خلوة لجبران باسيل ونادر الحريري في قصر بعبدا…

روزانا رمّال

ينشط وزير الخارجية جبران باسيل في قصر بعبدا في حركة كثيفة تشي بالكثير مما يعمل عليه في إطار التشكيلة الحكومية المفترضة والمحادثات الثنائية المستجدة التي سبقت انتخاب الرئيس العماد ميشال عون بإشارات فيها ما يكفي لاعتبار أنّ مشاورات التأليف بدأت قبل انتهاء مشاورات التكليف. ويلفت بهذا الإطار لقاء جمع أمس مستشار الرئيس سعد الحريري بالوزير باسيل «مستشار» العماد ميشال عون السياسي، كما أصبح مسلّماً.

مصادر «البناء» تتحدث عن خلوة جمعت نادر الحريري بباسيل خلال اللقاء الذي تمّ بين الرئيس العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري الذي جاء الى قصر بعبدا في إطار جدول أعمال اليوم المخصّص للاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلف تشكيل حكومة العهد، حيث افتتح الرئيس عون نهاره الطويل باستقبال رئيس الحكومة المستقيلة تمام سلام والرؤساء: سعد الحريري، فؤاد السنيورة، نجيب ميقاتي، وصولاً للكتل النيابية المختلفة لتستكمل اليوم باقي الكتل حضورها بعدما أرجأ بعضها ذلك لمزيد من التشاور ككتلة الوفاء للمقاومة التي ستعلن موقفها اليوم.

في إحدى غرف القصر المجاورة لمكتب العماد عون، خصّصت غرفة للوزير باسيل، حيث يستقبل فيها ضيوفه كالسيد نادر الحريري الذي لم يأت أمس، بصفة تسمح له بزيارة القصر في هذا النهار الاستشاري الذي يحمل طابعاً بروتوكولياً «بطقوس» خاصة يحرص ضيوف بعبدا على حصرها فيها، فهو ليس نائباً في كتلة المستقبل بل حضر بصفته الاستشارية الى بعبدا وتمّ اللقاء.

المشاورات الثنائية بين المستقبل والتيار الوطني الحر على قدم وساق والتنسيق واضح بين الرجلين، لكن الأهمّ هو المؤشر الذي تطرحه هذه الخلوة توقيتاً وشكلاً، ففيها ما يؤكد أنّ السرعة في تشكيل الحكومة هي هدف للطرفين، وما القدوم في يوم الاستشارات النيابية إلا دليل على هذا. يضاف الى ذلك توجه نادر الحريري للقاء باسيل، حيث يتابع عمله في هذه الأيام من قصر بعبدا، بدلاً من المكان الذي كان يلتقي فيه الطرفان من دون ان يأبها للتساؤلات التي تطرح من قبل المراقبين.

السرعة المنشودة في تشكيل الحكومة وفكفكة العقد تبدو أبرز ما يعمل عليه الديو «جبران ونادر» في هذه الأيام. وفي هذا ما يأخذ الى مخاوف رئيس مجلس النواب نبيه بري من أن يكون الرجلان قد قطعا شوطاً بالاتفاقات دون تنسيق الحريري معه، كما جرت العادة لسنوات خلت. اعتراض بري لم يؤخر حتى الساعة من عجلة اللقاءات المكثفة التي يجريها الطرفان لكن هذه الحركة مهدّدة، لأن تكون «بلا بركة» بدون المرور بحزب الله وحركة امل، فمهما كانت الخلوات بعيدة عن الأضواء تبقى اللمسة الأخيرة لولادة الحكومة للثنائي الشيعي، الذي تؤكد مصادر رفيعة فيه لـ «البناء» أنهما «لن يفترقا في الملف الحكومي».

يبقى أنّ السرعة التي ينشدها المحيطون بالرئيسين عون والحريري، وهم أكثر الذين يرغبون بألا تطول المدة المخصصة تشكيل الحكومة لإنجاح عهد الثنائي «عون الحريري»، متوقفة على مدى توافر المعطيات الإقليمية القادرة على إطلاق صفارة انطلاق عجلة التأليف، خصوصاً من جهة حزب الله الذي يشارك في حرب إقليمية كانت أولى نتائجها إيصال عون للرئاسة لصرفها كفائض قوة في لبنان. فالتقدم الذي أحرزه حزب الله مع حلفائه على الأرض السورية يأخذ إلى الالتفات الى انّ ايّ تسريع بتأليف الحكومة يعني انّ الرئيس الحريري الذي يمثل أحد حلفاء القطب العربي الاكثر نفوذاً في لبنان وبالحرب السورية، المملكة العربية السعودية، هو واحد من أشكال صرف هذه القوة في لبنان، فهل سيسهّل حزب الله ولادة حكومة الحريري قبل أن يحصل على ضمانات لتبدّل واضح في مواقفه المتعلقة بسورية اولاً وبالحزب ثانياً؟ هل يفترض أن يسهّل حزب الله مهمة الحريري، وبالتالي يعيد فرض الحضور السعودي من دون أيّ تقدّم إقليمي لعملية المفاوضات السياسية؟

كلمة السرّ تبقى في حارة حريك التي تعتبر أنّ مهمة إيصال عون لرئاسة الجمهورية قد تمّت بسلام. وهو الأمر الذي يعتبر أول مؤشرات تقدّم حزب الله في الملفين اللبناني والإقليمي معاً، وعلى أنّ ايّ تطوّر في تشكيل حكومة سريعة في لبنان يعني تقدماً حتمياً لعملية السلام في اليمن اولاً وفي سورية ثانياً، نظراً لوقوع اليمن في اول اهتمامات السعودية، وهي الدولة التي تتقاسم نفوذها بين اليمن ولبنان، فإنّ هذا يعني بشكل غير مباشر أيضاً أنّ أيّ تطور هو إعلان تعاون سعودي إيراني غير مباشر افتتحه الفريقان السني الشيعي في لبنان «حزب الله المستقبل»، ما يؤكد على انّ المنطقة مقبلة على مرحلة تسويات يكون فيها لإيران دور أوضح مع بداية كسر جليد مع الدول الخليجية. كلّ هذا قبل ايام من انتهاء ولاية اوباما الذي اكد ضرورة التعاون بين دول المنطقة وايران في «عقيدة اوباما» وهي أبرز ما تركه من ملخص لولايتيه الصاخبتين.

ينتظر الحريري قوة الدفع التي سيطلقها حزب الله لتقوية العهد الجديد. وهو يراهن على هذا، فمصادره تعتبر أنّ أيّ تعطيل لولادة حكومة الحريري ليس إلا تعطيلاً لعهد الرئيس العماد ميشال عون. وهو الأمر الذي سيتكشف بالأيام المقبلة، بحيث تتأكد مسألة الفصل بين المسار الحكومي والمسار الرئاسي عند حزب الله ربطاً بأحداث المنطقة والنقاط التي توضع في صندوق المحاور.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى