سعي الغرب لتقسيم سورية لم يكن هدفاً مفاجئاً
حميدي العبدالله
نشرت صحيفة «الفايننشال تايمز» تقريراً تضمّن معلومات تشير إلى أنّ الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين، ومنهم بريطانيا وفرنسا، يرون أنّ التقسيم هو الحلّ الواقعي لسورية.
ما أوردته صحيفة «الفايننشال تايمز» لم يكن مفاجئاً على الإطلاق، فمنذ بداية الحرب على سورية كان واضحاً أنّ الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين يسعون إلى إسقاط الدولة السورية والسيطرة عليها وإعادة تشكيلها على نحو جديد من خلال تقسيمها على غرار ما حصل في العراق، أو ما سعت إليه فرنسا عند احتلالها سورية بعد الحرب العالمية الأولى، لأنّ التقسيم من شأنه أن يطيل أمد الاحتلال والوصاية الغربية. على سبيل المثال الدستور العراقي الذي وضعه بول بريمر، الحاكم العسكري للعراق بعد عام 2003، هو الذي دفع ببعض الفئات العراقية للتسابق على كسب ودّ الأميركيين والاستقواء بهم من أجل تحقيق مصالح خاصة، وبالتالي إطالة أمد الوجود الأميركي في العراق. ومن الطبيعي أن تسعى الولايات المتحدة لإعادة فرض هذا السيناريو على سورية، ولعلّ موقفها المناهض بقوة لتحرير مدينة حلب ينبع من حقيقة أنّ تحرير هذه المدينة سوف يوجه ضربة قوية لمخطط تقسيم سورية.
ولكن حتى لو تمّ تحرير مدينة حلب وأريافها فإنّ الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين لن يتراجعوا عن مساعيهم من أجل تقسيم سورية، فهم سوف يعملون على الوصول إلى مدينة الرقة، ربما عبر عملية استلام وتسليم بين داعش وبين القوات التي تأتمر بأوامرهم، تماماً كما حصل في مدينة جرابلس، لتكون الرقة قاعدة التقسيم المقبلة، وقد يسعون إلى تقديم مساندة لداعش للسيطرة على مدينة دير الزور بكاملها، كما حدث عند استهداف الطيران الأميركي لمواقع الجيش السوري في جبل الثردة لتعزيز خيار التقسيم وتوسيع قاعدته الجغرافية.
هذا المسعى الأميركي الغربي يؤكد أنه من دون إلحاق الهزيمة الكاملة بكافة الجماعات الإرهابية في كلّ أنحاء سورية، فإنّ خطر التقسيم يظلّ قائماً.