اغتيال الأمن في عين الحلوة
جمال الغربي
مخيم عين الحلوة إلى دائرة الخطر مجدّداً بعد عملية اغتيال استهدفت الفلسطيني سيمون طه من قبل مجموعة متطرفة، كما تؤكد مصادر فلسطينية. وتأتي هذه العملية بعد فترة من الهدوء الأمني تخللها تسليم عشرات المطلوبين للقضاء اللبناني لإنهاء ملفاتهم الأمنية، وذلك ضمن خطوة تهدف إلى بناء الثقة والوصول إلى تفاهم يحمي الأمن في عين الحلوة، وخصوصاً انّ هذه الخطوة تساعد على رفع الظلم عن الكثيرين وتطمئن الجوار اللبناني إلى أنّ المخيم لن يكون مصدر توتير وتفجير إنما مصدر أمن واستقرار للجميع.
وأكدت المصادر أنّ عملية الاغتيال هي ليست اغتيالاً شخصياً بقدر ما هي اغتيال للجهود والمساعي المبذولة من قبل الدولة اللبنانية، بالتوازي مع الجهات الفلسطينية المؤثرة في مخيم عين الحلوة من أجل تثبيت الأمن والاستقرار داخل المخيم.
ولفتت المصادر إلى أنّ المغدور كان له دور إيجابي في مسألة تسليم المطلوبين وإنهاء ملفاتهم بحكم علاقاته ونجح في ذلك مع أكثر من شخص.
وطالبت المصادر القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة أن تتحمّل مسؤوليتها في هذا الإطار، خصوصاً أنّ هذه القوة التي لم تستطع حتى الآن الحدّ من عمليات الاغتيال التي فاقت الأربعين عملية اغتيال طالت قيادات وشخصيات فلسطينية من كافة الأطراف. وذلك من خلال العمل على كشف المنفذين والقبض عليهم تمهيداً لتسليمهم إلى القضاء اللبناني.
وأضافت المصادر أنّ الجهة أو الجهات التي نفذت معظم عمليات الاغتيال معروفة لدى الجميع، وهي تحمل مشروعاً لضرب المخيمات الفلسطينية وتحديداً عين الحلوة، وأنه في حال لم يتمّ التعامل مع هذه الجهات بشكل حازم، خصوصاً أنّ هناك إجماعاً شعبياً للتخلص من أصحاب الأجندات المشبوهة الذين يتربصون بحياة الناس داخل المخيم، فإنّ مصير أبناء المخيم وأهله سيكون أسوأ مما حصل في البارد وما يحصل في مخيم اليرموك.
أما ميدانياً، فقد عمّ الإضراب العام المخيم الذي جاء تلبية لدعوة من اللجان الشعبية الفلسطينية رفضاً لاستمرار عمليات القتل في مخيم عين الحلوة، وتضامناً مع آلِ المغدور وأهالي بلدة صفورية، حيث أقفلت فيه مدارس الأونروا والمؤسسات التجارية والصحية والاجتماعية، كما أقفلت الطريق الرئيسية في الشارع التحتاني استنكاراً للجريمة وكافة الجرائم التي تستهدف النيل من أمن المخيم واستقراره وأهله.
وقد شيّعت عائلة المغدور فقيدها عصر أمس إلى مثواه الأخير في جباّنة درب السيم في المخيم من دون أن تتقبّل التعازي إلا بعد القبض على المجرمين ومعاقبتهم.
وأكدت العائلة في بيان أصدرته مع رابطة منطقة صفورية أنّ الكيل قد طفح ووصل السيل الزبى، وانّ هذا الاستهداف المستمرّ لأبناء المخيم، وبشكل خاص استهداف عائلاته، هو استهداف مباشر لوجود المخيم واستنزاف حقير لطاقاتنا التي تبذل في العضّ والتعالي على الجراح، فلا زال جرح آل البحتي ينزف وآل القبلاوي وقبلهما آل السعدي والكثير من العائلات القاطنة داخل المخيم، حتى حصدت آلة القتل والغدر في تلك المنطقة 42 ضحية حتى الآن من شباب وشيوخ ومناضلي المخيم. وأكدت انّ «هذا المسلسل الإجرامي المستمر والذي فشلت كلّ الجهود في تثبيت الأمن والاستقرار وحماية شعبنا الفلسطيني في مخيم عين الحلوة، لقد أصبحت آلة قتل ممنهجة تستهدف القضية الفلسطينية عبر استهداف نسيجها الاجتماعي والوطني، ومن هنا لن نقبل بأيّ جهود تبذل من القوة الأمنية دون تسمية الأمور بمسمّياتها، بعد أن تمّ تزويدها بجميع المعطيات والمعلومات التي تشير الى المجرمين». وطالبت العائلة «باستدعائهم الى مقرّ القوة الأمنية وجلبهم بالاعتقال انْ لزم الأمر، غير ذلك تعتبر جهود غير مسؤولة ولا ترتقي الى مستوى طموح وتطلعات شعبنا بالقوة الأمنية المشتركة وتوقعات عائلات الضحايا الكرام».
اللجنة الأمنية العليا الفلسطينية التي عقدت اجتماعاً لها في مركز القوة الأمنية المشتركة برئاسة مسؤول الأمن الوطني في لبنان صبحي أبو عرب أدانت الجريمة واعتبرت أنّ الاستهداف الآثم لم يطاول المغدور طه فحسب، إنما كلّ أبناء مخيم عين الحلوة مجتمعين.
بينما أدانت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في منطقة صيدا المحاولة الدنيئة التي تستهدف ضرب السلم الأهلي في المخيم، وتنفيذ أجندات خارجية ضدّ الشعب الفلسطيني، وطالبت كافة القوى الوطنية والإسلامية بتوحيد الجهود لدرء الفتنة ووضع حدّ لأصحاب الفتنة والمشاريع المشبوهة. وكذلك طالبت اللجنة الأمنية العليا بتفعيل وتعزيز دور وإجراءات القوى الأمنية في كافة أنحاء المخيم والضرب بيد من حديد كلّ من تسوّل له نفسه العبث بأمن شعبنا في المخيم.