«نحن»… خارج الإطار انعكاس لمن يقيم داخله

عبير حمدان

سعت الفنانة التشكيلية باسمة عطوي في معرضها الثاني «نحن» الذي أقامته في «بيت حواس» ـ حارة حريك، إلى تجسيد رؤيا مغايرة عمّا قدّمته في السابق، حيث حرّرت الروح المتلاشية من اللون القاتم بضربة ريشة تبحث عن الكلّ ولو بين الدوائر الضيّقة، في دعوة إلى البحث عن ماهيّة التشابك المفترض بين الحضارات، كسلسلة من الوجود الطبيعي للمجموعة رغم احتمال التباعد في ظلّ الخوف من فكرة التخاطب المباشر.

«نحن»، نقف بين التفاصيل اليومية وتصبح المدن تاريخاً وتشكيلاً يقارب الحاضر الذي يمعن في تطوّره، نحتاج إلى الضوء كي نجد صيغة لفهم اللغة النمطية المهيمنة على فرضية تواصلنا.

وضعت عطوي شخوصها والأبنية وحتى الصهيل ضمن إطار في مواجهة المدى الواسع وأصبحت الخطوط العمودية والأفقية حاجزاً يمكن للناظر أن يعتبره مرآة تعكس خوفنا ممّا ينتظرنا خارج الإطار، رغم سعينا الحثيث إلى تحطيمه.

بدت اللوحات الـ19 التي ضمّها المعرض كمهرجان قوس قزح، ذلك أنّ عطوي اعتمدت جرعة واضحة من الفرح البرتقاليّ والأخضر والأزرق، يرافقها إيقاع متخيّل لوتر الكمنجات، ربّما لأنّ الموسيقى لغة تتخطّى كلّ وسائل التواصل وتشعّباتها، ولأنها تصل إلى مسامع الجميع مهما همشّتهم ظروف كينونتهم.

جالت عطوي بين الماضي والحاضر وحلّقت بين الرموز المرتبطة بحضارة المدن، فكانت ألوانها وريشتها تلك العيون والأصابع الساكنة بين جدران الوقت. ولكنها تتنقل بين العواصم بكبسة زرّ، وقد تتوه قليلاً وتتأخر وفق قياس الخدمة لتلك الإشارة المعلّقة في الزاوية الضيقة من المكان، والقادرة على اجتياز الحدود من دون تأشيرة رسمية.

«نحن»، طرحٌ اختصر الواقع بتفاصيله البسيطة والعميقة وحروفه التي قد لا تتراءى للجميع، إذ إنّ لكلّ عين قراءتها الخاصة، وبعض السواد في جزء من اللوحات لا يأتي في خانة الحزن، إنما هو السحر الكامن في ليلة تجرّدت من كواكبها واحتفظت بناسها وشوارعها ومعالمها الشهيرة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى