الأمم المتحدة عرقلت الاتفاق وجهود روسية – سورية أنجزته
حمص ــ سعد الله الخليل
بدأ تطبيق المرحلة الثالثة من اتفاق حي الوعر، فخرجت الدفعة الأولى من مسلحي الحي، ممن رفضوا تسوية أوضاعهم وعائلاتهم، شاملة 123 مسلحا مع 175 من عائلاتهم، إلى ريف حمص الشمالي وتحديداً إلى بلدة الدار الكبيرة، بعدما كانت وجهتهم ريف إدلب.
وعلى الرغم من أن الخطوة معلن عنها، بموجب اتفاق حي الوعر المبرم بين الدولة السورية واللجان الأهلية في الحي، التي أخذت تفويضا من الجماعات المسلحة، فإن خروج المسلحين تعذر، أكثر من مرة، إلى أن توصل الطرفان لاتفاق، الاثنين 19 أيلول، حينها، تجمع المسلحون في مداخل الحي ودخلت الحافلات لنقلهم إلى إدلب، بإشراف الهلال الأحمر السوري. وبعد تأخير لساعات، رفضت قيادات جماعة «أحرار الشام» الإرهابية، مطالبة بدخول الأمم المتحدة على خط الاتفاق، لتنفيذ المرحلة الثالثة والأخيرة منه. ورفضت الامم المتحدة، بدورها، المساهمة في العملية، ليعلن تأجيل الخطوة ليوم الثلاثاء. وسرعان ما أعلن التأجيل إلى موعد غير مسمى. وتزامنت العراقيل مع الإعلان عن انهيار الهدنة على الأراضي السورية، بموجب الاتفاق الروسي – الأميركي وتهديد «الائتلاف المعارض السوري» في بيان، باستئناف القتال في حال تم إخراج أي شخص من حي الوعر، أو من أي منطقة محاصرة في سورية، على اعتبار أنه، في هذه الحالة، تكون الدولة السورية أنهت التزامها بالهدنة. علماً أن اتفاق الوعر لا علاقة له بها.
وبمصادقة 32 فصيلاً مسلحاً، منها «حركة أحرار الشام» الناشطة في حي الوعر، بدا أن صفحة الاتفاق طويت، خصوصا أن الأمم المتحدة تبنت وجهة النظر المعارضة، التي رأت بالاتفاق خطوة في تغيير ديموغرافية الحي. وهو ما دفع دمشق لاتهام الأمم المتحدة بعرقلة خروج المسلحين من الحي إلى محافظة إدلب، لذرائع واهية، بأن الأوضاع غير آمنة وأن الفرصة لم تتوافر لدراسة الموضوع، على الرغم من أن موظفيها شاركوا بتفاصيل الاتفاق، في حين تكفلت الجماعات المسلحة بإمطار المدينة بقذائف الهاون والقذائف الصاروخية، التي استهدفت أحياء المحطة والغوطة ووادي الذهب، بالإضافة إلى مبنى جامعة البعث، ما تسبب بأضرار مادية بالممتلكات العامة والخاصة، من دون وقوع إصابات بين المواطنين.
جهود روسية تخطت العراقيل الأممية
وجاء لقاء محافظ حمص طلال البرازي، بوفد من أهالي حي الوعر، ليذلل العقبات ويحقق التفاهم على الخروج إلى ريف حمص الشمالي، وتحديداً لقرية الدار الكبيرة، التي سبق أن
استضافت مسلحي اتفاق حمص القديمة، عام 2014، برفقة الهلال الاحمر السوري، حيث تخلى المسلحون عن مطلب الاشراف الاممي. وسهل مركز التنسيق الروسي في «حميميم» تنفيذ الاتفاق وتغيير وجهة المسلحين إلى الدار الكبيرة، بعد الاستغناء عن دور الأمم المتحدة في الإشراف على تنفيذ اتفاق نقل مسلحي المعارضة، من حي الوعر في حمص، وإسناد هذه المهمة إلى عسكريين روس بدلا منهم. وهو ما كشف عنه المحافظ البرازي، تجاه دور المركز في تفعيل اتفاق حي الوعر ودعم الحوار السوري السوري، وفق برنامج عمل الحكومة السورية. ومعالجة اوضاع عشرات المسلحين وفق مرسوم العفو رقم 15 لعام 2016. ووصف البرازي غياب مندوبي الأمم المتحدة عن المصالحات والتسويات ودعم الحوار، بأنها «مواقف غير بناءة ومثيرة للاستغراب».
وفي حديثه، عقب خروج المسلحين من الحي، أكد محافظ حمص أن الحوار بين السوريين «من دون تدخل أحد، من شأنه التوصل إلى اتفاقات لإعادة الامن والاستقرار إلى كثير من المناطق، تنفيذا لبرنامج العمل الحكومي لدعم المصالحات المحلية وعودة المهجرين». ونفى أي نية لتهجير الأهالي من حي الوعر، مؤكدا أنه ستتم إعادة جميع النازحين إلى الحي، في وقت لاحق. مع عودة جميع مؤسسات الحكومة إليه ، بعد إخلائه من السلاح والمسلحين.
الخطوة التالية
ومن المقرر خروج الدفعة الثانية، البالغ عددها 130 مسلحا وعائلاتهم، خلال الايام المقبلة. ويضم حي الوعر نحو 60 ألف شخص. وسبق أن غادره نحو 300 مقاتل معارض اتجهوا إلى إدلب، في إطار اتفاق أبرم في كانون الأول الماضي، يتكون من ثلاث مراحل: الأولى، قضت بوقف اطلاق النار وخروج الراغبين من المعطلين والرافضين للاتفاق، مع سلاحهم، تقديم لائحة بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة الموجودة في الحي والسماح بعمل اللجان الإغاثية. المرحلة الثانية تمثلت بجمع السلاح المصرح عنه، إعادة تفعيل المؤسسات العامة، استمرار دخول المواد الغذائية وتقديم مخطط بالأنفاق والألغام بالوعر وعودة الأهالي المهجرين والنازحين إليه. أما المرحلة الثالثة، فتقضي بخروج دفعة من الراغبين إلى شمال سورية وتسليم القسم المتبقي من السلاح المتوسط للدولة.
وبخروج الدفعة الثانية من المسلحين، ينتهي التواجد المسلح في مدينة حمص. وتعود بكاملها إلى كنف الدولة السورية. ويتركز التواجد المسلح في الريف الشرقي، بمحيط بلدة السخنة وحقل أراك وحقول جزل والشاعر، في ريف تدمر وفي الريف الشمالي، في الرستن وتلبيسة وأريافها.
خطوات داعمة
وفي إطار دعم الاتفاقات والمصالحات، شهدت مدينة حمص تسوية أوضاع 130 شخصا من الرستن، تدمر، تلبيسة وأحياء حمص، الذين سلموا أنفسهم وأسلحتهم إلى الجهات المختصة، في إطار تنفيذ مرسوم العفو وتعزيز المصالحات المحلية. في حين كشفت مصادر مطلعة عن «جهود كبيرة للوصول إلى اتفاق محلي، بإشراف روسي، لوقف إطلاق النار والوصول إلى تهدئة في مدينة الرستن، بالريف الشمالي». كاشفة عن إجراء مفاوضات مع وجهاء المدينة، خلال الأيام القليلة الماضية، أبدى خلالها غالبية المسلحين رغبتهم في التوصل إلى حل، ينهي القصف والاشتباكات مع القوات الحكومية.