شريط جديد لـ«النصرة» يحذّر السنّة من القتال في صفوف الجيش وخلية الأزمة تؤكد أن لا مقايضة ولا تفاوض مع الإرهابيين

لم يخرج اجتماع خلية الأزمة المكلفة متابعة ملف العسكريين المفقودين بأي جديد حول الملف، سوى المزيد من التأكيد على أنّ الحكومة «تعمل وفق مبدأي لا للمقايضة، وحصر التفاوض في قضية العسكريين المخطوفين مع دول».

وفي وقت تحدثت معلومات عن وفد قطري دخل على خط المفاوضات في ملفّ العسكريين، بثت «جبهة النصرة» شريطاً مصوراً ظهر فيه تسعة عسكريين أسرى لديها يعلنون رفضهم دفع ثمن تدخل حزب الله في سورية. وتوجهت «النصرة» إلى طوائف لبنان بالقول: «إنّ سكوتكم عن جرائم حزب الله قد يحسَب عليكم فتدفعون أنتم الثمن»، محذرة السنّة «من مغبة القتال في صفوف الجيش ضدها».

ترأس رئيس الحكومة تمام سلام في السراي الحكومية أمس، اجتماعاًً لخلية الأزمة المكلفة متابعة ملف العسكريين المفقودين، حضره نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل، ووزير الخارجية جبران باسيل، ووزير الداخلية نهاد المشنوق، ووزير العدل أشرف ريفي. وتغيب وزير المال علي حسن خليل عن الاجتماع بداعي السفر.

وتلا مقبل مقررات الاجتماع، فأشار إلى أنّ «الرئيس سلام أعرب في بداية الاجتماع عن ارتياحه للإجماع السياسي الذي تجلى في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة حول المبادئ الأساسية التي يجب أن تعتمد في مقاربة هذا الملف. وقال: «إنّ أهمية هذا الموضوع وحساسيته تحتّمان تلاقي جميع المكونات الوطنية حول موقف واضح، بما لا يسمح بظهور أي تصدع داخلي قد يثير البلبلة أو الفتنة الداخلية التي هي الهدف الأول والأخير للخاطفين».

وأكد سلام أنّ «قضية المفقودين التي تمسّ اللبنانيين بكل فئاتهم وانتماءاتهم، هي الشغل الشاغل للحكومة، ويتم التعاطي معها باعتبارها قضية وطنية لا تتقدم عليها في الوقت الحاضر أية أولوية أخرى».

وأعرب المجتمعون عن «تعاطفهم مع أهالي العسكريين المفقودين»، وأكدوا «وجوب التعامل مع هذه المشكلة المأسوية بكثير من الصبر والحكمة، وبعيداً من التشنج والإثارة».

وتداول الوزراء «آخر المعطيات المتعلقة بالملف، واطلعوا على ما وصلت إليه المساعي المبذولة في أكثر من اتجاه، واتخذت القرارات المناسبة».

وفي تصريح له بعد الاجتماع، أكد وزير العدل أشرف ريفي، أنّ اللجنة تقوم بكل ما يمكن أن تفعله لتحرير العسكريين، مشيراً إلى أننا «قد نلتقي أهاليهم قريباً». وكان ريفي قد أشار قبل الاجتماع إلى أنّ الأمور في قضية العسكريين المخطوفين «سائرة باتجاه إيجابي»، موضحاً أنّ رئيس الحكومة تمام سلام «هو من يتواصل في شكل مباشر مع الوسيط». وأكد أنّ المهم «هو أن يتم الإفراج عن المخطوفين في شكل سريع».

وأكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أن لا معلومات لديه حول الدور القطري الذي يتم الحديث عنه، لافتاً إلى أنه «في حال كان هناك دور قطري فهو سيكون خيراً للبنان».

وكان وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، قال قبل دخوله إلى الاجتماع، أنّ اللجنة «تعمل وفق مبدأي لا للمقايضة، وحصر التفاوض في قضية العسكريين المخطوفين مع دول».

شريط مصوّر لـ«النصرة»

وفي جديد تسريبات الجماعات المسلحة حول العسكريين المخطوفين، بثت جبهة «النصرة» شريط فيديو جديداً تحت عنوان «من سيدفع الثمن؟» مدته سبع وعشرون دقيقة، يتضمن أربع رسائل إضافةً إلى رسالة صوتية قديمة لأسامة بن لادن.

وتوجهت «النصرة» في الفيديو بنداء إلى أهل السنة في لبنان، دعتهم فيه إلى نصرة من سمّتهم «أهلهم في سورية»، وقالت: «كونوا عوناً لهم وأدركوا أنفسكم قبل أن تدفعوا أنتم الثمن بتورطكم في حرب في صفّ الجيش اللبناني ضدّ إخوانكم المجاهدين، أو تدفعون الثمن كما دفعه قبلكم أهل السنة في سورية بتسلط النصيرية والرافضة عليكم». وتوجّهت إلى الطوائف في لبنان كافة، بالقول: «إياكم ثمّ إياكم أن تنصروا حزب إيران فإنّ سكوتكم عن جرائمه قد يُحسَب عليكم وتدفعون أنتم الثمن فاحذروا غضبة المظلوم».

كما توجهت الجبهة بنداء إلى الشيعة وقالت: «إنّ معركتنا معكم مستمرة طالما أنكم تتطاولون على أمهات المؤمنين وتسبّون الصحابة الكرام وإنّ مساندتكم لهذا الحزب المجرم سيجعلكم تدفعون الثمن مضاعفاً وإنّ غداً لناظره لقريب».

وتوجّهت في ندائها أيضاً إلى علماء المسلمين في العالم، بالقول: «نطالبكم بتبيان حال الجيش اللبناني حتى لا يلبّس على أهل السنّة لأنّ المرحلة القادمة ستكون حاسمة تجاه كل من ينتمي أو يقف في صفّ هؤلاء المجرمين».

وتضمّن الشريط تسجيلاً لتسعة من العسكريين اللبنانيين المخطوفين الذين تحدّثوا عن رفضهم دفع ثمن تدخل حزب الله في سورية، وهم يجلسون أرضاً تحت خيمة وخلفهم علم الجبهة.

الوفد القطري

وكانت معلومات تحدثت عن وصول وفد قطري إلى لبنان، مساءَ أول من أمس، وتوجّه الوفد إلى منطقة القلمون السورية حيث التقى أمير «جبهة النصرة» أبو مالك التلّي ودام الاجتماع أكثر من 5 ساعات». وتضاربت المعلومات في هذا الشأن حيث أفادت معلومات أخرى «أنّ شخصية سورية موفدة من قبل القطريين التقت بأبي مالك التلّي وناقشت معه مسألة العسكريين المخطوفين».

وبحسب المعلومات، كان من المفترض أن يتوجه الوفد للقاء «داعش» لكنّ هذا الأمر لم يحصل بعد بسبب تخوّف الوفد من المنطقة التي يتواجد فيها التنظيم.

وأضافت المعلومات: «أنّ البحث تمّ في أن يتولى الشيخ مصطفى الحجيري الوساطة بين الوفد والتنظيم وهذا ما رفضه الأخير بسبب مشكلات عديدة مع الحجيري. وحالياً، يتم البحث في إمكان الالتقاء في وسط منطقة القلمون».

إلا أنّ «داعش» سارع إلى نشر بيان عبر موقعه الإلكتروني الرسمي أعلن فيه «أنّ الدولة الإسلامية وبعد أن أعلنت قبولها المفاوضات غير المباشرة مع الحكومة اللبنانية في ما يخصّ الأسرى العسكريين، فوجئت بالوفد القطري الموكل إليه التفاوض من قبل الحكومة اللبنانية لأنهم يراوغون في مقابلة الجهات المختصة بالتفاوض من قبل الدولة الإسلامية». واتهم البيان: «الوفد القطري بأنه المسؤول المباشر عن عرقلة المفاوضات وعن دماء العسكريين».

وأكد الشيخ مصطفى الحجيري من جهته: «أنّ هناك أطرافاً سياسية لا تريد الحلّ»، مطالباً الحكومة بـ«اتخاذ القرار الجريء لإنقاذ العسكريين المخطوفين».

وسأل في مداخلة تلفزيونية: «لماذا لا تأخذ الدولة اللبنانية القرار؟ ولماذا تنتظر القطري كي يفاوض عنها؟».

وإذ جدّد تأكيده «ألا تواصل مع الدولة الإسلامية»، شدّد على «أنّ كلّ العسكريين بخير».

أهالي العسكريين

وكان وفد من أهالي العسكريين المخطوفين الدروز زار عرسال والتقى الشيخ الحجيري ورئيس البلدية علي الحجيري، ولم يشهد يوم أمس أي قطع للطرقات في المناطق.

ونفت هيئة العلماء المسلمين: «أن تكون قد تلقت أي اتصال من إحدى الجهات الخاطفة»، مؤكدة: «التزامها تعليق الوساطة في ملف العسكريين المخطوفين». وجدّدت التأكيد على أنّ «صفحتها الرسمية على «الفايسبوك» هي المصدر الوحيد لأي معلومة من طرفها وهي لا تعترف بأي تسريب ينسب لـ«مصادر في الهيئة»، معتبرة: «أنّ بعض وسائل الإعلام تستخدم هذه العبارة للتعمية عن مصدر آخر للمعلومات لديها».

هدوء حذر في عرسال

وفي سياق متصل، سيطرت أجواء من الهدوء الحذر على عرسال رغم عودة البلدة إلى حياتها بعد أن فُتحت المحال التجارية أبوابها كالمعتاد وعادت الحركة طبيعية داخلها، وفي حين نفى الأهالي أي وجود مسلّح في البلدة يشكك البعض في مرور بعض المسلحين في شكل متخفٍ في البلدة ما يثير حالة من القلق والخوف من اندلاع معارك جديدة، خصوصاً أنّ الحدود لا تزال مفتوحة بين لبنان وسورية الأمر الذي يزيد أهالي عرسال والمنطقة قلقاً.

وعلى رغم تعاطف أهالي عرسال مع العسكريين المخطوفين لدى «داعش» و«جبهة النصرة» هناك غضب يسيطر عليهم تجاه ما حلّ بالبلدة وبابنها كايد غدادة الذي أعدمته «جبهة النصرة» أمس، وقد ناشد أهالي عرسال الجيش اللبناني «حماية البلدة والدخول إليها للسيطرة على أي حركة خارجة عن القانون».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى