تفاصيل صغيرة

«طوبى للرصينين بالروح، طوبى لمن لا تقيّدهم مقتنياتهم، لأنهم سيكونون أحراراً…

طوبى لمن لا يتذكّرون آلامهم، وفي آلامهم يرقبون أفراحهم…

طوبى لصانعي السلام، لأن أرواحهم ستقطن فوق المعركة…

قيل لكم: إن القاتل يجب أن يسلّم للسيف، وإن اللصّ يجب أن يُصلب، والزانية يجب أن تُرجم، أما أنا فأقول لكم إنكم لستم أبرياء من جريمة القاتل واللصّ والزانية. وإذا حلّ العقاب بأجسادهم فإن أرواحكم تُظلم في أعماقكم.

لم تأتِ ساعتي بعد… إن هنالك كثيراً سأقوله لكم وكثيراً سأفعله بينكم قبل أن أسلّم نفسي للعالم…

الموت يكشف الأسرار…».

تلك مقتطفات وومضات صغيرة من كتاب «يسوع ابن الإنسان» لجبران. كلّ عبارة جديرة بالتأمل طويلاً. والأسئلة التي تطرح نفسها: كيف يمكن لأحد ما أن يضع نفسه في موضع التحليل والتحريم؟ كيف يمكن أن نُلبِس شخصاً تهمة الكفر ونعطي آخر شهادة إيمان؟ من نحن ـ أيّاً كنّا ـ لنتّهم فلان بمسّ الذات الإلهية ونقيم عليه الحدّ فنتحوّل ببساطة إلى قتلة؟ من نحن لنسفك دم من نشاء أو نكون سلاحاً لتنفيذ مآرب من يشاء بِاسم الدين ؟ كيف يرمي الإنسان عنه لبوسه الإنساني وينحدر إلى مرتبة شيطانية تحت شعار «الله أكبر»؟ متى أعطاه الله توكيلاً بالدفاع عنه؟

نتمسّك بالجهل ونحارب العقل. وننسى الحديث القدسيّ: «ما خلق الله مخلوقاً أحبّ إليه من العقل». حين ندرك أن العقل هو أحد أركان الإيمان الحقيقي، وأن الله محبة، ربما حينذاك نستحق لقب «إنسان».

فما من دين أسمى من الإنسانية، وهي أعلى درجة من درجات الإيمان… وللحديث تتمة.

منى عبد الكريم

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى