تصعيد الحرب في اليمن: لا أفق غير الحلّ السياسي
حميدي العبدالله
شهدت الحرب اليمنية في الأيام القليلة الماضية تصعيداً غير مسبوق، إذ قامت طائرات «التحالف العربي» باستهداف مجلس عزاء في صنعاء ذهب ضحيته أكثر من 700 بين شهيد وجريح، وردّت القوات اليمنية على هذه المجزرة بتوعّد السعودية بتصعيد عسكري داخل الأراضي السعودية، وتنفيذاً لما وعدت به القيادة العسكرية اليمينية فقد أطلق صاروخ باليستي على قاعدة عسكرية في الطائف وتمّت مهاجمة مواقع للجيش السعودي في مناطق قريبة من الحدود اليمنية في جيزان.
يتوقع أن تشهد جبهات القتال، بما في ذلك جبهات القتال على الحدود مع السعودية تصعيداً كبيراً في الأيام القليلة المقبلة، لا سيما في ضوء إعلان اليمن عن التعبئة العامة ودعوة القادرين على حمل السلاح الالتحاق بالقوات المسلحة اليمنية، سواء الجيش أو اللجان الشعبية.
لكن السؤال الأهمّ إلى ماذا سيؤول هذا التصعيد، وهل البحث عن تسوية برعاية الأمم المتحدة قد أسدل الستار عليه بشكل نهائي؟
مهما بلغ مستوى التصعيد من كلا الطرفين المتصارعين فإنّ الحسم العسكري لصالح أيّ طرف بات أمراً مستحيلاً. فمنذ ما بعد تشكيل «التحالف العربي» وبدء «عاصفة الحزم» توقف زحف الجيش اليمني وخسر مواقع كثيرة كان قد سيطر عليها، وبات واضحاً أنّ قدرته على استئناف الزحف من جديد والسيطرة على المناطق التي استعادتها قوات هادي مدعومة بالتحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية أمر أقرب إلى المستحيل ولم يعد حتى في حسابات القيادة العسكرية اليمنية.
من جهة أخرى أيضاً قوات هادي وقوات «التحالف العربي» غير قادرة هي الأخرى على السيطرة على مناطق جديدة غير المناطق التي سيطرت عليها في الأشهر الأولى بعد انطلاق عملياتها العسكرية.
واضح أنّ أيّ زجّ جديد لقوات إضافية من قبل كلا الطرفين لن يقود إلى قلب المشهد الاستراتيجي، أيّ أنّ أيّ حشد إضافي قد يساعد هذا الطرف أو ذلك على تحقيق مكاسب محدودة في هذه الجهة أو تلك، ولكن لا يستطيع أيّ طرف حسم الحرب اليمنية لمصلحته. هنا الوضع يختلف جذرياً عن الوضع في سورية، على الأقلّ من هذه الناحية، وبالتالي فإنّ قدر الأطراف المتصارعة في اليمن أن تعود من جديد إلى طاولة الحوار للبحث عن تسوية وحلّ سياسي يضع حداً للحرب الدائرة.
قد يستمرّ التصعيد أياما وحتى أسابيع وربما أشهراً قليلة، ولكنه في نهاية المطاف محكوم بالبحث عن الحلّ السياسي والتسوية على قاعدة تقاسم السلطة وفقاً لموازين القوى الميدانية.