ندوة لباحثين فرنسيين برعاية «مؤسسة أحفاد عشتار»: الأبعاد الجيوسياسية للحرب على سورية
لورا محمود
«لقد كتبت الجغرافيا قدر سورية التاريخي» هذا ما قاله البروفسور البريطاني ريموند هينبوش في كتابه «سورية، ثورة من فوق». فسورية تعتبر الجسر الذي يربط القارات الثلاث، حيث يلتقي الشرق والغرب. وموقعها ذو أهمية إستراتيجية وسياسية وتجارية، كما في الحضارة العالمية.
اليوم حجم الصراع الكبير على سورية، ليس فقط بسبب موقعها الجيو استراتيجي، بل هو صراع على المناطق الغنية بالطاقة النظيفة، أي الغاز. وهذا ما يجعل إضعافها وتقسيمها، هدفا للكثيرمن دول الخليج والعالم.
تحت عنوان «الأبعاد الجيوسياسية للحرب على سورية»، نظمت «مؤسسة أحفاد عشتار» في مركز جامعة دمشق للمؤتمرات، ندوة سياسية بمشاركة الباحثين الفرنسيين: آلان كورفيز وريشار لابفيير.
كورفيز
في محاضرته، أكد كورفيز، أن الصراع الجيوسياسي في العالم يتطور ولم تعد الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها، يقودون العالم. مشيراً إلى أن الأزمة في سورية ألقت بظلالها على جميع مكونات الشعب السوري، لذا، فإن الجميع معني بإيجاد حل للأزمة.
ولفت إلى أن الرئيس بشار الأسد يمتلك خطاباً رائعاً. وهو رئيس ذكي يعرف كيف يقود الأزمة وكيف يجد حلولاً سياسية لها، مبيناً أن هدف زيارته إلى سورية هو تقديم شهادة بأن السياسة الفرنسية تجاه العالم وسورية خصوصا، ليست السياسة التي يرغب فيها معظم الشعب الفرنسي.
وأشار إلى أن نشاطاته المتمثلة بإقامة المؤتمرات والمحاضرات في فرنسا والمانيا ودول أخرى، هي لتوضيح حقيقة الاحداث الجارية في سورية وحجم التضليل الذي تبثه بعض وسائل الإعلام.
لابفيير
من جانبه أكد لابفيير، أن ما يجري في سورية حرب إقليمية وعالمية تقودها الولايات المتحدة الأميركية ودول الخليج و«إسرائيل»، ضد سورية وروسيا. مشيراً إلى تأثير «إسرائيل» القوي على السياسة الفرنسية وفشل مخططات ما يسمى «الربيع العربي» في سورية.
وأعرب عن تضامنه مع الشعب السوري ودعمه لسيادة بلاده، لافتا إلى أنه يزور سورية للتعبير عن العلاقة الودية بين الشعبين الصديقين السوري والفرنسي، لأن «الرأي العام في فرنسا داعم لسورية وللقضية الفلسطينية. لكن للأسف، الحكومة الفرنسية تسير عكس ذلك».
وأشار إلى أهمية الانتصارات التي يحرزها الجيش العربي السوري، في مواجهة التنظيمات الإرهابية وقدرته على استعادة حلب وتخليصها من هذه التنظيمات.
ميداني
بدورها، تحدثت رئيسة مجلس أمناء مؤسسة «أحفاد عشتار» الدكتورة أيسر ميداني لـ«البناء» عن الندوة وأهميتها في كشف الأبعاد الجيوسياسية للحرب على سورية، لأن سورية منذ بداية التاريخ، كانت تحدق بها الأطماع، لموقعها الجغرافي ولأنها على طريق الحرير، فالاسكندر المقدوني كان يقول «من يستولي على سورية استولى على العالم كله».
سورية بالنسبة للشرق مدخل الغرب وبالعكس. وهي مدخل للمياه الدافئة، أي المتوسط بالنسبة للبلدان الشرقية. وهذا التفكير مهم جداً وأساسي في كل عمل سياسي وتحرك سياسي واقتصادي.
وأشارت إلى أن الحرب على سورية هدفها الوصول إلى مناطق البترول والغاز والثروات الباطنية ونقلها الى أوروبا عن طريق سورية. وهذا ماجعل الصراع طاحن عليها.
أضافت: لقد دفع شعبنا الثمن غالياً جداً، لأنه دافع عن وجوده وقضيته ورفض كل الأملاءات الخارجية. وهذا ما جعل منه محط أنظار العالم المترقب لما سيحدث في سورية، بعد كل هذه الحرب التي حاولت إضعافه سياسياً وعسكرياً.
شعبان
وفي مداخلة للمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان، تحدثت عن دور أوروبا الحقيقي، خصوصا فرنسا وبريطانيا، خلال الحرب على سورية، اللتان كانتا رأس حربة في دعم المشروع الأميركي، الذي برهن أنه مشروع هدام من فيتنام إلى أفغانستان إلى العراق فليبيا.
وتساءلت عن السبب الذي يجعل بلدانا أوروبية عريقة وحضارية، نتقاطع معها في التاريخ والجغرافيا، لاتتعب نفسها في إيجاد الحقائق على الأرض السورية وتسحب سفرائها منذ اليوم الأول، من سورية، كي لايكون لديها قناة اتصال مع الحكومة السورية والشعب السوري. وهذا سؤال يسأله الشعب السوري كله، فما هي الفائدة التي تجنيها فرنسا وبريطانيا من كل هذا؟
أضافت: نحن لايوجد لدينا أقليات كما يقول الغرب، نحن لدينا مواطنون ومواطنات سوريون وسوريات وقفوا بوجه كل الغزاة، الذين أتوا لسورية عبر التاريخ. واليوم، نحن ندافع عن سيادتنا الوطنية وهذا ماتدافع عنه أيضاً، دول «البريكس».
وتابعت: لا شك لدينا بأن في أوروبا وأميركا مئات وآلاف الأشخاص، ممن تتقاطع قيمهم مع قيمنا، الذين يقفون مع الدولة الوطنية السورية ويرفضون الجرائم التي ترتكب بحق شعبنا، لكن يجب أن نعززهذا التواصل بين شعوبنا ونسعى لعالم انساني واحد.
ونوهت شعبان بأن أحد نتائج الحرب على سورية، سقوط مقولة الإعلام الحر، فنحن اليوم لانؤمن بأن هناك إعلاما حرا في الغرب، لأن الاعلام يعمل لمصلحة الحكومات.
سعادة
من جهتها، قالت عضو مجلس الشعب السابقة، ماريا سعادة، في حديث خاص لـ«البناء» أن سورية بلد مركزي وموقعها الجغرافي جعلها مركز العالم على الخريطة. وهي من حيث المصالح العالمية تعد مركزاً جيوبوليتكياً واضحا والصراع على سورية ليس وليد اليوم، بل هو صراع تاريخي. واليوم العالم كله، لديه مصالح في الحضور على الأرض السورية. وبالتالي، لا يمكن أن يتخلى الشرق عن سورية، لاسيما روسيا. ولا يمكن أيضا، أن يدع الغرب سورية في حالة آمان وإطمئنان واستقرار.
عن أهمية الندوة، أشارت سعادة، إلى أن من المهم التحدث عن الأبعاد الجيوسياسية للحرب السورية ونوضح أكثرلمجتمعنا السوري مثل هذه المصطلحات، خصوصا الفئة التي غرر بها بداية الأزمة.
يذكر أن آلان كورفيز خبير استراتيجي عسكري، عمل مستشاراً لقائد قوات حفظ السلام الدولية في لبنان. ويعمل حاليا محللاً استراتيجياً عسكرياً. وله العديد من المقالات.
أما ريشار لابفيير، فهو صحافي وباحث فرنسي متخصص بالشؤون السياسية، عمل لفترة طويلة في «وكالة الصحافة الفرنسية» وله ما يزيد على 15 كتابا حول الإرهاب والإسلام