حلب: سباق بين الحرب وخلافات دول مسار فيينا حول سبل تعويم الهدنة القوميون يُحيُون ذكرى عملية «الويمبي»… والجيش يوقف قائد «داعش» في عين الحلوة

كتب المحرر السياسي

لا تزال الخلافات المستحكمة بين الدول المشاركة في اجتماع مسار فيينا، المنعقد في نيويورك، تحول دون التوصل إلى اتفاق واضح حول سبل تعويم الهدنة في سورية، من ضمن التفاهم الروسي الأميركي الذي يُجمع المشاركون على اعتباره خياراً وحيداً واقعياً متاحاً، لكنهم يختلفون حول ما يسمّونه طرق التطبيق، فتسعى واشنطن لتحويل مشاركتها في إعلان الحرب على جبهة النصرة مشروطة بأثمان جديدة تهدّد التفاهم كله، وفقاً لما يقوله المسؤولون الروس والإيرانيون في اجتماعات نيويورك، فلا حظر الطيران السوري من التحليق واستهداف التنظيمات الإرهابية، أو تأجيل استهداف جبهة النصرة، أو التسليم بصعوبة فصل فصائل المعارضة المسلحة هي طريق النصر على الإرهاب، وليست أكثر من منح سبب تشجيعي للجماعات المسلحة بالتموضع مع جبهة النصرة وامتلاك الأمل بإضعاف الدولة السورية، تمهيداً للانقضاض عليها، بينما الحزم وقطع سبل الأمل بتغيّرات عسكرية، هي الطريق لإبعاد الجماعات المسلحة عن النصرة وجلبها إلى صيغ واقعية للحلّ السياسي.

واشنطن وحلفاؤها يطرحون سقوفاً عالية، وفقاً لمصادر متابعة للقاء نيويورك، ويجعلون الدوران في حلقة مفرغة أقرب استنتاج ممكن عن الاجتماع الذي ستتلوه مشاورات يفترض أن تتضمّن لقاء يجمع وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف في لقاء اليوم لبلورة خارطة طريق العودة لتفاهم جنيف كسبيل وحيد لتعويم الهدنة، منعاً لتدهور عسكري يمكن أن يخرج عن السيطرة ويخلق وقائع يصبح من الصعب العودة عنها بعد حدوثها، كما أوحت المعلومات التي تتناقلها المصادر المتابعة لما يجري في حلب.

لبنانياً بين هموم واهتمامات السياسة والرئاسة التي تراوح مكانها، ومحاولات البحث عن مخارج من الانسداد الذي ينبئ بالأسوأ، أحيا الحزب السوري القومي الاجتماعي ذكرى العملية النوعية التي سجلت بداية تاريخ المقاومة الوطنية للاحتلال الإسرائيلي للبنان، عندما خرج البطل خالد علوان ليجسد من العاصمة بيروت برصاصاته الهادرة إرادة الخروج من الخنوع وإثبات أنّ بمستطاع الشعوب أن تكتب مصيرها بدلاً من التلهّي بكواليس السفارات والقناصل، بينما الدم الحار يقدر أن يكتب التاريخ، ويصيغ المستقبل، بالتوازي كان الجيش اللبناني يقول بالممارسة والفعل شيئاً شبيهاً لما قاله المقاومون إنّ السهر على أمن اللبنانيين ومحاربة الإرهاب عمل متواصل وجهد دؤوب، عبر النجاح الذي حققته عملية خاطفة لمخابرات الجيش في مخيم عين الحلوة، بالقبض على الرأس المدبّر لتنظيم داعش في المخيم عماد ياسين.

القومي أحيا ذكرى «الويمبي»

أحيا الحزب السوري القومي الاجتماعي الذكرى الـ 34 لعملية الويمبي البطولية التي نفذها الشهيد البطل خالد علوان ضدّ العدو اليهودي، وذلك باحتفال حاشد أقيم في شارع الحمرا.

وأكد عضو المجلس الأعلى في الحزب توفيق مهنا في كلمة الحزب أن «خيار المقاومة تحميه الدولة المدنية الديمقراطية، والتصدّي لجحافل الإرهاب التي تغزو بلادنا هو النهج الصائب في حفظ هويّتنا ووحدتنا وصيانة مجتمعنا»، مشدداً على أن «طريق الإصلاح مدخله قانون انتخاب عصريّ يعزّز الانتماء الوطني ويقوم على أساس لبنان دائرة واحدة ونظام النسبيّة خارج القيد الطائفي».

ولفت مهنا إلى أن «هذا النظام السياسي الطائفي والمذهبي والفاسد أفلس ولم يعد قابلاً للحياة ولن تبعث به الروح ولن تحييه كلّ المنشطات والمقويات والأمصال التي هي من مشتقات تركيبته»، وأوضح أن «ميزان القوى رهن وقفات العز التي يصنعها المقاومون ورهن قبضات النور والنار تتوهّج بها أرواح الشهداء والجرحى والمعوقين وكلّ المقاومين»، معتبراً أن «لا سبيل إلّا الحوار لكن ببوصلة مختلفة ووفق برنامج إنقاذي يضع أولوية بناء جمهورية ميثاقها مصالح الوطن والمواطن فوق كلّ اعتبار»، مبيّناً أن «الإدارة الأميركية ترعى الإرهاب أو توظّفه لضرب قوى المقاومة وقلاعها خدمة للمشروع الصهيوني والكيان الغاصب».

وتحدث في الاحتفال ممثلون عن حركة أمل وحزب الله والمؤتمر الشعبي اللبناني.

سلام من نيويورك: ساعدونا…

ومع تضاؤل منسوب التفاؤل بقرب انتخاب رئيس للجمهورية في جلسة 28 الشهر الحالي التي دعا إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمس، وجه رئيس الحكومة تمام سلام ومن على منبر الأمم المتحدة نداء إلى أصدقاء لبنان للمساعدة على انتخاب رئيس.

وقال سلام في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: «أدعو كل أصدقاء لبنان ومحبيه والحريصين على عدم ظهور بؤرة توتر جديدة في الشرق الأوسط، من أجل مساعدة اللبنانيين على انتخاب رئيس للجمهورية، لإعادة التوازن إلى مؤسساتنا الدستورية، وحماية نموذج العيش المشترك اللبناني، الذي هو أبرز ما تبقى من تجارب التعددية في الشرق».

وفي ملف النازحين السوريين في لبنان، طالب سلام الأمم المتحدة بأن «تضع تصوراً كاملاً لإعادة كريمة وآمنة للنازحين السوريين الموجودين على أرضه، إلى مناطق إقامة داخل سورية، وأن تتولى العمل مع الأطراف المعنيين على تحويلها الى خطة قابلة للتنفيذ في أسرع الآجال»، مضيفاً: «في انتظار بلورة هذه الخطة، نشدد مرة أخرى على الطابع الموقت للوجود السوري في لبنان، ونعلن أن بلدنا ليس بلد لجوء دائم، وأنه وطن نهائي للبنانيين وحدهم».

عملية نوعية للجيش في عين الحلوة

أمنياً، نفذ الجيش اللبناني أمس، عملية نوعية خاطفة في مخيم عين الحلوة تمكن من خلالها من توقيف أمير «داعش» في المخيم عماد ياسين «المطلوب بموجب مذكرات توقيف عدّة، والذي كان قبيل إلقاء القبض عليه، في صدد تنفيذ تفجيرات إرهابية عدة ضدّ مراكز الجيش، ومرافق حيوية وسياحية وأسواق تجارية وتجمّعات شعبية وأماكن سكنية في أكثر من منطقة لبنانية، بتكليف ومساعدة من قبل منظمات إرهابية خارج البلاد»، وفق ما أوضحت قيادة الجيش.

المسؤولية الكبرى على عاتق الفصائل

وقالت مصادر عسكرية وسياسية مطلعة على الملف لـ «البناء» إن «الجيش استغلّ غياب أي حاضنة شعبية أو سياسية للإرهابيين داخل المخيم أو خارجه لتنفيذ العملية، خصوصاً بعد نجاح الخطة اللبنانية ـــ الفلسطينية بتسليم المطلوبين في المخيم أنفسهم الى الدولة وتسوية أوضاعهم»، موضحة أن الوضع اختلف اليوم عما كان يحصل في السابق من اعتراضات وعراضات وردّات فعل لبنانية على أي عملية توقيف لقياديين من «داعش» أو «النصرة»، ودعت المصادر «الأجهزة الأمنية اللبنانية إلى البقاء بحالة حذر وترقب لمواجهة رد فعل التنظيم للثأر لأميرهم في المخيم، كما حصل في عرسال عقب إلقاء القبض على الإرهابي عماد جمعة».

كما أشارت المصادر الى أن «المسؤولية الأكبر تقع على عاتق القوى والفصائل الفلسطينية في ضبط الوضع الأمني داخل المخيم وحمايته من التنظيمات الإرهابية التي تعمل لتحويله الى يرموك ونهر البارد جديدين وتهجير اللاجئين الفلسطينيين كي يتاح لها السيطرة على المخيم، وبالتالي التمدد إلى مناطق الجوار». وشددت على أن «الجيش لا يريد زج المخيم والمنطقة في مواجهة عسكرية كبيرة لحرصه على أمن المخيم والمناطق المجاورة، لكن في حال تعرضت مراكزه وعناصره أو أي هدف مدني الى اعتداء، فإنه سيضطر للرد بيد من حديد». كما دعت المصادر جميع الفصائل والشعب الفلسطيني الى التحلي بأعلى درجات اليقظة وأضافت: «إذا قصرت القيادات الفلسطينية عن تنظيف المخيم من الارهابيين وحماية شعبها فإن مصير عين الحلوة سيكون كمصير اليرموك ونهر البارد».

التفاصيل ص 3

التمديد لقهوجي محسوم ماذا عن رئيس الأركان؟

على صعيد آخر، يعود ملف التعيينات الأمنية الى الواجهة مع اقتراب موعد انتهاء ولاية قائد الجيش العماد جان قهوجي ورئيس الأركان وليد سلمان في 29 الحالي، على أن يكون الملف على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء المفترضة الخميس المقبل، حيث بات التمديد لقهوجي بقرار من وزير الدفاع شبه محسوم في حال تعذر التعيين، بينما يبقى مصير رئيس الأركان مجهولاً في ظل انتهاء مدة خدمته الفعلية وغياب أي مخرج قانوني للتمديد له.

وقالت مصادر مطلعة لـ «البناء» إن «أي شكل من أشكال التمديد لرئيس الأركان مخالف للقانون، لأن مدة الخدمة الفعلية لضباط الجيش محددة في قانون الدفاع وهي 43 سنة ورئيس الأركان الحالي أمضاها وسيُحال الى التقاعد في 29 الحالي، وبالتالي لا يوجد أي باب أو مخرج قانوني للتمديد له، لأنه استنزف مدة الاحتياط وأي صيغة للتمديد له احتيال على القانون»، موضحة أن «وضع رئيس الأركان يختلف عن وضع قائد الجيش».

وشددت المصادر على «أن قانون الدفاع يمنع استدعاء أي ضابط من الاحتياط لتعيينه في ثلاثة مناصب وهي: قائد الجيش ورئيس الأركان ومدير عام الإدارة في الجيش»، موضحة أن «المرسوم الاشتراعي 102 ينص على أن التعيين في هذه المناصب الثلاثة يتم في مجلس الوزراء، وبالتالي مجرد إحالة رئيس الأركان الى التقاعد يقفل الأبواب أمام استدعائه من الاحتياط لتعيينه بالأصالة أو بالوكالة في منصب رئيس الأركان. وفي هذه الحالة فإن وزير الدفاع ملزم في أول الشهر المقبل بإحالة سلمان الى التقاعد».

ولفتت المصادر إلى أن «المخرج الوحيد لحل الأزمة في رئاسة الأركان هو أن يعين قائد الجيش أحد نواب رئيس الأركان الأقدم رتبة لتسيير الأعمال ريثما يتم تعيين ضابط آخر في مجلس الوزراء. ويحق لقائد الجيش تعيين ضابط من خارج نواب الأركان، لكن عليه أن يكون أقدم رتبة منهم».

الحكومة في مأزق…

وقالت مصادر رئيس الحكومة لـ «البناء» إنه «في حال حصلت جلسة لمجلس الوزراء، فإن رئيس الحكومة يفضل التعيين في قيادة الجيش ورئاسة الأركان وسيطلب من وزير الدفاع طرح أسماء على مجلس الوزراء لتعيين منها في كلا المنصبين، لكن في حال لم يتم التوافق عليها فسيتخذ وزير الدفاع القرار بالتمديد لقائد الجيش الحالي». وأوضحت المصادر أنه «حتى لو لم ينعقد مجلس الوزراء فيحق لوزير الدفاع التمديد لقائد الجيش وفقاً لقانون الدفاع، ونفت علمها بالمخرج القانوني للتمديد لرئيس الأركان الحالي، مضيفة: الحكومة أمام مأزق».

درباس: سلام ليس وحده المسؤول

وأكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ «البناء» أن سلام لم يوجه حتى الآن دعوة لجلسة لمجلس الوزراء الخميس المقبل، وإذ أكد أن موضوع التعيينات الأمنية ليس بيد رئيس الحكومة وحده، تساءل درباس: ما ذنب رئيس الحكومة إذا لم يحصل توافق في مجلس الوزراء على تعيين في المناصب المطروحة؟ ورجح درباس «مقاطعة وزراء تكتل التغيير والإصلاح الجلسة المقبلة، أما وزراء حزب الله والمرده فلم يبلغا رئيس الحكومة موقفهما بعد بانتظار استكمال الاتصالات فور عودة سلام من نيويورك».

ودعت كتلة «الوفاء للمقاومة» عقب اجتماعها الدوري القوى السياسية المعنية إلى «تفعيل عمل المؤسسات الدستورية كافة وأن تبذل مزيداً من الجهود الجدية في جو من الحرص الايجابي على تذليل كل العوائق والموانع أمام مشاركة كل ممثلي المكونات اللبنانية في الحكومة»، ورأت في «استئناف جلسات هيئة الحوار الوطني ضرورة وطنية في هذه الفترة العصيبة التي تمر بها البلاد».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى