يوسف: المؤامرة دخلت من الضعف الداخلي في شخصيتنا أحمد: الأزمة كشفت عري النخب الفكرية فاكوش: إعادة بناء الإنسان أهم سبل مواجهة التطرف

دمشق ـ سعد الله الخليل

رأى الكاتب حسن م يوسف أن العالم العربي لم يحسن استثمار الإنسان بينما نجح آخرون، واستشهد بقول مهاتير محمد: «حين أريد أن أصلي أتجه نحو مكة، وحين أريد أن أتوجه نحو التعليم أتجه نحو اليابان، حيث تتلخص تجربتها بالتعليم بمنح المعلم راتب وزير، وهيبة الضابط واحترام الامبراطور». وتابع يوسف بالنظر إلى الأرقام ففي آخر موازنة وقعها مهاتير محمد، كانت حصة التربية والتعليم 23 في المئة من الإنفاق الحكومي، واعتبر يوسف: «أن بناء المنظومة التعليمية الماليزية أنقذت الاقتصاد والمجتمع».

ولفت الكاتب خلال ندوة لجمعية سورية المدنية بعنوان «الفكر المتطرف ودور الدولة والمجتمع بالتصدي له» إلى أن تصدير الغرب للتطرف أتى وفق منهجية تعتمد على الكذب الممنهج، وأن الفكر المتطرف لم يكن وليد الأمس ولم يبدأ هجوم الوهابيين على سورية منذ 4 سنوات إنما منذ 25 سنة، حين عملوا على التغيير في بنية المجتمع وحتى المرافق الأساسية من مطاعم ومقاه بما يناسب فكرهم وعقليتهم، وأضاف: «تفاعلت نقاط الضعف في المجتمع السوري مع تلك التغيرات ببطء حتى ظهرت للعلن حالات متطرفة، واستطرد قائلاً: «الفكر المتطرف أتى من 37 ألف جامع ومسجد وعند مقارنة عدد الجوامع بالجامعات نجد أن النسبة غير متوافقة بكل بساطة»، وتابع: «عرف الوهابيون نقطة ضعف المجتمع السوري وهي المال. تسللوا للمجتمع منها عبر الفعاليات الاقتصادية لتغيير طبيعتها ببطء ودراية».

وحمّل يوسف الدولة المسؤولية الكبرى في انتشار الفكر المتطرف، كونها لم تقم بأي فعل للمواجهة، واستغرب «كيف منعت الدولة تغيير طبيعة صالات السينما على رغم غياب السينما في سورية وسمحت بتغيير طبيعة عشرات المطاعم الكبرى بخلفيتها الثقافية والاجتماعية بكل بساطة؟». معتبراً: «أن الدولة مسؤولة في كل بلدان العالم عن القضايا المجتمعية، فحين تقصر العائلة وتصبح شخصية الطفل مهددة، تتدخل الدولة لحمايته ومنحه لمن هو قادر على تربيته لأنه ببساطة نواة المجتمع».

وقال الكاتب السوري: «ما جرى في سورية مؤامرة كبرى دخلت من الضعف الداخلي في شخصيتنا، فحتى اليوم يدفع «داعش» رواتب مغرية لعناصره 400 دولار لغير المتزوج و500 للمتزوج ومن ليس لديه أولاد، وتصل إلى 1600 دولار لمن لديه ستة أولاد». وأضاف: «للأسف منذ بداية الحراك ظن التقدميون أنهم قادرون على التغير في ظل المعادلة الاجتماعية القائمة في سورية وسيطرة المتدينين وعلى الأخص الإخوان المسلمين كقوة منظمة على مشهد الحراك، فإذ بهم بأحسن الأحوال الزهرة على التابوت أو نقطة الزيت على سطح البرميل وتصور البعض أنه البرميل».

إعادة النظر بالمفاهيم الكبرى

من جهة أخرى، رأى المحلل شادي أحمد أن قضية التطرف تطرح تساؤلات كبرى حول ماهية التطرف. هل هو تطرف إسلامي فقط؟ أم هناك تطرف علماني؟ وتطرف إسلامي معتدل؟ وعن دور الدولة في مواجهة هذا التطرف. وهل توجد في سورية فكرة مجتمع حقيقي أم فكرة تجمع لبعض المكونات في المجتمع؟

واعتبر أحمد أن هذه الأسئلة تعود بالمتابع إلى ما قبل الأزمة لمفاهيم كانت بمثابة المسلمات كالوحدة الوطنية والدولة والمجتمع، وأضاف: «أيقظتنا الأزمة على وضع مفعم بالشعارات خال من المضمون الحقيقي، لذلك لم نعد نميّز بين خريج الجامعة وخريج الجامع في السنوات الماضية، ولا بد من إعادة النظر في هذه المفاهيم والثقافة التي عممتها، لا سيما أن الأزمة كشفت عري النخب الفكرية في سورية وقصورهم بشكل كبير، بعد أن كانوا يملأون الشاشات والمنتديات والبعثات ويقمعون أي شخصية شبابية» وتابع: «مع بدء الأزمة وجدنا من انكفأ ومن اختبأ ومن انطفأ، وهذا السقوط للنخب التي أنتجها النظام السياسي وهذه النخب نراها اليوم تروّج لفكر التطرف، وفجأة ظهر الذين انتقلوا منهم من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين».

محو ذاكرة الدم والأذرع القاتلة

ورأت الدكتورة شاهيناز فاكوش أن مواجهة التطرف تمر بثلاث أقنية تبدأ بإعادة بناء الإنسان الطفل في المجتمع لمحو الذاكرة التي صنعها الدم والأذرع القاتلة.

وأضافت فاكوش في حديث إلى «البناء»: «التعاون مع شريحة الشباب هو القناة الثانية»، وتابعت: «المطلوب الوقوف عند الشباب وضرورة فتح حوار معهم على مدار الساعة للوصول إلى مداخيلهم وأفكارهم وتنقية هذه المداخيل لضمان عدم انجرافهم في الفكر التكفيري، في ظل المغريات الكبيرة التي يقدمها أصحاب هذا الفكر وأتباعه والتي في بعض الأحيان يعجز المجتمع على تقديم ما يجاريها، وهو ما يستدعي وجود فكر حقيقي يغني هؤلاء الشباب عن تلك المغريات».

وأردفت فاكوش: «أما القناة الثالثة لمواجهة التطرف فهي الإعلام والتعليم، فما يصدره الإعلام من أفكار تكفيرية عن قصد أو غير قصد كتكرار بعض المشاهد يجعلها اعتيادية أو ترويج بعض المصطلحات ولو من باب النفي والتنويه يجعلها تتمكن من المتابع وتصيبه في المقتل»، وبحسب فاكوش يبقى دور الدولة والمثقفين التعاون مع الجهات المعنية لتنقية قطاع التعليم وإعادة صياغة مناهجنا بالشكل الأمثل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى