تفاصيل صغيرة
«مهما كنّا أو حيثما كنّا نعيش، فإننا نشعر في قرارة أنفسنا بأننا غير كاملين. كما لو كنا فقدنا شيئاً ويجب أن نستعيده . لكن معظمنا لا يعثر على ذلك الشيء أبداً. أما الذين بإمكانهم العثور عليه، فلا تجرؤ إلا قلة قليلة على الخروج والبحث عنه».
تلك العبارات وردت على لسان عزيز ز. زاهارا بطل رواية «قواعد العشق الأربعون»، والذي يشكل إسقاطاً حديثاً لشخصية «شمس التبريزي» وفق ما قدّمته الرواية.
وهنا السؤال: إلى أيّ مدى نحن مخلصون وجادون في التعاطي مع أحلامنا وطموحاتنا؟ إلى أيّ حدّ تأخذ الخطوات العملية على طريق تحقيق آمالنا من وقتنا؟
ببساطة، نحن شعوب تهوى أحلام اليقظة وتستعيض بها عن الواقع، كأسلوب تعويضيّ بسيط وسهل ومتاح. ونحن على استعداد لأن نقضي وقتاً طويلاً في الحديث عن أحلامنا، في حين لو أننا خصّصنا جزءاً يسيراً منه في محاولة تحقيقها لأنجزنا أكثرها.
أنا لا أستخفّ بطاقة الحلم وأهميته، إنما على أن يكون مقدّمة لشحذ رغبتنا بالسير في طريق التنفيذ. أي أن يكون الحلم محفّزاً لا طريقةً لإفراغنا من إرادة العمل. ولا ننسى أن غالبية الإنجازات العظيمة في شتى مناحي حياتنا كانت في لحظة ما حلمَ لشخص ما، لا بل إن بعضها كان يعدّ في مصاف المستحيلات. وما تحقيقها إلا حكمة صريحة ومجانية تقدّمها لنا الحياة: لا شيء مستحيلاً، وكل حلم هو واقع مؤجّل يتوقف علينا أن نحجز له تذكرة العبور إلينا، أو نشق درب الوصول إليه.
فالحلم الحقيقي ليس ما نراه في نومنا، بل ما يلازمنا في تفاصيل يومنا.
وللحديث تتمة.
منى عبد الكريم