مصير الحكومة إن فشلت التسوية الرئاسية!
محمد حمية
يعود مجلس الوزراء الى الانعقاد الخميس المقبل بعد أسبوعين من تجميد الجلسات بسبب مقاطعة وزراء تكتل التغيير والاصلاح وتضامن وزراء حزب الله وتيار «المردة» معهم.
بمعزل عن الوزراء الذين سيحضرون أم سيقاطعون جلسة الخميس والقرارات التي ستتخذ فيها، غير أن التساؤلات التي بدأت تلوح في أفق الأزمة الرئاسية، هي مصير الحكومة في حال فشلت التسوية الرئاسية ووصلت جهود الرئيس سعد الحريري الى طريق مسدود؟ وهل تستطيع الصمود أمام رزمة الملفات الخلافية الداهمة الحياتية منها والاقتصادية والمالية والنفطية والأمنية كإقرار الموازنة والمراسيم المتعلقة بالنفط وغيرها الذي يؤدي تجاهلها الى كارثة اقتصادية؟ وهل الاستقالة باتت المخرج الوحيد للازمة الحكومية الراهنة؟
لا شك في أن أول ما ستواجهه الحكومة في حال سقوط المحاولة الحريرية الرئاسية هو الشارع البرتقالي الذي أعطى مهلة 16 يوماً للمعنيين لإعلان موقفهم النهائي من الرئاسة ونهايتها ستكون نقطة الصفر لانطلاقة تصعيد التيار الوطني الحر. وتقول مصادر مقربة من الرابية لـ «البناء» إن «رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ينتظر عودة الحريري من جولته الخارجية، كاشفة أن عون والحريري اتفقا خلال اجتماعهما الأخير أن يلتقيا بعد عودة الحريري وعلى ضوئه سيتقرر مآل الملف الرئاسي، إما السير بعون وإما إعلان الفشل. وأمام هذا الواقع ستكون خيارات الجنرال مفتوحة وبدايتها ستكون من الشارع الذي سيكون بمثابة الزلزال الذي سيهز الحكومة».
وتشير المصادر الى أن التكتل مستمر بتعليق مشاركته في الجلسات حتى تبيان خيط حراك «الشيخ» سعد الرئاسي الأبيض من خيطه الأسود، أما في حال أعلن الحريري الفشل، فالانسحاب من الحكومة بات الخيار المرجح لوزراء تكتل التغيير والاصلاح بموازاة التصعيد في الشارع، وفي هذه الحالة ستكون الحكومة أمام أزمة ميثاقية، بحسب مصادر مراقبة في ظل وجود الوزراء الممثلين للمسيحيين خارج الحكومة الكتائب والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية ، وأيضاً ستفقد نصابها القانوني للانعقاد في حال قاطع وزراء حزب الله ووزير المردة روني عريجي ووزير السياحة ميشال فرعون الذي أمن النصاب في الجلسة الاخيرة.
وتشير مصادر في 8 آذار لـ «البناء» الى أن «منظومة التعايش المؤسسي أو ما يسمى بشبكة الأمان التي من ضمنها الحكومة والحوار الثنائي والحوار الوطني ستكون أمام تحدٍ خطير في حال فشل المساعي الحالية على مستوى الرئاسة الأولى»، وتضيف: «بمعنى أن المؤسسات التي شكلت وتشكل على مدى عامين من الشغور البديل عن غياب المؤسسات الدستورية الفعلية استطاعت بمرحلة الشغور أن تقوم بدور هذه المؤسسات وتمرير المرحلة الصعبة بأقل الخسائر الممكنة والتعويض الى حدٍ ما عن غياب هذه المؤسسات الدستورية، لكن مسيرة الشغور وصلت اليوم الى مفترق حاسم أراد الحريري تحت وطأة هذا الوضع الضاغط وظروفه الشخصية أن يدفع باتجاه السير بخيار عون من دون إشهار الأمر علناً».
وتلفت المصادر الى أن «أهمية الحراك الرئاسي الذي يحصل الآن أنه خلق وقائع سياسية جديدة في حال النجاح أو الفشل، في الحالة الأولى أي انتخاب رئيس توافقي للجمهورية سيتجه الجميع الى الترجمة العملية لما بعد الانتخاب كتشكيل الحكومة والبيان الوزاري، أما في الثانية، فسيولد مشهد مغاير واصطفافات جديدة وستُمسّ منظومة التعايش وستكون الحكومة أولى الضحايا فضلاً عن التبدل في طبيعة العلاقات بين الأطراف لا يقتصر بين عون والحريري من جهة وبين عون والرئيس نبيه بري من جهة ثانية، بل سيترك تداعياته السلبية على الحكومة والحوار الوطني وعمل المجلس النيابي.
أما في حال بقي قصر بعبد موصوداً أمام كل المرشحين، فهل ستكون المؤسسات البديلة قادرة مرة أخرى أن تؤدي دورها أم سندخل مرحلة جديدة من التصعيد السياسي وحالة من الفوضى السياسية والأمنية؟
وتوضح المصادر أن الحكومة الحالية عملياً مشلولة وتقوم بدور تسيير الأعمال ولو بشكل غير رسمي، ولكن في حال استقالتها أقصى ما يمكن أن يحصل هو تحولها الى تصريف أعمال رسمياً ويتم الصرف على القاعدة الإثنتي عشرية وندخل في أزمة أعمق من التي نعيشها اليوم، ومآل الخروج منها إنتاج حل يبدأ بانتخاب رئيس، وبالتالي تتحول الحكومة الى تصريف أعمال بشكل طبيعي ليبدأ تشكيل حكومة جديدة.
وتعتبر المصادر أن «موقف حزب الله من الحكومة في المرحلة الماضية انطلق من ثابتتين: الأولى أولوية مراعاة حليفه العماد عون والتعاطف والانسجام مع مطالبه وحقوقه، والثاني إدراكه أن بقاء مؤسسة مجلس الوزراء مصلحة مشتركة في الظروف الراهنة في ظل انشغاله الحزب في سورية والوضع المتفجر في المنطقة. ولذلك حاول إدارة التوازن طيلة الفترة الماضية أما موقفه اليوم فسيكون على ضوء الوقائع المستجدة.
وتحذر المصادر من أننا نعيش مرحلة من الهريان المؤسسي بشكل متدحرج والمعنيون بالشأن الاقصادي شككوا في قدرة صمود البلد في حال تم فض عقد الحكومة أم استمرت بحالة الشلل ما يضع البلاد أمام اختبارات صعبة، حينها لن تنجح «حقن الأوكسيجين» في تأجيل لحظة تفجيرها من داخلها.
وكشفت المصادر أن مسؤولاً أميركياً رفيعاً زار لبنان منذ أسبوعين، والتقى حاكم المصرف المركزي رياض سلامة وقائد الجيش العماد جان قهوجي كونهما ركيزتي الاستقرار، الأمن والاقتصاد، واطمأن الى استقرار الليرة والوضع الأمني على الحدود، فهل الحكومة الحالية لم تعد أولوية لدى الغرب للحفاظ على هذا الاستقرار؟ وهل تنقل التسوية الرئاسية الموعودة لبنان الى شاطئ الأمان؟