خلافاً لأسواق المال العالمية.. بورصة موسكو تسجل ارتفاعاً بعد فوز ترامب وتوقع فوضى واضطرابات خلال الأيام المقبلة بسبب غموض برنامجه الاقتصادي

أذكى فوز الجمهوري دونالد ترامب على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون بالرئاسة الأميركية المخاوف من ضبابية سياسية واقتصادية كما ألقى بظلال من الشك على رفع أسعار الفائدة الأميركية المتوقع في كانون الأول المقبل.

وكانت الأسواق المالية قد شهدت في البداية عزوفاً عن المخاطرة بعد أن اتجه المستثمرون إلى التخلص من الدولار والبيزو الميكسيكي وشراء عملات تعتبر ملاذاً آمناً مثل الين الياباني الذي قفز نحو أربعة في المئة مسجلاً أعلى مستوى في ستة أسابيع.

وفتحت أسواق المال الأوروبية أمس على انخفاض عقب فوز ترامب وهبط مؤشر ستوكس 600 الأوروبي 2.2 في المئة، بينما هبط مؤشر داكس الألماني بنسبة 2.9 في المئة.

وارتفع سعر صرف اليورو مقابل الدولار الأميركي بنسبة 0.6 في المئة عند سعر 1.1092 دولار مقابل اليورو.

وقال كارستن برزيسكي، كبير المحللين الاقتصاديين بشركة «أي إن جي» الألمانية، إنّ الأسواق ستواجه «فوضى واضطرابات» خلال الأيام المقبلة بسبب غموض البرنامج الاقتصادي الذي سيتبناه ترامب.

وأضاف برزيسكي أنّ الأسواق العالمية يمكن أن تعاني حالاً أسوأ من تلك التي عانتها عقب تصويت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في حزيران الماضي، وذلك بسبب الدور الأكبر الذي تلعبه الولايات المتحدة في الاقتصاد العالمي.

وفي اليابان انخفض مؤشر نيكاي 225 أكثر من 6.1 في المئة لفترة وجيزة في رد فعل مع المستثمرين على فوز ترامب بالرئاسة الأميركية.

وفي جلسة تداول متأخرة في بورصة طوكيو، تراجع مؤشر نيكاي 5.2 في المئة بعد تقارير من وكالة كيودو للأنباء أفادت بأنّ مسؤولين بارزين من البنك المركزي الياباني ووزارة المالية ووكالة الخدمات المالية سوف يجتمعون لمناقشة كيفية مواجهة تذبذب كبير محتمل في الأسواق المالية.

وسجل سعر الدولار 102.60 ين، بتراجع من أعلى مستوياته في جلسة تداول سابقة 105.46. في حين سجل اليورو 1.1142 دولار على ارتفاع من جلسة إغلاق سابقة سجل خلالها 1.1020.

كما تراجعت العقود الأجلة لمؤشر داو بنسبة 3.5 في المئة أو 643 نقطة ليصل إلى 17647 نقطة، فضلاً عن تراجع العقود الآجلة لمؤشر ستاندارد آند بورز 500 بنسبة 4.1 في المئة أو 86.50 نقطة مسجلا 2049 نقطة.

وحافظت الأسواق الروسية على مستوياتها مقاومة التراجع العالمي للأسواق المالية الأربعاء وسجل مؤشر أر تي إس، الذي يهيمن عليه الدولار، تراجعاً بنسبة 0.6 في المئة، في حين تراجع مؤشر ميسيكس، الذي يهيمن عليه الروبل، بواقع 0.4 في المئة.

واستقر تداول الروبل عند 63.91 مقابل الدولار، في حين سجل 71.55 أمام اليورو، على تراجع طفيف.

وقال كبير الاقتصاديين في مصرف «رينيسانس كابيتال»، إنّ «روسيا يمكن أن تكون السوق الناشئ الذي سيجني أكبر فائدة من فوز ترامب مع الأمل في إمكانية أن يخفف العقوبات المفروضة على روسيا في 2017».

وكان ترامب قد صرح خلال حملته الانتخابية بأنه يرغب في التعاون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مشيداً به مقارنة بالرئيس الأميركي المنقضية ولايته باراك أوباما.

أما البيزو المكسيكي فقد سجل مستوى انخفاض قياسي، وهبط أكثر من 13 في المئة إلى أدنى مستوى على الإطلاق دون 21 بيزو للدولار قبل أن يتعافى بعض الشيء ليجري تداوله عند 19.91 للدولار بانخفاض نسبته ثمانية في المئة.

كما سجل الدولار الكندي تراجعاً إلى أدنى مستوى في ثمانية أشهر عند 1.3525 دولار كندي للدولار الأميركي قبل أن يعوض نحو نصف الخسائر ليجري تداوله بنحو 1.3390 دولار كندي.

وهبط الدولار الأسترالي 1.6 في المئة إلى 0.7637 دولار أميركي وهوى 4.3 في المئة إلى 78.25 ين بعدما سجل لفترة وجيزة أسوأ خسارة يومية منذ أيار 2010.

هل سيتمكن ترامب من تنفيذ خطته الاقتصادية؟

وكان الرئيس الأميركي الجديد طرح ضمن حملته الانتخابية خطة اقتصادية أعلن أنه سيسعى إلى تنفيذها خلال عهده. وأبرز ملامح هذه الخطة إلغاء العديد من اللوائح التنظيمية الاتحادية، مع فرض تعليق مؤقت على إصدار قواعد اتحادية جديدة، وإعادة تمويل الديون الأميركية الطويلة الأجل لدفع مقابل تطوير البنية التحتية.

كما وعد ترامب بتحفيز النشاط الاقتصادي وتحقيق معدلات نمو بين 3.5 في المئة و 4 في المئة مقارنة بمعدل 1.8 في المئة المتوقع لسنة 2016 ، وتبسيط اللوائح الضريبية الأميركية، وخفض إضافي لتكلفة رعاية الأطفال. وتوجد حالياً إعفاءات ضريبية لرعاية الأطفال والقاصرين تتحدّد بناء على الدخل بثلاثة آلاف دولار للشخص، وستة آلاف دولار للشخصين، خفض ضرائب الشركات لتحفيز التوظيف من 35 في المئة إلى 15 في المئة.

كما اقترح ترامب خفض الضرائب على كل الشرائح في الولايات المتحدة من ضمنها الأغنياء. ويقترح في هذا السياق خفض ضريبة الدخل للشريحة الأكثر ثراء في البلاد من 39.6 في المئة إلى 33 في المئة، وتقليل عدد شرائح المعاملة الضريبية من سبع إلى ثلاث. وفي أيلول الماضي، اقترح أيضاً خفض عدد الشرائح التي تحدد قيمة ضريبة الدخل من سبع إلى أربع. وعاد واقترح ترامب ثلاث شرائح من 12 و25 و33 في المئة، مقابل نسبة قصوى من 39.6 في المئة معتمدة اليوم.

كما عارض ترامب رفع أسعار الفائدة حماية للشركات الأميركية، ووعد بإعادة النظر بكلّ المعاهدات والاتفاقات التجارية الدولية التي تشارك فيها الولايات المتحدة. وأعلن ترامب صراحة عداءه لاتفاقات التجارة الحرة بما فيها اتفاق «نافتا» أي اتفاق التجارة الحرة لأميركا الشمالية الذي يعتبره البعض سبباً في فقدان الوظائف الأميركية.

كما عبر الرئيس الجديد للولايات المتحدة مراراً خلال حملته الانتخابية عن رغبته بإعادة التفاوض حول اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ بين الولايات المتحدة و11 دولة أميركية وآسيوية أخرى والذي تمّ توقيعه في شباط الماضي. وأكد ترامب أكثر مرة أنه سيسعى إلى إعادة التفاوض على الاتفاقات الحالية مع الدول والتكتلات بما يحقق مصالح الولايات المتحدة، وأنه مستعد للانسحاب منها إذا تعذر الوصول إلى اتفاق جيد.

ووعد ترامب بإعادة النظر بالعلاقات التجارية الثانية بين الولايات المتحدة وعدد من الدول على رأسها الصين، لافتاً إلى إمكان وقف استيراد النفط من السعودية ما لم تشارك الأخيرة بجيشها في قتال تنظيم «الدولة الإسلامية» أو تعوّض الولايات المتحدة عن الجهود التي تبذلها في محاربة التنظيم.

كما أكد السعي للتوصل إلى اتفاق جيد مع الصين من شأنه مساعدة الشركات والموظفين الأميركيين على المنافسة، وإجبار الصين على الاعتراف بالتلاعب بعملتها ووضع نهاية لدعم الصادرات الصينية، والتخفيف من وطأة المعايير البيئية والعمالية، واعداً بإعادة الاستثمار في البنى التحتية. وتُظهر أحدث الأرقام الصادرة من الحكومة الأميركية أنّ عجز الميزان التجاري مع الصين بلغ مستوى غير مسبوق ليصل إلى 365.7 مليار دولار في العام 2015.

واقترح ترامب أيضاً فرض رسوم جمركية بنسبة 35 في المئة على المنتجات المكسيكية التي تدخل الولايات المتحدة وبنسبة 45 في المئة على المنتجات الصينية، لكنّ منتقدو هذه الخطوة يعتبرون أنها ستؤدي إلى حرب تجارية وتحد من القدرة التنافسية الأميركية على المستوى العالمي.

كما وعد ترامب بترحيل عدد كبير من المهاجرين غير الشرعيين الذين يعيشون في الولايات المتحدة. وبحسب الإحصاءات الحكومية، ثمة أكثر من 11 مليون مهاجر يعيشون في الولايات المتحدة بطريقة غير شرعية ويشغلون وظائف وقد تؤدي إزاحتهم إلى هبوط ناتج القطاع الخاص بين 381.5 مليار دولار و623.2 مليار دولار. وتشير تقارير إلى أنّ من بين القطاعات صاحبة النصيب الأكبر من العمالة غير الموثقة قطاعات الزراعة والبناء والضيافة. بحسب صندوق النقد الدولي، من المتوقع أن يبلغ حجم إنتاج الاقتصاد الأميركي من السلع والخدمات نحو 18.7 تريليون دولار في 2016 .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى