طارق… لكل طارئ

إبراهيم موسى وزنه

مع إسدال ستارة المونديال الأخير في البرازيل، جرى التداول في لبنان حول مباراة مرتقبة ستجمع ما بين منتخبنا الوطني والمنتخب الأولمبي البرازيلي، عند سماعي الخبر ـ وكحال معظم المتابعين للحركة الكروية في لبنان ـ قلت في قرارة نفسي بأن المسألة مجرد بالون إعلامي يعبّر عن رغبة شريحة كبيرة من عشاق اللعبة الشعبية في لبنان، خصوصاً أننا تعودنا في بلادنا على كثير من هذه «الخبريات» المصنّفة كأضغاث الأحلام. وعلى ضوء الاستفسار المصحوب ببعض الاستقصاء تبيّن لي سريعاً بأن المسألة ليست مزحة عابرة أو «خبرية» أطلقها أحدهم للوقوف على ارتداداتها في الشارع الكروي الموزّع الأهواء والمتعدد المآرب، فبعد أيام معدودة تلت انتشار الخبر واتساع رقعته، أكّدت مصادر المنتخب البرازيلي الرسمية أن المباراة التي كانت مقررة في لبنان قد ألغيت لدواعٍ أمنية. ومع ذلك، أصرّ عدد من الزملاء على وصف المباراة بأنها مزحة و»مفبركة» من أصلها، لا بل جازمين ـ من دون علم ـ بأن من أطلق «الخبرية الأولى» هو نفسه من أطلق «الخبرية الثانية» بغية نفض يديه من خبر لا يقبله عقل ولا يستسيغه عاقل.

ومنذ أيامٍ معدودة، وبعد إعلان الموعد الجديد للمباراة المرتقبة بين المنتخبين اللبناني والبرازيلي في دولة قطر يوم الاثنين في الثامن من أيلول الجاري ، خرست أقلام الشك في حضرة الخبر اليقين! فماذا في التفاصيل التي غابت عن كثير من المتتبعين؟ ومن هو الجندي المجهول الذي يقف خلف هذه المباراة؟ وما العقبات التي واجهته؟ وكيف عمل على تجاوزها؟

أسئلة، طرحتها على عرّاب المباراة الشاب العشريني الطموح طارق الحاج، فلم يجد حرجاً في الرد عليها بلباقة وشطارة متسلحاً بصدق العبارة وسمو الأخلاق وعلوّ الهمة، فطارق الغارق في غرام الكرة منذ صغره، النظيف من شوائب التعصّب الأعمى لفريقه النجمة، المشجّع الحضاري لمنتخب لبنان، قادته الرغبة الصادقة إلى خدمة المنتخب الوطني حيث واكبه في الفترة الأخيرة قلباً وقالباً مستنفراً حواسه وإمكاناته… كل ما في الأمر أن طارق سمع كلاماً مشجعاً من السيد سمير شمخة الذي كان مقيماً في البرازيل حثّه من خلاله على السعي لاستضافة المعسكر الخاص بالمنتخب الأولمبي البرازيلي في لبنان وتنظيم عدد من المباريات على هامشه، هنا سارع الشاب المتخصص في فن التسويق والإدارة إلى إجراء اتصالاته مع البرازيليين والفاعلين في الوسط الكروي اللبناني، وبعد أخذ الموافقة من الخارج والتشجيع من الداخل انطلق في رسم بقية التفاصيل اللوجستية، ومع وصول الأمور إلى الخاتمة السعيدة حدث ما لم يكن بالحسبان، فعلى خلفية اندلاع المعارك في عرسال وإقفال الطريق أمام المدينة الرياضية الملعب المحدد للمباريات أرسل الاتحاد البرازيلي معتذراً عن التلبية، مقترحاً نقل المعسكر والمباريات الودية إلى بلد عربي آمن، عندها أجرى طارق اتصالاته بالاتحاد القطري لكرة القدم فلقي منه التجاوب والترحيب، ثم عمل على تحديد هوية المنتخبات التي ستلعب بمواجهة البرازيليين وهي القطري والفلسطيني واللبناني. ومنذ أيام، حضر البرازيليون إلى الدوحة وكان طارق الحاج في استقبالهم ولسان حاله يردّ على المشككين بالإرادة القوية وصلابة الموقف ووضوح الرؤية، باستطاعتنا تجاوز العقبات وتذليل الصعاب، ولو كانت الأوضاع في لبنان مستقرة لتابعنا منتخبنا الوطني من مدرجات المدينة الرياضية، طارق الحاج «يعطيك ألف عافية لأنك لا تعترف بالمستحيل».

صحافيّ وناقد رياضيّ

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى