الرئيس بري: جدارة اللغة والتعبير والأداء
العلامة الشيخ عفيف النابلسي
لم يكن ما فعله الرئيس نبيه بري من تسميته الرئيس سعد الحريري لتشكيل حكومة العهد الأولى أمراً عابراً، ولا ما فعله أثناء جلسة الانتخاب الأخيرة تجاه العماد عون بلا دلالات شخصية ووطنية على درجة عالية من المسؤولية.
الرجل على وعي بالطريق الوطني السليم الموصل إلى الحلّ. الطريق التي تنفتح أضلاعها على إشكاليات الداخل والخارج والتعقيدات التي تبدأ بالنيات ولا تنتهي بالأهداف الظاهرة.
خلال أيام قلائل من تاريخ لبنان الخطير أثبت الرئيس بري أنّه ينطلق من جوهرية وطنية تعبر بالمبادرات إلى شواطئ الأمان ولو لم تكن من صنعه أو منطبقة مع رؤيته، وأكثر من ذلك خصّص لها الحماية الكافية التي تعني أنّ الأولويات الوطنية التي تحفظ مؤسسات الدولة واستمرارها وتصون الأمن وتوفر الأرضية المطلوبة للاستقرار هي الأساس الذي يحكم تفكيره وطريقة عمله.
لقد ثبّت الرئيس بري ثابتة مهمة في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ لبنان، وهي أنّ مقياس الرضا هو الوفاق والتفاهم. كيف لا، وقد دأب خلال الأشهر الماضية على دعوة كلّ الفرقاء إلى حوارات متواصلة لتأكيد أنّ باب الحلّ والخروج من الأزمات هو عن طريق الحوار.
صحيح أنّ الخيارات بين القوى السياسية حتى هذه اللحظة متفارقة ولكن بالمواقف التي أطلقها الرئيس بري والتصرف الذي قام به إزاء استحقاقين مهمّين للغاية، حاول أن يترجم تلك الخيارات إلى اللبنانية الفصحى التي تعني الانتماء إلى لبنان دولة ومؤسسات وأرض وقيم أهمّها العيش المشترك الذي يجعل كلّ اللبنانيين في مصير واحد وعلى سفينة واحدة.
للرئيس بري جدارة واضحة في اللغة والتعبير والأداء نحتاج إليها دوماً في الأزمات والملمات الكبرى. وهذا ما ظهر خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان، وقلت حينها بحق الرجل ما يجب أن يُقال، واليوم نحن نقرّ بالجدارة نفسها التي أبرزها بنحو بديع من أجل معادلة لبنانية تقوم على استمرار الحياة وبقاء الوطن حراً كريماً…