تقرير لماذا تعطّل المسار الدبلوماسي بين مصر وإثيوبيا؟
بين الخطر والمؤامرة، يبقى ملف سد النهضة الإثيوبي، نقطة تحول في تاريخ العلاقات المصرية – الإثيوبية.
فقد جاء بناء سد النهضة الإثيوبي على نهر النيل، مثل القشة التي قصمت ظهر البعير. وباتت العلاقات بين الدولتين على المحك وإن تصنَّع مفاوضو البلدين الابتسام أمام عدسات التليفزيون. إذ بعد إصرار إثيوبيا على الاستمرار في بناء السد، من دون الالتفات إلى تحذيرات الخبراء، في هذا الشأن. وبعد أن وصلت المفاوضات إلى طريق مسدودة، نتيجة تدخل جهات خارجية ودول في الضغط على الجانب الإثيوبي وتمويله، للمضي قدما في بناء السد لا تزال مصر تبحث عن حلول دبلوماسية بعيدا عن دعوات التدخل العسكري، أو حتى اللجوء إلى التحكيم الدولي، أملا في عودة العلاقات بين الشعبين المصري والإثيوبي إلى طبيعتها.
وفى الوقت الذي جلس فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي، مع نظيره السوداني عمر البشير، لمناقشة ودعم ملف الأمن المائي للدولتين، في القاهرة حيث أكد الجانبان حرصهما على توثيق المصالح المشتركة التي تجمعهما بإثيوبيا وقبل أن ينتهي الاجتماع، خرج تقرير وكالة «أنباء الأناضول» التركية شبة الرسمية، على لسان مراسلها في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، تحت عنوان: «التليفزيون الحكومي الإثيوبي يتهم مصر بدعم جبهة «الأورومو» المعارضة المسلحة في خطوة غير مسبوقة».
وقد أعقبت ذلك، أنباء عن استدعاء وزارة خارجية إثيوبيا السفير المصري لديها، للاحتجاج. لكن سرعان ما نفى السفير المصري، أبو بكر حنفي، ما نشر. وقال: لم توجه أي اتهامات إلى مصر، لكن تم طلب تفسير لما نشر في «وكالة الأناضول التركية» عن دعم مصر لمجموعات «الأورومو»، التي قامت باحتجاجات وأعمال شغب خلال الفترة الماضية، أدت إلى إعلان الحكومة الإثيوبية حالة الطوارئ في البلاد».
وكانت إثيوبيا، شهدت احتجاجات عنيفة من قِبل سكان منطقة أوروميا، التي قامت الحكومة الإثيوبية مصادرة أراضيها، في الفترة الأخيرة، مما أثار غضب السكان اعتراضا على قرار سيهدد أراض يسكنها تقليديا، أفراد من أوروميا، إحدى أكبر قوميات جمهورية إثيوبيا الفدرالية، بنسبة تتجاوز 39,5 في المئة من إجمالي سكان الجمهورية، بتعداد يتجاوز 25 مليون نسمة.
والجدير بالذكر، أن العلاقات بين مصر وإثيوبيا كانت تتمتع بالهدوء في عهد الرئيس جمال عبدالناصر، الذى توغلت شعبيته في القارة الأفريقية وكانت له علامة فارقة فيها وتجد صورة الرئيس الراحل عبدالناصر في مقر الاتحاد الإفريقي في إثيوبيا، لكن مع تولي أنور السادات الحكم في مصر، خلفاً لعبد الناصر بدأ التوتر مع إثيوبيا وبقيت التوترات بين البلدين خلال فترة السادات، إلى أن بدأت فترة الرئيس الأسبق حسنى مبارك، حيث بدأ توطيد العلاقات بينهما إلى حد ما، حيث كان الرئيس مبارك يشارك في اجتماعات الوحدة الأفريقية ويشيد بنظام اجتماعاتها وتمنى أن يحذو العرب حذوها في هذه الاجتماعات المنظمة، إلى أن جاءت حادثة محاولة الاغتيال الشهيرة للرئيس مبارك في العاصمة أديس أبابا، عام 1995 وكانت هي الأساس في انصرافه عن القضايا الإفريقية، خصوصا مع إثيوبيا، حيث شعر بأنه إذا اتجه إلى أي دولة أفريقية، قد يتعرّض للاغتيال. وأصبح يوفد رئيس الوزراء أو وزير الخارجية المصري، لحضور المؤتمرات الخاصة بالقمة الأفريقية ومتابعة القضايا الأفريقية المختلفة وهو ما جعل أطرافاً أخرى تتدخل في الشأن الإفريقي وتفرض نفسها على الساحة الإفريقية، خلال السنوات الماضية. كما أدى إلى اتخاذ إثيوبيا قرارات من دون التنسيق مع مصر، خلال تلك الفترة.
ويبقى السؤال مطروحا بعد تصاعد أزمة جماعة «الأورومو»، حول مصير المسار الدبلوماسي المتعطل بين مصر وأثيوبيا، في قضية سد النهضة.