إخراج أميركا من معادلة حلب…
معن حمية
تشي تطورات الميدان السوري بأنّ الحسم في حلب لن يأخذ وقتاً طويلاً، فخلال الأيام الماضية استعاد الجيش السوري وحلفاؤه مشروع الـ 1070 شقة وضاحية الأسد ويتقدّم في مناطق أخرى، في وقت يستمرّ مطبقاً الحصار على الإرهابيين في الأحياء الشرقية للمدينة. وخلال أيام يعود الطيران السوري والروسي ليكثف غاراته الجوية ممهّداً لتقدّم الجيش السوري وحلفائه.
الحسم صار بحكم الأمر الواقع، ولم يعُد يخضع لأية اعتبارات تتعلّق بما اصطلح على تسميته «تفاهمات روسية أميركية»، لأنّ الولايات المتحدة الأميركية لم تلتزم بفصل من تسمّيهم «معارضة معتدلة» عن المجموعات الإرهابية المتطرفة، لعجزها عن تحقيق هذا الأمر، وهي أيّ الولايات المتحدة الأميركية أصبحت في حلّ من أيّ التزام بهذا الخصوص، بعدما أعلنت الخارجية الأميركية تصنيف «جبهة فتح الشام» منظمة إرهابية، وهي التي تمّ استيلادها من رحم «جبهة النصرة»، برعاية أميركية ـ تركية لجعلها «معارضة معتدلة»!
ما هو مؤكد أنّ الأميركي استنفد أوراقه في حلب، وبات مربَكاً، لا بل عاجزاً أمام الإصرار السوري ـ الروسي على الحسم، تأسيساً لحسم الحرب برمّتها لصالح الدولة السورية التي وإنْ كانت تنتظرها مهمات صعبة، لكنها بالتأكيد لن تكون الأصعب.
خروج الولايات المتحدة الأميركية من معادلة حلب، لم يكن نتيجة رغبة أميركية، بل تمّ بفعل الإصرار السوري على إخراج حلب من مرمى الإرهاب ورعاته، وبعدما تكشّفت غاية واشنطن من وراء مطالبتها بالهدنة تلو الأخرى، لتمكين المجموعات الإرهابية من تنظيم صفوفها وتجميع قواها.
وعليه، فإنّ خروج واشنطن خائبة، لا يعني خروجها من كلّ الحقل السوري، فهي أعلنت عن بدء معركة طرد «داعش» من الرقة، مستخدمة ما يُسمّى «قوات سورية الديمقراطية»!
اللافت، هو أنّ إطلاق معركة الرقة من قبل الجانب الأميركي جرى بالتنسيق الكامل مع تركيا، ويبدو أنّ الأميركي نجح في لجم الاعتراض التركي على مشاركة مجموعات مسلّحة تعتبرها تركيا مجموعات إرهابية، وحصول هذا الأمر، إما أن يكون ناتجاً عن اتفاق مشترك بين الجانبين على ما هو أبعد من حدود معركة الرقة، أو أنه تسليم بانعدام الخيارات البديلة.
ما هو واضح، أنّ أميركا وتركيا تتّجهان إلى مدينة الرقة تنفيذاً لخطة إعادة انتشار على الخارطة السورية، وإذا ما نجحا في طرد «داعش» من الرقة، وهذا مستبعَد، فإنّ الأميركي يعوّض عن خروجه من معادلة حلب، والتركي يعوّض عن توقفه قسرياً عند تخوم مدينة الباب، ليكون لدى الجانبين ورقة اسمها الرقة يتوسّلان من خلالها مصلحة ونفوذاً.
وهنا يتأكد أنّ عملية «غضب الفرات» بقيادة أميركية، لا تختلف في أهدافها عن عملية «درع الفرات» بقيادة تركية، فكلتاهما تستهدفان تمكين المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون من السيطرة على مدن وبلدات سورية، لجعلها مناطق نفوذ للدول التي تشارك في الحرب ضدّ سورية.
أميركا وتركيا وحلفاؤهما وأدواتهما يوحّدون قواهم لتحقيق إنجاز باحتلال مزيد من الأرض بغية فرض الشروط والإملاءات.
أميركا وإنْ خرجت من معادلة حلب لكنها أبقت على داعش مدجّجاً بالكميائي على نية قتل السوريين وتأخير الحسم.
لكن في ظلّ الإصرار السوري على حلب… والرسائل السورية الحاسمة بالتصدّي لكلّ أشكال العدوان والإرهاب، لن تكون هناك شروط تُفرض على سورية.
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي