العولمة ونتائج الانتخابات الأميركية
حميدي العبدالله
لا يمكن فصل مسار ونتائج العولمة عن نتائج الانتخابات الأميركية التي أوصلت دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
في أحدث تصريحات له قال الرئيس باراك أوباما إنه كان من المعجبين بالعولمة ومن المؤيدين بقوة لها، ولكنه استدرك قائلاً: «لكن العولمة سبقتنا»، وهذا يعني أنه بات يدرك الآن ومعه الحزب الديمقراطي أنّ للعولمة جوانب ليست جميعها في مصلحة الولايات المتحدة.
العولمة ونتائجها أثرت على الاقتصاد الأميركي بقوة إنْ لجهة انتقال الاستثمارات الأميركية إلى الخارج حيث الأيدي العاملة الأرخص، وحيث المدخلات الأقلّ كلفة لمواجهة ازدياد المنافسة الاقتصادية على المستوى الدولي، وكذلك قاد فتح الأسواق الأميركية نتيجة العولمة أمام البضائع الأجنبية إلى إغلاق آلاف المعاقل كما أشار إلى ذلك المنافس الديمقراطي لكلينتون ساندرز الذي تمّ إبعاده عن السباق الانتخابي عبر مؤامرة حبكتها رئيسة الحزب الديمقراطي التي استقالت لاحقاً بعد كشف دورها في هذه المؤامرة، وانتشرت البطالة على نطاق واسع، وقد تمّ رصد نتائج العولمة على صعيد الاقتصاد العالمي في كتاب صدر في مطلع الألفية الجديدة حمل عنوان «خيبات العولمة».
الظواهر التي ركز عليها المرشح الجمهوري والتي قادت إلى صعوده، كلها قضايا تعتبر من إفرازات العولمة وأهمّ هذه القضايا الهجرة وحروب الولايات المتحدة في الخارج.
شدّد ترامب في حملاته الانتخابية على مكافحة الهجرة وتحويلها إلى حجر الرحى في سياسته خلال السنوات الأربع التي يشغل فيها منصبه كرئيس للولايات المتحدة. وذهب بعيداً على هذا الصعيد عندما وعد بإقامة جدار على الحدود المكسيكية الأميركية للحدّ من تدفق المزيد من المهاجرين من الخارج، وقاد تركيزه على الهجرة إلى الناخبين البيض، ولا سيما العمال، الذين كانوا في الماضي يصوّتون في غالبيتهم لصالح الديمقراطيين. معروف أنّ البيض لا زالوا يمثلون حوالي 60 من الناخبين الأميركيين.
القضية الثانية التي ركز عليها ترامب وقادت إلى فوزه على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، هي حروب الولايات المتحدة في الخارج وإشاعة الفوضى في مناطق عديدة ومنها منطقة الشرق الأوسط. أعلن ترامب على هذا الصعيد أنه يعارض حروب الولايات المتحدة لأنّ هذه الحروب استنزفت قدراتها العسكرية وأثرت على أداء اقتصادها. ولهذا أدلى بتصريحات أثناء حملته الانتخابية، عارض فيها بقوة هذه الحروب ودعا فيها إلى إعادة النظر بهذا النهج الذي تعتمده الولايات المتحدة من أجل تغيير الأنظمة.
وفي سورية قال ترامب صراحة إنه سيتبنى سياسة تدعو إلى التعاون مع روسيا لمكافحة «داعش»، وليس من ضمن أولوياته «محاربة نظام الرئيس بشار الأسد»، في حين من المعروف أنّ كلينتون شدّدت أثناء حملتها الانتخابية على زيادة دعمها للجماعات المسلحة، والتزمت إقامة مناطق حظر جوي، ردّ عليها ترامب متسائلاً: كيف يمكن تحقيق ذلك من دون حرب مع روسيا؟
لا شك أنّ الولايات المتحدة والعالم دخل عصراً جديداً مع وصول ترامب إلى البيت الأبيض يصعب التنبّؤ بكلّ معالمه.