البرزاني في بغداد.. أية أسرار!؟
نظام مارديني
تؤكد زيارة رئيس «إقليم كردستان» مسعود البرزاني لبغداد اهمية العودة إلى منطق الدولة الواحدة كما ومنطق الحوار العاقل بين العراقيين. وهي تأتي متزامنة مع الاستعداد لطرد تنظيم «داعش» من نينوى وعاصمتها مدينة الموصل. ولكن قبل الخوض في تفاصيل المعركة المقبلة في الموصل، لا بد من الاشارة إلى دلالات هذه الزيارة على الصعيد الداخلي في «إقليم كردستان»، ولعل اهمها:
أولاً، تأكيد البرزاني، أنه الرئيس الأوحد أنتهت مدة ولايته وليس هناك فراغ في رئاسة «الإقليم».
ثانياً، تأكيده التجاوب مع منطق الدولة العراقية، سيما بعدما خرق العبادي «الجدار الكردي» بالقانون والسياسة الهادئة البعيدة عن الاستفزاز.
ثالثاً، إن الزيارة جاءت في وقت يغلي فيه «الإقليم» على وقع «ثورة مطالب» للاتحادات المهنية وموظفي الدولة، وهو أي «الإقليم» ليس أكثر من خاصرة رخوة تواجه خناجر «الاتحاد الوطني وحركة التغيير».
ولكن السؤال المطروح، أين تكمن أسرار زيارة البرزاني إلى بغداد على الصعيد الخارجي، وهل قدم رئيس «الإقليم» كشفاً شافياً للعاصمة العراقية عن مصير الملايين من الدولارات المتحققة من تصدير النفط الى الخارج عبر خط النفط «كركوك جيهان» أو من خلال تهريبه بالشاحنات عبر الحدود؟
لا شك في أن زيارة البرزاني إلى بغداد، تأتي في لحظة مصيرية يحياها العراق، وفي ضوء المخطط التركي المشبوه في الموصل، وتحديداً في بعشيقة من جهة، ومن المخطط الخطير الذي تتولى تنفيذه الاستخبارات الاميركية في العراق من جهة أخرى!
وللوجود التركي الدائم في بعشيقة هدفان، أولهما هو ضمان «دواعش» منسقين مع الاستخبارات التركية وإعداد خطة عسكرية تستهدف التقاط المنسقين وإيواءهم أي ما يُسمى بمجتمع الدواعش الموالي لاردوغان. أما الهدف الثاني فهو تحقيق حلم انقرة بالاقتراب من منابع النفط العراقي في الموصل واحتلالها، وأن اهداف رأس الجسر التركي في بعشيقة المحمي من قبل «اكراد العراق» تتمثل بمنع أي قوة كردية بما فيها البيشمركة من الإطلالة على الموصل، لذا لا فرق عند الأتراك في الاهداف البعيدة المدى بين صالح مسلم ومسعود البرزاني!
أما ما تخطط له الاستخبارات الاميركية في العراق فقد كشفته معلومات استخبارية دقيقة أكدت حدوث إنزال جوي لمروحيات التحالف الدولي من نوع شينوك في منطقتي «الوطأ» و«ابو داليا» شمال بحيرة الثرثار، وتم نقل عدد من قادة تنظيم داعش الى مناطق مجهولة.
لا شك في أن هذه المعلومات الخطيرة تشكل خللاً كبيراً تتحمّل الحكومة العراقية مسؤوليته من خلال محاصرته، لمنع نقل «داعش» الى الجغرافية والديموغرافية الجنوبية بحسب المخطط الأميركي.
المراقب للمشهدين السياسي والأمني العراقي سيلحظ أنهما متورمان حد الاحمرار والتوتر.. فالعد التنازلي للمنازلة العراقية في الموصل بهدف انتزاعها من مخالب داعش قد وضع على نار حامية، وتوقيت المعركة في يد العبادي، وهو الأمر الذي دفع البرزاني إلى لملمة نفسه والذهاب إلى بغداد.
حسناً، السيد مسعود البرزاني لا يزال يسعى جاهداً أن يرث عراقاً مقسماً، من دون ان يدرك أن أميركا واصدقاءه الاتراك لا يريدونه سوى رئيس من القماش المزركش.. راقص على مفترق طرق، راقص ضائع، بين شبح جلال الطالباني وشبح نوشيروان مصطفى..