مختصر مفيد

مختصر مفيد

الأميركيون يبحثون عن قوّة دفع انتخابية

مهما بدت النتائج المطمئنة التي تحملها استطلاعات الرأي لترجيح كفة الفوز لصالح المرشحة الديمقراطية الرئاسية هيلاري كلينتون يبقى هم الإدارة الديمقراطية الحالية، في ما تبقى لها من قدرة على التأثير في الملفات الإقليمية والدولية، محكوماً بتزخيم مفاعيل الحملة الانتخابية للحزب الراغب بالاحتفاظ بالقرار في البيت الأبيض، وبالتالي مواصلة المساعي والسياسات وضبط إيقاع الخطوات بما يؤدي إلى هذه النتيجة.

خلال شهور سعى الأميركيون لإنجاز التفاهم مع روسيا بعد الوصول ليقين باستحالة التغيير العسكري في الميدان بوجه الدولة السورية، واليقين المماثل بوصول الحلفاء الذين يخوضون حروبهم في سوريا واليمن إلى الطريق المسدود، وبالحاجة لحفظ ما يمكن حفظه من ضمن تسوية تعترف بالفشل في هزيمة الدولة السورية وجيشها ورئيسها، وترتضي ضمّ من يتعقّل من جماعات المعارضة إلى حكومة موحدة في ظل الرئاسة السورية تمهيدا لانتخابات بشّر بها وزير الخارجية الأميركية جون كيري مَن التقاهم من هذه المعارضة في نيويورك وسرّبت حديثه المسجل معهم الـ «نيويورك تايمز»، وقال إنها الطريق الوحيدة التي تحفظ هذه المعارضة من القضاء عليها نهائياً، إذا ذهبت الأمور إلى التصعيد.

تقدّمت واشنطن بمساعيها للحل في اليمن، بما يلاقي متطلبات التسوية، وفقاً للطروحات التي يشترط التحالف الوطني اليمني اعتمادها لقيام هذه التسوية. وفي مقدمتها الدعوة لحكومة موحّدة تستوعب في تركيبتها كل الأطراف وتوضع على طاولتها سائر القضايا الأمنية والسياسية وصولا للانتخابات النيابية والرئاسية. أدركت واشنطن الوضع الصعب للسعودية والإفلاس المالي الذي يهز استقرارها فسارعت لوضع اليد على ودائعها الموجودة في البنوك الأميركية خشية تأثير هذا الإفلاس على الاستقرار المالي الأميركي، وصدر لهذا الغرض قانون جستا رغم تعهدات الرئيس الأميركي بالفيتو، وثبات فشل هذا الفيتو في تصويت غير مسبوق أميركياً أطاح بالفيتو الرئاسي وثبت القانون وجمّد الدوائع.

واكبت واشنطن حركتها في سوريا واليمن بغارات وصواريخ استهدفت مواقع الجيش السوري في دير الزور من جهة، ومواقع في ميناء الحديدة اليمني من جهة أخرى في محاولة لاستعراض القوة ورسم خطوط حمراء ثبُت أنها لا تملك القدرة على الذهاب بعيداً في حمايتها بتورط عسكري تؤكد أنها تعمل لتفاديه. كما تدرك أن الحضور الإيراني في الخليج صار شريكاً كاملاً في أمن الممرات المائية المحيطة به، وأن الحضور الروسي صار صاحب القرار الحاسم في شرق المتوسط وأن التموضع الروسي يتخطى حدود متطلبات الحرب في سوريا ليتخذ بتفاهم بين موسكو ودمشق وطهران صفة الحضور الاستراتيجي، ما يعني استحالة التفكير الأميركي بلعبة عسكرية في سوريا أو بتلاعب عسكري في العراق، كما يعني ذلك رسم حدود للمشاغبة التركية في كل من سوريا والعراق.

وجدت واشنطن الحرب الوحيدة التي يمكن أن تخوض غمارها عشية الانتخابات الرئاسية هي الحرب على داعش في الموصل، ودعم التقدم العراقي الذي يشكل الحشد الشعبي مكوناً رئيسياً فيه، رغم تحفظات واشنطن التي تلاشت أمام الحاجة لحدث تسلّط عليه الأضواء خلال الأسبوعين الباقيين قبيل الانتخابات الرئاسية في السباق إلى البيت الأبيض، ولتظهير الأضواء على الموصل لا بدّ من إطفاء الأضواء في الأماكن المشتعلة وتفعيل مساعي التهدئة، فتلازم التقدم نحو الموصل مع زخم إعلامي كبير، ومع مساعي التهدئة والتناغم مع الطلبات التي تسمح بتحقيقها في كل من اليمن وسوريا، فكان اجتماع الخبراء في جنيف، وفقاً لطلب موسكو، وكانت هدنة اليمن، وفقاً لما طلبه الجيش اليمني واللجان الشعبية.

ناصر قنديل

ينشر هذا المقال بالتزامن مع الزميلتين «الشروق» التونسية و«الثورة» السورية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى