اليمن… ساحة أطراف ومصالح وسياسات!
فاديا مطر
على مدار الأزمات الإقليمية، ما زال اليمن يغير كلّ الحسابات في معادلات الصراع الإقليمية والدولية، كونه حيّزاً مؤثراً بات يلعب باقتدار، على أبواب أطراف إقليمية ودولية، أصبحت تعيش قلقا على مصالحها السياسية والعسكرية. فالحرب على اليمن وضعت الدول المعتدية أمام تحديات مصالح، بمراحل مفصلية ومحددات وملزمات تتعلق بالوضع السياسي والعسكري، رغم تقاطع المصالح والسياسات في معادلات هذه الحرب، من قبل عواصم تمتدّ من واشنطن إلى الرياض، خصوصا، بعد وضوح فشل مقاربات واشنطن والأمم المتحدة لإدارتهما الأزمات في المنطقة وفشل حلفاءهم في جعل اليمن حيزا جيوسياسي، تخاط فيه حرب مستويات تستعمل تبعاً لتعقيدات القضايا الأخرى في المنطقة. فمنذ إعلان مبادرة وزير الخارجية الأميركية «جون كيري» في إجتماع جدة الرباعي، في 25 آب المنصرم وتأكيده أن لاحل عسكريا في اليمن وأن مبادرته تعطي الفرصة لجميع الأطراف، حتى ظهرت لغة واشنطن ونيتها نقل قيادة ما يسمى «التحالف العربي» إلى حضنها، في محاولة للتنصل من مسؤولياتها تجاه الرياض وإرسال تطمينات، حتى لو لم توافق أولوية الحلفاء، لكنها توافق أولوية سياستها، بعد إزدياد الضغط الدولي عليها بشأن جرائم العدوان السعودي، على المستويات كافة وعدم القدرة على تطبيق القرار الأممي 2216.
فالوزير كيري، كان قد بعث وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، توماس شانون، برسالة إلى مسقط، في 9 أيلول الفائت، للقاء الوفد الوطني اليمني الذي يضم ممثلي المجلس السياسي الأعلى، شارحا ً بنود المبادرة التي أعلن الوفد الوطني اليمني، أنها مبهمة وتحتاج إلى دراسة بنودها، رغم ما كان من عدم ترحيب أطراف منصور هادي، بخصوصها. وإعتبارها لاتطبق القرار الأممي 2216. فمبادرة جون كيري، التي وصفت «الحوثيين» بأنهم «أقليات»، عبرت، بمضمونها، عن أنها فشلت في تصبيغ الحرب على اليمن بصبغة « طائفية «. وهي مؤشر على أن أي تسوية قادمة ستكون متضمنة لحقوق الأقليات. وهو ماتضمنه حديث الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، رئيس حزب المؤتمر الشعبي، من أن البرلمان اليمني أسقط المبادرة الخليجية والقرار 2216 وشكل مجلس سياسيا أعلى لإدارة شؤون البلاد. وهذا بحد ذاته، جعل متلازمات المسار السياسي والعسكري، حاضرة في أذهان أي تسوية تتجه نحو البلاد. وهو ما عاد وصرح به علي عبدالله صالح في 6 تشرين الثاني الحالي، من أن «مبادرة وزير الخارجية الأميركية والمبعوث الأممي الخاص لليمن، التي توافقت عليها الدول الأربع وبقية الدول الخليجية، سواء في لندن أو جدة، وخارطة الطريق التي تتبناها الأمم المتحدة عن طريق مبعوثها لليمن، تشكل، في مجملها، قاعدة جيدة للمفاوضات. موضحا، أنه يجب أن تستكمل المبادرة كل الجوانب المرتبطة بوقف العدوان وإيقاف العمليات العسكرية، التي تقودها السعودية. ووقف تمويل المرتزقة والجماعات الأرهابية. مشيرا إلى ضرورة أن تقوم الدول العظمى بممارسة الضغط على السعودية لوقف الحرب وإلزامها الدخول في مفاوضات مباشرة». فهذا تأكيد على أن ماتضمنته مبادرة الخارجية الأميركية، هو إستقراء سياسي للمجتمع الدولي حول طبيعة الحرب على اليمن وإعتراف ضمني، جعل واشنطن تحذر من الأخلال بموازين القوة لحماية مصالحها ولو على حساب مصالح الحلفاء، بعد الوقائع العسكرية للجيش اليمني واللجان الشعبية، التي كانت لديها القدرة على قيادة فروعات محاور الصراع كافة وقيادة نقاط التواجد العسكري الرابح لمعركة الميدان واستهداف، في ما سبق، محطات الرادار الاميركية والسفن الحربية، مثل «السفينة مايسون» في 10 تشرين الأول المنصرم، فهو أستتباب لمعادلات استراتيجة جديدة، جعلت من الورقة اليمنية رقما صعباً، في محاور استمرار الصراعات في الدول المحيطة بالدول الخليجية. وهو ما يؤسس لتراجع يحمل في طياته ساعات، ربما، تقرّر مصيره أو آجله؟