أن إلغاء الميثاق هو الغاء للبنان. وأكد أن «موقفنا من انتخابات الرئاسة وسائر القضايا الوطنية غير مرتبط بأي موقف سياسي من أي طرف كان.»

واعتبر كنعان بعد الاجتماع الأسبوعي للتكتل في الرابية أن أي تحرك في طور التحضير له لا يتوقف على موقف من هنا او إشارة من هناك، وقال «موقفنا مبدئي، ومستمرون بلا عودة الى الوراء على هذا الصعيد، ولن نقف مكتوفي الأيدي أمام إلغاء لبنان.»

وفي عين التينة، ناقشت جلسة الحوار الـ 34 بين حزب الله وتيار المستقبل الأزمة العميقة التي تعاني منها المؤسسات الدستورية الثلاث وأثرها على الاستقرار في البلاد، خصوصاً بعد توقف الحوار الوطني وسبل الخروج منه، كما أكدوا على ضرورة التواصل بين الافرقاء لتأمين المخارج.

هل يرفع حرب الحصانة عن يوسف؟

ادعى المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم على ميشال غبريال المر وشركة «استوديو فيزيون»، بتهمة هدر المال العام بقضية التخابر الدولي غير الشرعي. وجاء الادعاء بمواد تصل عقوبتها الى 3 سنوات سجن، كما قدر حجم الهدر في هذه القضية بـ90 مليار ليرة.

ودعت مصادر نيابية شاركت في اجتماع لجنة الاتصالات لـ «البناء» الى انتظار حكم القاضي المنفرد ليبنى على الشيء مقتضاه، وتساءلت لماذا التركيز على ميشال المر في الوقت الذي يجب ان يكون الاهتمام والتركيز منصبين على مدير عام هيئة أوجيرو عبد المنعم يوسف المسؤول عن سرقة وهدر أموال الدولة، وغير ذلك من أمور، فالشبهات تحيط به من كل النواحي». واعتبرت المصادر «أن الاجتماعات لن تغيّر في واقع الحال، طالما أن وزير الاتصالات لم يرفع الحصانة عن يوسف للتحقيق معه، فالوزير يحاول المماطلة وتمييع الجلسات تارة بمطلب توثيق التهم الموجهة ضد يوسف، وتارة أخرى أن التهم لا تتعدّى الاهمال الوظيفي». ودعت المصادر الوزير حرب الى اثبات العكس، برفع الحصانة عن يوسف والموافقة على التحقيق معه، لا سيما أن القرار الظني لا يمكن أن يصدر من دون إجراء التحقيق.

لا تقلل المصادر النيابية نفسها مما قام به ميشال غبريال المر، لكنها تعتبر أن الهدف من التصويب على المسار المالي لـ «المر» هدفه تحييد الموضوع عن مساره الأمني الحقيقي، فالمواضيع المالية تنتهي في البلد مثل ذنبة السمكة، متخوفة من إبعاد الجانب الأمني عن الواجهة وتضييع البوصلة.

وكان وزير الصحة وائل أبو فاعور كشف قبيل جلسة لجنة الاعلام والاتصالات أن «القضاء خطا خطوات أولى وطلب الإذن بملاحقة عبد المنعم يوسف لثبوت تورطه في هدر المال العام». ولفت وزير الاتصالات بطرس حرب الى انه لن يغطي احداً في ملف الانترنت غير الشرعي، مشدداً على ان «جلسة لجنة الاتصالات هي بدء قطف ثمار العمل القضائي في لبنان». وقال النائب حسن فضل الله بعد الاجتماع «يحق لنا أن نشكل لجنة تحقيق برلمانية للتوصل الى الادعاء على المتهمين بملف الإنترنت غير الشرعي».

أمنياً، وقع إشكال تخلله تبادل كثيف لإطلاق النار في شارع مريم في دوحة عرمون بين عدد من أهالي المنطقة وسكانها من جهة وبين نازحين سوريين من جهة ثانية. وأدّت الاشتباكات إلى سقوط 4 جرحى أحدهم بحالة خطرة. دخلت وحدات من الجيش اللبناني الى دوحة عرمون وعملت على تطويق الإشكال. وأوقفت عددًا من مطلقي النار، وتلاحق آخرين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى