سلمان ونجله و«جاستا»…الثلاثية الذهبية!
مصطفى حكمت العراقي
تستمر الصدمات الموجعة التي تتلقاها مملكة أل سعود، من كل حدب وصوب، فلم يبق لها موقع أو ملف، متدخلة فيه، إلا وكانت الهزيمة منالها. ولم يبق لها صديق أو حليف، إلا الارهاب ومجاميعه المسلحة، ظنا منها بأن تحقيق احلام العائلة ومشاريع سلمان ونجله، لا تتم إلا بالسلاح والدم، بعد أن بدأت الخزائن بالنفاذ. واثبتت دبلوماسية العائلة فشلها في أي ملف يمكنها العمل فيه، حتى عندما استبدلت المملكة نهجها في العمل، عندما كانت تحرك أدواتها من الخلف، لتحقيق ما تربو اليه من مشاريع ودخلت بنفسها في حرب على اليمن وجلبت، في ذلك، حلفا من دول عدة، من بينها واشنطن، ولم تجني من هذا الحلف إلا الفشل الذريع في الحرب. لم تحقق أي هدف معلن عند بدء الحرب، بل انقلب السحر عليها وجنت ثمار عملها: صواريخ تضرب في عمق أراضيها وحصار غربي على تزويدها بالسلاح وغيرها من العواقب الوخيمة، التي رافقتها منذ أن امتدت مخالبها الخبيثة، في صنعاء ودمشق وبغداد وبيروت.
لذلك، أصبحت التقارير، من داخل العائلة الحاكمة، تشير بوضوح، إلى اتساع رقعة الخلاف بين أمراء المملكة وصولا لاحتمال التقسيم المتزايد، بعد أن أصبح نفوذ سلمان، منحصراً في قصره، إلى أن جاء القانون الأميركي المسمى «العدالة ضد رعاة الارهاب»، الذي يشير علنا إلى انتقام من حليف واشنطن القديم. وقد يكون عدوها الجديد، بفضل هذا القانون، بعد أن أصبح الخليج العربي، عموماً، والرياض خصوصاً، حليفاً غير ذي جدوى. وبدأ التوجه نحو حلفاء جدد في المنطقة، بعد أن يتم المخطط الاميركي بتقسيم المملكة ودفنها تحت الرمال، لتدفن معها جميع أسرار الحلف الاميركي السعودي، ليلتحق آل سعود بشاه إيران وحسني مبارك وغيرهم من حلفاء واشنطن، الذين يتم رميهم من قبل سيدهم، بمجرد انتفاء الحاجة اليهم.
ما حصل في فترة ابصار «جاستا» النور واقراره، علامات تشير لحجم الكره والعداء المتنامي للرياض وآل سعود، في مراكز القرار في واشنطن. فالتصويت الكاسح في «الكونغرس» وسرعته في اجهاض «فيتو» أوباما، وعدد الاصوات المؤيده لأقراره، كلها تنم عن بدء مرحلة إسقاط آل سعود واحتراق أوراقهم. فلم يقف مع الرياض وأموالها الطائلة، إلا سيناتوراً واحداً، من بين 97 . مما يكشف حجم الحقد ضد آل سعود. وإن العلاقة التي بدأت على ظهر سفينة حربية في قناة السويس عام 1945 ، كان أساسها الحماية الاميركية للرياض، مقابل نفطها، لكن ما أن توفرت البدائل بالنفط الصخري الاميركي، حتى سقطت الحماية الاميركية وأصبح الصديق عدواً، بسرعة فائقة. أصبحت الرياض على أعتاب عملية ابتزاز سياسي ومالي فريد من نوعه، فسيتم وضع اليد القضائية الاميركية على ما يقارب 750 مليار دولار، من الاموال السعودية في واشنطن، كخطوة أولى لتعويض الضحايا، التي تقدر بـ 3.3 ترليون دولار. ما يمهد لجعل النفط السعودي مرهوناً لواشنطن لعشرات السنين، لمجرد تسديد مبالغ التعويضات المطلوبة. وهنا ستنهل الرياض من كأس السم الذي أذاقته لاعدائها سابقا، في حرب الاسعار النفطية التي خاضتها ضد موسكو وطهران، بأمر أميركي. واضطرت الآن لتثبيت الانتاج النفطي في «أوبك»، في مؤشر لبداية اتخاذ خطوات إقتصادية مخالفة للمصالح الاميركية، مما يعمق حجم الخلاف والصراع بين الرياض وواشنطن، التي ستنعش اقتصادها وستجعل الاقتصاد السعودي يمر بخريف صعب، قد يتحول إلى قحط شديد، إن ساءت الامور أكثر بفضل «جاستا»، ما يشير ويؤكد، بأن سيف العداء الاميركي تم اشهاره بوجه آل سعود. ومخطط الانتقام دقت ساعته. وما كان على مجلسي الشيوخ والنواب الاميركيين سوى التنفيذ. أما «فيتو» أوباما فكان شكلياً، هدفه ذر الرماد في العيون، ما يؤكد بأن أيام آل سعود المقبلة، هي أصعب مما مضى، بعد أن لقنتها واشنطن درساً قاسياً في ذروة المخاض السعودي الجديد، الذي قد يذهب بالمملكة بلا رجعة، إن بقي حكم سلمان ونجله محمد، بهذه الوتيرة المبنية على شراء الذمم بالمال واستعمال القوة بتسرع وهمجية شعواء، من الملك الفعلي نجل الملك الشكلي، الذي فشل رغم زياراته المتعددة ومغرياته، بشراء الاسلحة وعروض الاستثمار، بأفشال اقرار «جاستا»، فكيف يمكن لهذا الملك الطائش، أن يحكم مملكة تعيش تناقضات عديدة وتمر بأزمات خانقة، جعلتها تفقد الحلفاء والاصدقاء تباعا. وجعلت قائمة أعدائها في تزايد، لدرجة سعي أصدقاء الماضي، إلى دفن الماضي مع أصحابه وتحويلهم إلى دول فاشلة، مكبلة بالديون والملاحقات القانونية، بعد أن كانوا يمنحون العطايا يمينا وشمالا؟
أما الرياض، فقد تجد نفسها عاجزة عن الرد على هكذا فعل أميركي، لأن التعامل بالمثل مفقود، بين السيد وعبيده. كما أن المال والنفوذ السعودي لم يؤت ثماره قبل إقرار القانون. ولم يبق سوى الاستعانة بالصديق القديم – الجديد للمملكة تل أبيب ، الذي يمتلك لوبيا هو الاكبر والاقدر في واشنطن. لكن هذا لن يكون مجديا، لأن الكيان الصهيوني لن يختلق الخلاف والعداء مع واشنطن، الحليف الاهم والاوثق لـ «إسرائيل»، لمجرد الوقوف مع الرياض. وهذا غير ممكن.