في بروكسل اجتماع جديد: الوعيد وفرضية الجبير.. هل يصهر الحديد؟

د. محمد بكر

اجتمع القادة الأوربيون يوم الخميس 20/10/2016 لصياغة إدانات ضدّ سلوك موسكو ودمشق في حلب، توالي الاجتماعات وصياغة البحث في إمكانية إسماع موسكو رسائل سياسية شديدة هو جلّ الحصاد الأوروبي هذه الأيام، انكفاء شديد الوضوح لواشنطن وسقوط مدوّ لكلّ النظريات والإجراءات لفرض عقوبات على روسيا، كلّ ذلك لن يثني الأخيرة عن المضيّ في تطبيق استراتيجية الحكومة السورية باستعادة كلّ شبر من الأراضي السورية، السعودية أكثر المنزعجين من هذا الحصاد الغربي المتواضع، انزعاجٌ دفع الجبير للتصريح لجهة تدارس إمكانية تزويد المعارضة السورية بما سماها أسلحة فتاكة، مع الحلفاء بمن فيهم الولايات المتحدة وبريطانيا، وعودة الحديث عن تعديل موازين القوى على الأرض في حال انسداد الأفق أمام العملية السياسية في سورية، فهل ثمة ضوء أخضر أميركي جديد يتيح للمملكة تصدّر إدارة الملف السوري خلال الفترة المقبلة؟

تدرك واشنطن مدى الفشل السعودي في تحقيق ما أعلن سعودياً في الملف اليمني، وجلّ مفرزات الحرب اليمنية جاءت فتلاً لسواعد الحوثيين الذين لم يجدوا أيّ حرج في استهداف المدمّرة الأميركية قبالة السواحل اليمنية وتوجيه جملة من الرسائل السياسية التي كرّست مدى عقم عاصفة الحزم، من هنا جاء تصريح الجبير سياسياً بامتياز، انطلاقاً من نقطتين رئيستين:

– ما صاغه الأميركي من ضغط عقب مجزرة القاعة الكبرى بصنعاء لجهة لجم السعودية عن الاستمرار في حربها على اليمن وقبول وقف إطلاق النار.

– سريان الهدنة في حلب واكتمال الإجراءات لخروج المدنيين والمسلحين من أحياء حلب الشرقية عبر ممرين، وتالياً تأتي تصريحات الجبير كردّ سياسي على كلّ ذلك وقد باتت العيون ترقب بحسرة ترحيل الأوراق بالباصات الخضراء.

لا نعتقد أنّ واشنطن تدفع باتجاه تطبيق طرح الجبير في سورية لأنّ رسائل موسكو وصلت جيداً وانّ أيّ محاولات لإسقاط طائرات روسية لن يكبح جماح الروسي بل سيزيده.

ما قاله لافروف لجهة عدم تطويق الموصل بشكل جيد، وكذلك البيان الصادر عن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة العربية السورية لجهة تسهيل واشنطن عبور داعش باتجاه الرقة، إضافة لما نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» بقلم أليكس فيشمان لجهة أنّ معركة الموصل ستنتهي والحرب في سورية ستستمرّ، هو ما يشكل جوهر التعويل الأميركي في الملف السوري وتحديداً الرقة التي ستكمل الطائرات الروسية طريقها نحوها حالما انتهت من حلب مع تفطرنا وحزننا على الدماء البريئة التي تراق هناك ولكنها لغة الحرب ، ولا نعلم أيّ مسار سيسلكه الأميركي في الرقة، هل هو على قاعدة الحصاد التوافقي مع موسكو، أم الاستثمار مجدّداً في كتلة الارهاب هناك.

مفرزات اجتماع بروكسيل، والتهديد بعدم بناء أنبوب الغاز «نورث ستريم 2» وتلويح الجبير، لن يفرمل في اعتقادنا اليد الباطشة للدب الروسي الذي يمضي من غير رجعة ولسانه يردّد: حديدي وحضوري الدولي صلب، دفعت ثمنه دماءً روسية، فكيف يلين.

كاتب صحافي فلسطيني مقيم في ألمانيا.

Dr.mbkr83 gmail.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى