حركة بلا بركة؟
حسين حمّود
ما يزال الحراك الرئاسي على حاله، بالرغم من الأجواء الملبّدة لبنانياً وإقليمياً ودولياً، والمرشحة للتزايد في المرحلة المقبلة وفق معطيات ميادين القتال على الجبهات المشتعلة في سورية واليمن والعراق، والتي لا تشي بأية تسويات محتملة في المدى المنظور أو حتى أيّ نوع من الهدنات التي تسمح بمعالجة عدد من الملفات العالقة بين الدول المتقاتلة، ومنها الملف الرئاسي اللبناني.
وفي حين تلقف بعض القوى السياسية تغريدة القائم بالأعمال السعودي في لبنان وليد البخاري التي امتدح فيها سلوك الوزير والنائب السابق جان عبيد عندما كان وزيراً للخارجية، فإنّ التغريدة بحسب أوساط متابعة، لم تكن بريئة. فالرياض لم تعتد إطلاق مواقف كلامية ليست لها مرتكزات واقعية، لكن هذا لا يعني أنّ الرياض تزكّي عبيد كمرشح لرئاسة الجمهورية، بل المقصود هو بلبلة الأجواء الرئاسية اللبنانية كون القيادة السعودية تعلم أنها ليست صاحبة القرار في هذا الشأن، إنْ كان على المستوى اللبناني الداخلي أو على الصعيدين الإقليمي والدولي المؤثرين على الساحة اللبنانية.
ولاحظت الأوساط المشار إليها إلى أنّ القيادة السعودية تعمل، في الشأن اللبناني، على خط مستقلّ عن حراك الرئيس سعد الحريري الذي توجه إلى الرياض مجدّداً ثم زار باريس وبعدها سيحط في تركيا، علماً أنّ الموقف التركي من الاستحقاق الرئاسي اللبناني قد ينضج خلال اجتماع القمة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الموجود في الرياض والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، وبالتالي فإنّ الحريري لن يخرج عمّا تقرّره القيادتان المذكورتان.
لبنانياً، لن يكون لحراك الحريري أيّ مفعول، تقول الأوساط، فالنار المشتعلة في الإقليم تواكبها جبهة متفجرة بين حزب الله والرياض، ما يعني أن لا مظلة سياسية لتحرك الحريري تضمن وصوله إلى خواتيم إيجابية، كما أن لا مؤشرات مرئية ولا معطيات ملموسة لأيّ توافق أو على الأقلّ هدنة بين إيران والمملكة، حتى يسلك الملف الرئاسي سكة التوافق. وتتساءل الأوساط هل يمكن أن توصل الرياض حليفاً لحزب الله إلى سدة الرئاسة الأولى في وقت تحاول الرياض بشتى الوسائل الديبلوماسية وغير الديبلوماسية عزله وإبعاده عن دائرة القرار في لبنان والإقليم؟
هذا في الحساب الإقليمي، أما على الصعيد المحلي فإنّ كلّ الحراك الجاري على الصعيد الرئاسي ما هو إلاّ «حركة بلا بركة». وهو ليس سوى تعبئة فراغ وتقطيع للوقت بانتظار تطورات الأوضاع في المنطقة. لكن هذا المعطى لن يكون في مصلحة إنجاز الاستحقاق الرئاسي اللبناني إذ أنه يتجه نحو التصعيد أكثر، وهو ما تجمع عليه كلّ الأطراف المعنية بالأوضاع في الإقليم، ولا سيما بعد انكشاف التآمر الأميركي بشكل مفضوح، إنْ في العراق او في سورية، من خلال استمرار دعم الجماعات المسلحة الإرهابية وعدم بروز أيّ سلوك سياسي أو عسكري جدي للقضاء على هذه الجماعات أو على الأقلّ الحدّ من تأثيرها الميداني. وهذا ما يدأب على تأكيده الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وقيادات الحزب في كلّ خطبهم ومواقفهم، علماً أّن الدعوة إلى فصل الأزمة اللبنانية عن أزمات المنطقة لن يكون بمقدور تيار «المستقبل» حمل أثقالها في مواجهة الوهابية السعودية ومن يدور في فلكها.