المواجهة العرجاء !
نظام مارديني
أخيراً أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما استرتيجيته لمحاربة «داعش»، مشيراً إلى إرساله مئات المستشارين العسكريين إلى العراق، في إطار مهمة مخادعة في شكل واضح وتنطوي على أكثر من حيلة، لأن مهمة العسكريين لن تكون مجرد الدفاع عن الأميركيين في المنطقة، بل في إطار توسيع العمليات استعداداً لمخطط معركة ومواجهة في سورية.
ولكن ما الذي دفع أوباما إلى التغير وإعلان استراتيجية المواجهة مع الإرهاب؟ بعدما أعلن أنه لا يملك استراتيجية واضحة، ووجد نفسه في حالة من الارتباك بعد مقتل الصحافي الأميركي جيمس فولي حينما تواردت مصطلحات غير متناسقة من البيت الأبيض في شأن «داعش»، إذ قالت الإدارة حيناً إنها تريد «احتواء» التنظيم، وحيناً آخر سحق الجماعة أو تدميرها، وأحياناً أنها تمثّل سرطاناً مخيفاً.
وعلى رغم هذه الوقائع، ستبقى الحرب التي أعلنها أوباما أمس ضد «داعش»، حرباً عرجاء تسير بقدم واحدة، وسط حقل ألغام شديد التعقيد لا يمكن تجنبه!
فبغياب روسيا وإيران وسورية، تكون الجهود الغربية ـ الخليجية ـ التركية، لمحاربة «الثور الهائج» أقرب إلى الارتجال منها إلى الحقيقة، وهو ما يعيد إلى الواجهة الأسئلة ذاتها عن سبل التصدي للجماعات الإرهابية؟ ولماذا لن تنجح هذه الحملة الهائلة والمكلفة باقتلاع هذه الظاهرة وتجفيف منابعها، طالما أن أصدقاء الغرب المنضمين في الحلف هم ممولو هذه الجماعات… فكيف تحارب من تموله؟
صحيفة «دي ويلت» الألمانية شككت في جدوى ضم تركيا وقطر إلى التحالف الدولي، وقالت: «إن تركيا وقطر تتبعان سياسة خارجية ازدواجية وإشراكهما في الحلف الدولي لمحاربة تنظيم «داعش» الإرهابي سيزيد من صعوبة هذه المهمة».
ووصفت الصحيفة رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان بأنه ديكتاتور خرافي، يحاول تحويل الحكم في تركيا إلى حكم مستبد، وهو من قام مع «إسرائيل» بتسهيل عبور أعداد كبيرة من الإرهابيين إلى سورية عبر الأراضي التركية.
ولهذا فإن أية استراتيجية للقضاء على «داعش» لن تكون مجدية من غير الالتفات إلى حقائق مهمة ومعالجتها، بأن هناك دولاً إقليمية كان لها دور كبير في المساهمة في تجنيد الإرهابيين وتسليحهم وبقرارات رسمية من الجامعة العربية، وهناك دول أخرى ساهمت في مرور الإرهابيين عبر أراضيها وتوفير التسهيلات لها، كما فعلت تركيا باعتراف المعارضة التركية.
لذلك نقول إن أية استراتيجية حقيقية يجب أن تتضمن محاسبة تلك الدول التي تدعم الإرهاب في المنطقة ومنعها من مواصلة تقديمها الدعم العلني لـ«داعش» والذي كان السبب الرئيس في نجاح مشروع «داعش» الطائفي الذي اقتنع المجتمع الدولي أخيراً بأنه يشكل خطراً على الإنسانية، لا سيما بعد أن اكتشف أن الإرهابيين الأجانب من مختلف دول أوروبا يشاركون في تلك الجرائم وسيشكلون تهديداً حقيقياً على دولهم في حال رجوعهم إليها.
لن نقوم بتشريح خطاب أوباما الذي ستكثر التحليلات حوله في الأيام المقبلة، في وقت تتجه أنظار العالم نحو طبيعة التعاطي مع ملف الإرهاب من جانب الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، وثمة سؤال بديهي يطرحه الرأي العام في العراق وسورية والمنطقة والعالم هو لماذا تهاونت الإدارة الأميركية ودول حلف «الناتو» مع ملف الإرهاب؟ لماذا تركته ينمو ويتطفّل؟ لماذا آثرت التزام مبدأ الحياد ومبدأ الصمت والتجاهل تجاه الإرهاب الذي ضرب ويضرب العراق وسورية خلال السنوات القليلة الماضية، خصوصاً بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق؟ أليس الأحرى بها أن تتصدى لهذا الإرهاب؟ أم أن الإدارة الأميركية لا تزال تخطط وتناور بما ينسجم مع مصالحها في المنطقة؟ هل تقتضي لعبة الولايات المتحدة أن يسقط آلاف الضحايا من السوريين والعراقيين على يد المجموعات الإرهابية لكي تبقى المنطقة مشتعلة وتبقى الولايات المتحدة المنجد والمغيث والمجير؟ إنها مفارقة مثيرة.
خلجة
لماذا تبقى أسئلتي الخاسِرة مبلّلة
بفرات الأمنياتِ؟