فاروق شوشة في ذمّة الإبداع … ستبقى مدرستك مفتوحة تخرِّج مبدعين
د. نجاح العطّار
قاسٍ هو الغياب، وسيكون أقسى متى يصوّب على الكبار الكبار. هكذا هوى الشاعر واللغوي والأديب العربي فاروق شوشة قامة خالدة في ثنايا موت عابر.
وما بين دمشق والقاهرة وشائجُ تاريخ وحبلُ صرّة حميم، نبضاً وحزناً، وحيث يكون الصوت يتردّد صداه في جنبات الشقيقة.
حزنت دمشق وقاسيونها، فاستوحت نائب رئيس الجمهورية العربية السورية الأديبة د. نجاح العطار نبضها رسالة خصّت بها «البناء».
وإذ تنشر «البناء» نصّ رسالة الدكتورة العطار يؤلمها غياب الكبير فاروق شوشة وتتقدّم أسرتها من مثقفي مصر وأسرة الفقيد بأحرّ العزاء.
هنا نص الرسالة كاملاً..
«نسلّم بقضاء الله وقدره، وفي الروح يرقد الأسى ويعظم الحزن، على فقد العلم والشعر واللغة والبيان، والأمة العربية بمن فيها من رجال الثقافة والفكر.
إنّ فقد الشاعر المبدع والأخ العزيز، فاروق شوشة، كان موجعاً بحق، كما كان مفاجأة حزينة، أليمة، لم نتوقّعها للّذي كان مجد اللغة العربية، وإشراقة الشعر العربيّ، وأجمل نشيد نسمعه في بهائه وعذوبته، وما يزال صداه يدوّي في القلوب والأسماع.
ولئن رحل عنّا، مع نسمات الخريف، سحابة بيضاء، فسيظلّ في سمائنا غمامة تهمي على أرضنا فتنبت إبداعاً، وعلى أرواحنا فتورق أشواقاً، وعلى أقلامنا فتكتب قصيداً، في ألف شكل للبلاغة المتمرّدة، ورؤى التنوير والتقدّم، وستفتح مدرسته أبوابها ليتخرّج منها مبدعون وعلماء متميّزون، يسيرون على دربه، ويواصلون ما عمل من أجله، في الدفاع عن أمّته ولغته، في سحر بيانها، وروعة حضورها، ورحابة إمكاناتها، وبهاء تاريخها وحاضرها.
ارقد أيها العزيز بين القلب وشغافه، ونَمْ في السريرة التي تبلى السرائر وتبقى من الخالدات، ومن دمشق التي بكتك، ومن قاسيون الذي انحنى على البعد إجلالاً لموكبك، ومن الغوطة وفوح عطرها، نرسل لك ونحن نستشعر آلام فقدك، تحية محبة، وباقة زهر، وإكليل غار.
وليتقبّل أعزّاؤنا في مصر الشقيقة، في أوساطها المعرفية والمجمعية والأدبية، والسيدة الفاضلة حرم الفقيد وأسرته الكريمة، أحرّ العزاء وأصدقه، وأنبل مشاعر المشاركة، وليتغمّد الله الفقيد العزيز بواسع رحمته، ويعطّر بالغالية ثرى ضريحه، ويلهمكم جميل الصبر.
ولا حول ولا قوة إلّا بالله.
دمشق في 18/10/2016».
نائب رئيس الجمهورية العربية السورية