ماذا لو فازت كلينتون في الانتخابات؟

حميدي العبدالله

لا تزال استطلاعات الرأي، قبل حوالي أسبوع على موعد إجراء الانتخابات الأميركية، تعطي المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون فرصة الفوز على منافسها المرشح الجمهوري دونالد ترامب. ويتوقع كثيرون زيادة وتصعيد الحروب التي تورّطت فيها الولايات المتحدة إذا فازت كلينتون، سواء كانت حروباً تخوضها مباشرة القوات الأميركية، كما هي الحال في العراق وأفغانستان، أو بالوكالة مع قدر محدود من العسكريين على الأرض، كما هي الحال في سورية وليبيا واليمن، لأنّ سجل كلينتون يؤكد أنها دعمت كلّ حروب الولايات المتحدة، ولا سيما الحرب على العراق، على عكس كثير من عناصر إدارة الرئيس أوباما وكبار زعماء الحزب الديمقراطي.

كما يتوقع هؤلاء أن يحدث تصعيد غير مسبوق في التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا، لأنّ المرشحة كلينتون التزمت في أثناء حملتها الانتخابية بالتصدي للسياسة الروسية التي يعتمدها الرئيس فلاديمير بوتين. لكن وصول كلينتون إلى البيت الأبيض، هل سيقود إلى حدوث كلّ هذه التوقعات؟

أولاً، في ما يتعلق بدعم كلينتون لخيار تصعيد الحروب، فإنّ لإدارة كلينتون كرئيس للولايات المتحدة دور لا يمكن تجاهله لوضع رؤيتها الشخصية موضع التنفيذ، ولكن ذلك محكوم بقيدين أساسيين لا يمكن لأيّ رئيس للولايات المتحدة أن يتجاوزهما. القيد الأول تركيبة الإدارة الجديدة التي عادة تشكل تحالف قوى ومجموعات نفوذ داخل الحزب الديمقراطي.

في هذا السياق تشير صحيفة «واشنطن بوست» إلى وجود توازنات داخل تركيبة إدارة كلينتون في حال فوزها. تقول الصحيفة «تمّ تقسيم مستشاري كلينتون في الشرق الأوسط بين أولئك الذين يعتقدون أنّ الولايات المتحدة لديها القدرة والمسؤولية لبذل المزيد من الجهد في سورية، وأولئك الذين يشكّكون في المزيد من التدخل الأميركي». القيد الثاني، تركيبة الكونغرس بمجلسيه، حيث برهنت تجربة عام 2013 عندما أحال الرئيس باراك أوباما قرار توجيه ضربة عسكرية إلى سورية، إذ تلكّأ الكونغرس في إجازة هذه الضربة، على الرغم من أنّ مخاطرها في تلك الظروف كانت أقلّ من مخاطر أيّ ضربة يمكن أن توجهها الولايات المتحدة لسورية الآن في ظلّ الالتزام الروسي إلى جانب الدولة السورية في مكافحة الحرب، ذلك أنّ أيّ تصعيد في سورية يحمل معه مخاطر الصدام مع روسيا، وهذا الخيار لن يسمح لأيّ مسؤول في الولايات المتحدة الانفراد في اتخاذ قراره.

ثانياً، بالنسبة لروسيا، فإنه على الرغم من وجود مصالح كبيرة وعميقة، تجعل الخلافات بين موسكو وواشنطن أقوى من احتوائها من قبل أيّ إدارة وإعادتها إلى سابق عهدها قبل اندلاع الأزمتين السورية والأوكرانية، إلا أنّ قرار التصعيد محكوم بسقف لا يستطيع أيّ مسؤول في الولايات المتحدة تجاهله، يتميّز هذا السقف أيضاً بمحدّدين أساسيين لسياسة أيّ رئيس أميركي جديد. المحدّد الأول توازن القوى العسكري بين البلدين وعدم وجود مصلحة في اندلاع حرب مباشرة بينهما. المحدّد الثاني، أنّ روسيا اليوم هي دولة رأسمالية أنشأت مصالح مشتركة مع دول عديدة حليفة للولايات المتحدة، ولا سيما في أوروبا، وبالتالي فإنّ هذه المصالح تضع قيوداً على أيّ جهد لتسعير نار الحروب ولا سيما الحروب الكبرى، لأنّ أضرار هذه الحروب ستلحق بالجميع نتيجة لآثارها وتداعياتها على الاقتصاد العالمي الذي لا تزال الشركات الأميركية تمثل عصبه الرئيس.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى