عذراً شهداءنا وأسرانا.. عربُنا يشيّعون سفاحنا بيريز
منى الحاج شحادة
لم تمض اسابيع على ذكرى المجزرة المروعة التي ارتكبها العدو الصهيوني في مخيمي صبرا وشاتيلا والتي كان «بطلها» المجرم أرييل شارون ومنفذوها عملاء متصهينون متعاملون مع العدو محسوبون زوراً على لبنان.
كل عام تتجدد الذكرى ويفتح جرح لم يندمل أصلاً ليذكّر العالم باغتصاب فلسطين وما استتبعه من حروب وتهجير وسفك دماء.
وها هو يفارق الحياة منذ أيام أحد كبار المجرمين الصهاينة، الرئيس السابق الأسبق لكيان العدو «شيمون بيريز»، والذي قاد إحدى أفظع الحروب على لبنان العام 1996، حيث صب جيشه المتوحش حمم غضبه على شعبنا بعملية قذرة اسماها المجرم المقبور «عناقيد الغضب». وراح ضحيتها المئات من الشهداء والآلاف من الجرحى جلهم من الأطفال والنساء إضافة الى التدمير الهائل الذي خلفته أيديهم الآثمة.
تبعت هذه الحرب الملعونة حروب عدة على لبنان وغزة في فلسطين، حيث سفكت وما زالت دماء ابناء شعبنا في لبنان وفلسطين العزل على مرأى ومسمع من العالم أجمع ولم نسمع سوى عبارات الاستنكار الشاجبة والسخيفة التي حفظناها عن ظهر قلب وأنفنا سماعها لولا رجال رجال.. وقفوا في وجه العدو وحيدين ينقذون شرف الأمة، بكل عزم وثبات وأنزلوا فيه هزائم قاسية.. لولا هؤلاء الأبطال القديسين لهلكنا جميعاً وذللنا.
والمعروف أن العرب اصحاب نخوة وشهامة.. لذا قررت بعض الدول العربية القيام بواجب العزاء والمشاركة بمراسم تشييع السفاح بيريز. ومن هذه الدول مصر والأردن والمغرب وسلطنة عمان بحسب ما ورد في بعض وسائل الإعلام… يا لَشهامتهم!
لا شيء يدعو للاستغراب! فهذه الدول لها علاقات وارتباطات علنية مع الكيان الصهيوني. اما اللافت في الموضوع، فهو ذلك الكم الهائل من الحزن والأسف الذي عبر عنه بعض المسؤولين والرؤساء العرب لرحيل المجرم بيريز. فها هو وزير خارجية مملكة البحرين خالد بن أحمد آل خليفة يغرد عبر تويتر: «ارقد بسلام شيمون بيريز، رجل الحرب والسلام، السلام الذي لا يزال بعيد المنال في الشرق الأوسط»!! أما الرئيس محمود عباس رئيس ما يُسمى «السلطة الفلسطينية»، فقد عبر عن بالغ أسفه وحزنه العميق لرحيل بيريز، معتبراً رحيله خسارة للإنسانية، وواصفاً اياه برجل «سلام الشجعان». وقد أبرق لعائلة قاتل أطفال فلسطين ولبنان، معزياً كما أعلنت مصادر مقربة منه أنه سيشارك شخصياً في الجنازة. وقد أورد عضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب الليكود أيوب قرا انه التقى بأحد الزعماء المهمين الخليجيين والقريبين من شيمون بيريز والذي بادره بالسؤال عن صحة بيريز، ولما أبلغه نبأ وفاته، أجهش الزعيم الخليجي بالبكاء ولم يهدأ لدقائق عدة. تعساً لكم يا زعماء الخليج!!!!!
أما رئيس السلطة الفلسطينية: فكيف لك وأنت رئيس سلطة ينبغي ان تمثل مصلحة شعب يذل عدوه كل يوم ويقتله ويدمر حياته ووحدته واقتصاده، عانى وما زال من نير الاحتلال وتحمّل التشريد والفقر وضحّى بفلذات أكباده في سبيل استرجاع أرضه السليبة، وكرامته المهدورة.. كيف سوّلت لك نفسك أن تفرط بتلك الكرامة وبتلك الأرض وبتلك الدماء الغالية، واصفة عدوك برجل السلام. أي سلام بأي نفاق!!؟؟
هل نسيت سيد عباس، مجازر دير ياسين وصبرا وشاتيلا ومجازر قانا وغيرها من المجازر التي ارتكبتها عصابات الكيان الصهيوني الذي أنت بصدد مشاركته في تشييع كبار سفاحيه!!؟؟
ماذا ستقول للبنان الذي قدّم الشهداء والجرحى من خيرة ابنائه في سبيل الدفاع عن أرضه وعن تراب فلسطين واهلها؟.. لا تنسى عشرات آلاف الأسرى الذين ما زالوا يقبعون في غياهب سجون الاحتلال المظلمة واؤلئك الذين حالفهم الحظ وفك أسرهم بعد ان امضوا زهرة شبابهم في معتقلات العدو الغاشم؟
عار عليكم ايها الأعراب.. عار عليكم أن تطأ اقدامكم تراب فلسطين المغتصبة منذ عشرات السنين وما زالت تنزف ألماً.. والعدو أعتى يوماً بعد يوم بسبب لهاثكم للخضوع علناً بين قدميه! بدلاً من ان تعملوا جاهدين لتحريرها وإعادتها الى حضن العالم العربي الكبير… عندها فقط يحق لكم ان تطأوا ارضها بعزة وكرامة وعنفوان. عذراً أسرانا.. عذرا شهداءنا.. فبعض رؤسائنا آثر التمرغ بوحل الذل والعار كرمى عيون عاهرة يهودية عشقوها وارتضوا مهراً لها دماء شعوبهم. ولكن لا.. فلتهدأ ارواحكم ايها الأسرى والشهداء الكبار.. فثمة ثلة من رجال رجال عاهدوا أنفسهم وأوطانهم على تحرير الأرض والإنسان من رجس الاحتلال ومن عار زعماء باعوا أنفسهم مقابل عروش بالية قيد الزوال!
ناشطة إعلامية في موقع حرمون طرابلس.