تلعفر والنصر الأكبر!
مصطفى حكمت العراقي
إلى تلعفر، حزمت فصائل الحشد الشعبي امتعتها وشدّت رحالها، مع كلّ ما تمتلك من امكانيات عسكرية ستفاجئ الصديق قبل العدو، لاكتمال الانتصار وجعل تطهير الموصل مقدّمة للقضاء الكامل على الارهاب. فهذا القضاء يقع في رقعة استراتيجية مهمة لوقوعها بين نهري دجلة والفرات، كذلك، لفصلها الموصل عن الحدود السورية. كما أن النسبة الاعظم من تركمان العراق تتواجد فيه، ما يجعل معركة تحرير القضاء هي الاهم في مسار تطهير البلد من «داعش» وليس الترحيل الذي ترغب به واشنطن نحو الشرق السوري، في مقدمة لأعادة تكوين الارهاب بصورة جديدة، لتحقيق أهداف جديدة كجعل معركة تلعفر هي الاقسى وجعل القضاء المحاذي لسورية، المكان الذي يستنزف فيه الحشد، بعد أن شهدت باقي مناطق الموصل معارك لا تصل لحجم ما تم التحشيد اليه وما كان متوقعاً من مقاومة يبديها التنظيم الارهابي، في عاصمة خلافته المفترضة.
من هنا اكتسبت معركة تلعفر أهمية كبيرة، تضاف إلى أهميتها لقطع الطريق أمام ترحيل ارهابيي «داعش» من الموصل باتجاه الشرق السوري، في خطوة ممهدة لعرقلة خطط واشنطن بتصدير الإرهابيين وتجميعهم في دير الزور والرقة السوريتين.
وبعد العديد من الملابسات التي رافقت مشاركة الحشد الشعبي في معركة الموصل والفيتو الخارجي وبعض الاصوات المبحوحة، التي ناغمت الخارج في رفضها مشاركة الحشد، جاءت البشرى التي أسكتت الجميع وصفعت واشنطن وانقرة والرياض وغيرها من عواصم الفتنة، فأعلنت معظم فصائل الحشد، على لسان قادتها، إن مهمة الحشد ستكون استعادة السيطرة على قضاء تلعفر ومنع إرهابيي «داعش» ومرتزقة أردوغان من الفرار غرباً، باتجاه شرق سورية..
مصادر ميدانية رفيعة في الحشد، أكدت لـ«البناء» إن مهمة الحشد الشعبي تكمن بمنع هروب «الدواعش» باتجاه سورية، لعزل الموصل بشكل كامل عنها، رغم أن توقعات القادة الامنيين تشير إلى أن المعركة صعبة وشرسة، لأنها تحاول قطع الجهة الغربية ومنع هروب «الدواعش». لذلك، تمت التهيئة بأن يكون هذا المحور الاقسى على الارهابيين. وسيجعلهم تحت فكي كماشة.
هذا التوجه من القيادة العسكرية في العراق، لم تمر عليه ساعات قليلة حتى جن جنون أنقرة وقيادتها. وقابلت هذا الإعلان بالتهديد والوعيد، بحجة الحفاظ على أمنها القومي ظاهراً. لكن الحقيقة هي الحفاظ على أعتى القيادات الارهابية المتواجدة في تلعفر، التي ترتبط، بشكل رئيسي، بالقيادة التركية.
وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أكد أن بلاده ستتخذ تدابيرها الأمنية في حال توجهت فصائل الحشد الشعبي إلى قضاء تلعفر، ما سيشكل خطراً على أمن تركيا كما يدعي. وقال: إننا مصممون على حماية حقوق «أشقائنا» التركمان، هنا في تلعفر، ونحن قادرون على ذلك، لا سيما أننا لم نتركهم يوماً. وفي حال تعرضهم لهجمات، فلن نقف غير مبالين.
كلام أوغلو، يؤكد، مجددا، النهج الطائفي المريض للقيادة التركية، التي كشفت عن وجهها الحقيقي في اكثر من مرة. وحاولت مراراً وتكراراً اللعب على أوتار طائفية مريضة، بدأتها في سورية وتحولت بها إلى كركوك والان إلى تلعفر، في محاولة يائسة من أردوغان لحماية أذنابه وأدواته من «داعش» ومن معها من فصائل، لتحقيق حلم السلطنة الذي أصبح أضغاث أحلام ليس.
واشنطن، بدورها، رسمت لمعركة الموصل الوجهة نفسها، التي تدور في فلكها عواصم التبعية لواشنطن. وهنا يتم السعي للنصر الشكلي والتحشيد للاستخدام الاكبر للارهاب، في سورية مجدداً. وجعلت التشويه المتعمد والشيطنة المستمرة لفصائل الحشد الشعبي، سبيلا لمحاولة انشاء رأي عام يمهد لإستبعاد هذه الفصائل المقاومة عن المعارك، التي تحدد مستقبل العراق، لجهة أن الانتصار فيها ضمان لمنع تكرار سيناريو» داعش» بلباس آخر. لذلك، اتخذ الحشد قراره وجعل الخطط الأميركية لضرب أمن العراق وراء ظهره، ما سيسقط رهان واشنطن وانقرة ويجعلهما في حيرة مما يفعلون. فالحشد المقاوم في طريقه لخوض أهم مهامه العسكرية، التي سيكون النصر المؤزر فيها هو العنوان الابرز.