دمشق: أي عمل عسكري من دون موافقة سورية هو اعتداء عليها
أعلنت موسكو أمس على لسان المتحدث باسم خارجيتها ألكسندر لوكاشيفيتش أن مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية» يجب أن تجري على أساس احترام القانون الدولي وسيادة سورية، وأن توجيه واشنطن أية ضربة لدمشق من دون موافقة مجلس الأمن الدولي سيكون عدواناً عليها وخرقاً واضحاً للقانون الدولي.
وأشار الديبلوماسي الروسي إلى أن هناك ما يسمح بالاعتقاد أن القوات السورية هي الأخرى ستتعرض للقصف، ما سيؤدي إلى مواصلة تصعيد التوتر، مشيراً أن المتطرفين في سورية لا يختلفون عن أمثالهم في العراق، وأن الولايات المتحدة اعترفت بالخطر الإرهابي، إلا أنها فعلت ذلك فقط بعد قيام الإرهابيين بفرض سيطرتهم على مناطق واسعة في العراق.
وأكد لوكاشيفيتش أن واشنطن لم تقرر إلى الآن التخلي عن معاييرها المزدوجة ولا تؤيد الجهود المشتركة الحقيقية لمكافحة الإرهاب، مضيفاً أن أوباما، الذي يدعم الحكومة العراقية في مكافحة الإرهابيين، يطلب من الكونغرس تخصيص 500 مليون دولار لدعم المعارضة المسلحة السورية التي لا تختلف كثيراً عن مسلحي «الدولة الإسلامية».
وكان المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين أكد في وقت سابق أن قرار أوباما ضرب «داعش» في سورية من دون موافقة حكومتها قد يعرقل الجهود الدولية لمواجهة الإرهاب، مضيفاً «أن تطبيق هذا القرار لن يطرح مشكلة بالنسبة إلى روسيا وحدها بل بالنسبة إلى الكثير من الدول التي تحترم القانون الدوليّ ومن بينها الصين».
بدورها اتهمت طهران بعض الدول المنضوية تحت ما يسمى «التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب» بتقديم دعم للجماعات الإرهابية في سورية والعراق، وبالتقصير في مواجهة التنظيمات الإرهابية».
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية مرضية افخم «إن هذا التحالف الدولي لا يتعدى كونه حركة استعراضية في محاولة من دوله لتحسين تاريخها المعروف بدعم الإرهاب»، مشيرة أن بعض الدول المنخرطة بالتحالف، متورطة في تقديم الدعم المالي والامني للارهابيين في سورية والعراق والبعض الآخر تلكأ بالاضطلاع بمسؤوليته الدولية على امل حصول تغييرات سياسية في هذين البلدين تتماشى مع رغباته.
وأكدت أفخم، انه يتعين على تلك الدول قبل اللجوء الى الاجراءات الاستعراضية والتي يبدو انها جاءت لتبييض تاريخ دول معروفة بدعم الارهابيين، ان تتخلى عن تبني الشعارات وممارسة التكسب السياسي اذا ما كانت حقاً تتوجس من انتشار الارهاب وتمدده، داعية تلك الدول للكف عن الازدواجية وإثبات صدقيتها في مكافحة الارهاب والتطرف في شكل جماعي وشامل وعلى نحو جذري وصادق.
رد سوري
وفي أول رد سوري على تصريحات الرئيس الأميركي أعلن علي حيدر وزير المصالحة الوطنية أن أي تدخل أجنبي في بلاده سيكون عدواناً على سورية، ما لم توافق عليه دمشق.
وقال حيدر: «أي عمل كان من أي نوع كان من دون موافقة سورية هو اعتداء عليها»، مضيفاً: «لا بد من التعاون مع سورية ولا بد من التنسيق معها ولا بد من الحصول على موافقتها على أي عمل عسكري».
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما تعهد في خطاب ألقاه في وقت سابق أمس، بتسليح من سماها «المعارضة السورية المعتدلة» وتدريبها في إطار محاربة «الدولة الإسلامية» في العراق وسورية رافضاً التعاون مع دمشق.
وتوجه أوباما بخطاب إلى الشعب الأميركي كشف فيه عن خطته في محاربة «داعش»، معلناً أنه سيجيز وللمرة الأولى شن غارات جوية في سورية وتوسيعها في العراق ضد التنظيم، وأنه سيوسع قائمة الأهداف داخل العراق لتتجاوز مناطق معزولة عدة، اضافة الى ارسال 475 مستشاراً أميركياً إضافياً لمساعدة القوات العراقية والانضمام إلى أكثر من ألف موجودين هناك بالفعل. وقال إن هؤلاء الأفراد لن يشاركوا في القتال.
كما تعهد أوباما بتدمير تنظيم «الدولة الإسلامية»، وقال: «هدفنا واضح: سنضعف تنظيم الدولة الإسلامية وندمره في نهاية المطاف من خلال استراتيجية شاملة ومتواصلة لمكافحة الإرهاب». مضيفاً: «أنه سيلاحق متشددي التنظيم أينما كانوا». وأوضح: «هذا يعني أنني لن أتردد في اتخاذ إجراء ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سورية وأيضاً في العراق. هذا مبدأ أساسي لرئاستي: إذا هددت أميركا فلن تجد ملاذاً آمناً». كما رحب أوباما بدعوة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى «عمل المزيد لإنهاء الصراع السوري».
اجتماع جدة
وفي سياق متصل، أكد وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في اختتام اجتماع إقليمي في جدة لمواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية» الارهابي أن المشاركين بحثوا تقاسم المسؤوليات للقضاء على التنظيمات الإرهابية، مشيراً أن بلاده كانت مبادرة دائماً في التصدي للارهابيين «ولم نسمع من المشاركين اي تحفظ على دورنا».
وأضاف الفيصل في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأميركي جون كيري أن الملك السعودي عبدالله «سبق وأن عبر عن أسفه لعمليات القتل باسم الدين الإسلامي وعن خيبة أمله تجاه صمت المجتمع الدولي». وقال: «استمعنا إلى شرح من الوزير كيري عن الاستراتيجية الأميركية بشأن الإرهاب ومواجهته»، متابعاً: «أكدنا ضرورة الحفاظ على وحدة الدول وسيادتها وسلامتها الإقليمية».
وحض كيري الزعماء العرب على تأييد الجهد العسكري الجديد للرئيس الأميركي باراك اوباما ضد تنظيم «داعش»، واعتبر أن دور الدول العربية أساسي في هذا الجهد، داعياً إلى تشديد القيود على تمويل المتشددين وتقليل رسائل المتطرفين في وسائل الإعلام العربية.
وبحسب «رويترز» فإن كيري وخلال اجتماعه في جدة مع الزعماء العرب، طلب تصريحاً بمزيد من الاستخدام للقواعد في المنطقة وتحليق المزيد من الطائرات الحربية في أجوائها.
وقال الوزير الأميركي في مؤتمره الصحافي إن تنظيم «الدولة الإسلامية» عدو للجميع في المنطقة، مشيراً أن للدول العربية دوراً أساسياً لمواجهة هذا التنظيم والقضاء عليه، لكن لا توجد دول تتحدث عن إرسال قوات برية في الحملة الدولية هذه.
كيري الذي رد على تصريحات موسكو التي أعقبت خطاب الرئيس الأميركي حول «داعش»، استغرب «تجرؤ» روسيا في الحديث عن القانون الدولي بعدما جرى في القرم، وأضاف: «لن تمنعنا الدفاعات الجوية السورية المتطورة من التصرف في سورية إذا أردنا ذلك».
وأكد الوزير الأميركي مضي واشنطن في توسيع التحالف الدولي ضد «داعش»، مشيراً الى وجود ما سمّاه فرصة تاريخية للقيادات المشاركة في هذا الاجتماع للقضاء على التنظيم الارهابي والتطرف في شكل عام.
وفي نهاية الاجتماع صدر بيان عن الدول المشاركة، أكدت فيه كل من الولايات المتحدة ودول الخليج ومصر ولبنان والأردن والعراق، التزامها العمل معاً على محاربة «داعش».
وشددت الدول الـ11 في بيانها المشترك على أنها «وافقت على أن تقوم كل منها بدورها في الحرب الشاملة ضد التنظيم»، ويشمل ذلك «وقف تدفق المقاتلين الأجانب عبر الدول المجاورة، ومواجهة تمويل الدولة الإسلامية وباقي المتطرفين، ومكافحة ايديولوجيتها التي تتسم بالكراهية، ووضع حد للافلات من العقاب وجلب المرتكبين أمام العدالة، والمساهمة في عمليات الإغاثة الإنسانية والمساعدة في إعادة بناء وتأهيل مناطق الجماعات التي تعرضت لبطش تنظيم الدولة الإسلامية، ودعم الدول التي تواجه الخطر الأكبر من التنظيم».
ولم تشارك تركيا في البيان على رغم مشاركتها في الاجتماع، كما أعلن مصدر تركي أمس، عدم مشاركة بلاده في أي عمليات عسكرية ضد «داعش»، كما أعلنت كل من ألمانيا وبريطانيا رفضهما المشاركة في أي ضربات جوية في سورية تستهدف التنظيم الارهابي.
شتاينماير وهاموند
وأعلن وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير في مؤتمر صحافي في برلين أنه لم يطلب من بلاده المشاركة في ضربات جوية ولن تشارك، مضيفاً: «بوضوح شديد… لم يطلب منا ذلك ولن نفعل ذلك».
وقال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند عقب اجتماعه مع شتاينماير «لأكن واضحاً في هذا الأمر، بريطانيا لن تشارك في أي ضربات جوية في سورية. لقد خضنا هذا النقاش بالفعل في برلماننا العام الماضي ولن نعود لمناقشة ذلك»، مضيفاً أن البيئة القانونية والقابلية العسكرية في سورية والعراق مختلفتان للغاية.
وأكد أن بريطانيا تؤيد بشدة النهج الأميركي في تشكيل تحالف دولي ضد «الدولة الإسلامية»، التي وصفها بأنها «وحشية»، مشيراً إلى أنه فيما يتعلق بكيفية مساعدة هذا التحالف «فنحن لم نستبعد شيئاً».