من ذاكرة التأسيس 5
يكتبها الياس عشّي
وحدث بعد التأسيس بسبعةَ عشرَ عاماً، أن تآمر الداخل والخارج على باعث النهضة القومية الاجتماعية، فكانت المحاكمة الصورية لسعاده، وكان إعدامه، وكان جرح في الخاصرة ما زال ينزّ إلى اليوم.
هذا الجرح المفتوح في الخاصرة السورية يحضنك بأوجاعه، ويرميك في قعر بكائيات حزينة، وغاضبة، وعاصية. يحمل إليك كلّ صباح زوّادة خاوية من رغيف الخبز الساخن، وحبّة البركة، ورائحة القهوة، وشهقة عصفور يقاسمك خيوط الفجر.
وأيّ فجر ينتظرنا على قارعة «ذلك الليل الطويل» الذي تحمّلنا وزره، وتهجّينا حروفه، مرافقين محمّد يوسف حمّود في عرسه الجنائزي؟
بل أيّ فجر سيحمل الفرح إلينا وكمال خير بك ما زال على رصيف بيروت، وما زال يردّد:
اليومَ أرجِعُ والأجراسُ ساهرةٌ
بين المقابرِ، والأنقاض، والخربِ
أعودُ نحوكمُ من بعدما عَبَرَتْ
قوافلُ الحزن والآلام والغضبِ