هل انتهى التنسيق الروسي الأميركي؟

حميدي العبدالله

أعلنت واشنطن تعليق التعاون والتنسيق القائم بينها وبين موسكو من أجل التهدئة في سورية والبحث عن حلّ سياسي للأزمة القائمة. وأعقب الإعلان توضيحات على لسان البيت الأبيض والخارجية الأميركية تؤكد، أولاً على استمرار الاتصال والتنسيق العسكري للحؤول دون أيّ تصادم بين الطيران الروسي والأميركي الذي ينشط في الأجواء السورية، وثانياً، استمرار المفاوضات متعدّدة الطرف بقيادة الأمم المتحدة للبحث عن حلّ سياسي للأزمة في سورية، أيّ استمرار العمل في ما بات يُعرف بـ «مجموعة الاتصال الدولية لدعم سورية» التي توصلت إلى تفاهمات فيينا التي شكلت أساس ومضمون القرار 2254.

لكن من المعروف أنّ الحوار والتعاون الروسي الأميركي هو الذي كان يعوّل عليه من أجل إيجاد حلّ سياسي للأزمة في سورية نظراً لعلاقات واشنطن وموسكو مع الأطراف الفاعلة في الحرب الدائرة في سورية، وتعليق الحوار والتعاون بين موسكو وواشنطن يعني أنّ الكلمة الآن هي للميدان.

لكن ما الذي دفع واشنطن إلى تعليق التعاون، وهل مات هذا التعاون ولن يعود إلى الحياة من جديد؟

الأسباب المعلنة لتعليق التعاون هي غير الأسباب الحقيقية. ما هو معلن عبّرت عنه بيانات البيت الأبيض والناطقين باسم الخارجية الأميركية، وتشير إلى أنّ روسيا لم تلتزم بالاتفاق الأخير الذي تمّ التوصل إليه، ولا سيما في حلب. لا شك أنّ روسيا وافقت على الاتفاق وبذلت كلّ جهد مستطاع لوضعه موضع التطبيق، ولكن دون السماح للولايات المتحدة بتفريغه من مضمونه كما حدث في اتفاق 28 شباط، وأصرّت على أن لا يكون الاتفاق فرصة لالتقاط الأنفاس والعودة من جديد إلى المواجهة من مواقع أفضل، كما أنها أصرّت على إلزام الولايات المتحدة بتنفيذ تعهّداتها بفصل مواقع النصرة عن مواقع التنظيمات التي توافق على وقف إطلاق النار. ومما لا شك فيه أنّ هذا كان من بين الأسباب الرئيسية المباشرة التي أدّت إلى وقف التعاون الأميركي الروسي.

لكن ليس هذا هو السبب الوحيد هناك سبب آخر استفاضت بالحديث عنه الصحافة الروسية وإنْ لم يرد على لسان المسؤولين الروس، وهو اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، وخشية إدارة أوباما من أن تكون العلاقة مع روسيا وتنفيذ الاتفاق فرصة لإضعاف فرص كلينتون بالفوز في انتخابات الشهر المقبل، لا سيما بعد أن أظهرت غالبية استطلاعات الرأي عودة تقدّم المرشح الجهوري دونالد ترامب.

الاتفاق علّق ولم يمت، ويمكن العودة إليه من جديد، إما بعد انتهاء الانتخابات الأميركية، أو بعد تحوّل كبير في الميدان في غير مصلحة الجماعات المسلحة، وبالتالي يمكن الاستنتاج أنّ مدة تعليق الحوار والتعاون الأميركي والروسي قد لا تطول أكثر من أسابيع.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى