«البناء»: قومية أكثر اجتماعية… ومهنية أكثر
تصدر «البناء» من اليوم باثنتي عشرة صفحة تجدها كافية لقول ما يجب وإيصال الرسالة، محاولة جعل التحدّي فرصة، فرصة لتكون قومية أكثر واجتماعية، ولكن مهنية أكثر، وهذه الفرصة هي تحدّ بحدّ ذاتها، وقد اعتدنا أنّ الصحافة كلما التصقت بهوية ابتعدت عن المهنية، لكننا خضنا غمار التحدي معاً منذ سنتين ونصف السنة، وأثبتت «البناء» قدرتها وأهليتها لتكون لسان حال الخيار المقاوم بألوان الطيف كله. الخيار المتمسك بوحدة النسيج الاجتماعي بوجه مشاريع الحروب الأهلية والفتن والتقسيم والتفتيت وضياع الهوية. الخيار الواقف بكلّ قوة بوجه الإرهاب المتناسل من رحم واحد مهما تعدّدت التسميات ومهما صيغ بلغات متعدّدة. فالرحم هو المشروع الصهيوني الذي لا يُخفي حبل السرة الذي يربطه بكلّ متفرّعات الإرهاب والتكفير والعنصرية، فهو أمّها وأبوها ومشغِّلها وحاضنها، وكلها «إسرائيليات صغيرة» تحلم بأرض ميعاد، وتحمل مشروع «شعب الله المختار».
في الحلة الجديدة تبويب «البناء» ينقل أخبار سورية الطبيعية أو المشرق العربي تحت عنوان الوطن انسجاماً واقتراباً من القناعات، دون تكييف وتلاعب بالحقائق، فالقناعة راسخة بأنّ الحق الذي تمثله القناعات والعقائد والمبادئ، والحقيقة التي تمثلها الوقائع والمعلومات الواجب الإطلاع عليها، يتكاملان ولا يتناقضان، أما الموقف والتحليل فله مكان يلازم الخبر ولا يجانبه، ولو اصطف إلى جانبه.
قومية أكثر لكن اجتماعية أكثر أيضاً، ليس بالتبويب فقط بل بمساهمات القوميين الذين أخذت «البناء» على عاتقها أن يكون ميزان نجاحها بأن تُشعرهم أنّها صحيفتُهم التي يحتاجونها والتي يحبّونها ويباهون الآخرين بها، فتغنيهم عن أيّ صحيفة أخرى وتزيد أنها فوق ما ينتظرونه من أيّ صحيفة، أشدّ التصاقاً بالحق وبالحقيقة، وأعمق قراءة للحدث والخلفيات، وأشدّ التصاقاً بهم، بقضيتهم وعقيدتهم وحزبهم، تتوق ليرفدوها بمقالاتهم ومساهماتهم وأخبارهم وأخبار المناطق والناس الذين يلجأون إليهم طلباً لعرض مظالم الإهمال والفساد والفقر ونقص الخدمات، فالمجتمع الأول الذي تلامسه «البناء» وتطلّ عبره بصفتها اجتماعية أكثر هو مجتمع القوميين ومساهماتهم وتلمّسهم قضايا المجتمع وتناولهم لها على صفحاتها.
في الحلة الجديدة «البناء» مهنية أكثر، بتبويب يستوحي خبرة الصحيفة الفرنسية العريقة «لوموند»، حيث تتوزّع كلّ الصفحات تقريباً وفق تصميم يُفرد زوايا للأخبار القصيرة، والأخبار المصوّرة، ليبقي صدر كلّ صفحة لمواضيع رئيسية يعالجها المحرّرون، بتجميع ما يتصل بها من معلومات وإضافة الخاص، والتعليقات للمعنيين، والآراء للخبراء، ترافقها المقالات التي شكلت وستبقى تشكل واحداً من عناصر القيمة المضافة التي تميّزت بها «البناء».
تحية مع الحلّة الجديدة لورشة العمل التي استمرّت أسابيع، أشرف عليها ورعاها رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي علي قانصو، وكان الشريك اليومي فيها عميد الإعلام في الحزب معن حمية، وتابعها ورافق تطبيقها كلّ من موقعه مدير التحرير رمزي عبد الخالق، والمدير الإداري والمالي زياد الحاج، والمدير الفني محمد رمال، مع التحية لهم جميعاً لما بذلوه، ترحيب حارّ بالمدير العام نائب رئيس الحزب وليد زيتوني، لتغتني «البناء» بحلتها الجديدة مع أسرة تتجدّد، ليتجدّد بناء الفكر وترتفع مداميك المعرفة.
“رئيس التحرير”