تحالف ضدّ الإرهاب بلا سورية كاذب يستهدفها والمقاومة

علي البقاعي

بعد طول انتظار تحدّث باراك أوباما عن «خطته العظمى» لدحر الإرهاب، فكان كمن سكت دهراً ونطق كفراً. لم يأت بشيء جديد سوى تكرار أسطوانة التخويف والادعاء بأن الولايات المتحدة هي رائدة الدفاع عن الحريات والديمقراطية ومحاربة الإرهاب. ما أشبه اليوم بالأمس.

أيلول 2001، إرهاب «قاعدة» بن لادن وشركاه «الطالبان» يسبق الغزو الأول لأفغانستان والعراق 2003 تحت شعار التحالف الدولي وفي أيلول 2014، تعمل الولايات المتحدة على إنشاء تحالف دولي لمحاربة المدرسة الإرهابية نفسها التي ادعت أنها هزمتها، لكن بعد تغييب أسامة بن لادن قتلاً أو إخفاءً واستبداله بتلميذه أبو بكر البغدادي.

من المعيب والمخزي أن ينطلق التحالف الدولي ضدّ الإرهاب من مملكة آل سعود، الدولة التي أطلقت وبشرت بالفكر الذي تبنته «قاعدة» أسامة بن لادن التي تفرّخ منها عشرات «القواعد» والتنظيمات، وفي مقدّمها «داعش» والنصرة اللتان تبشران بمفاهيم دينية مستمدة من المدرسة الوهابية، المذهب الرسمي لدولة آل سعود التي ولد فيها ونشأ وترعرع وتعلم وتخرّج المواطنون السعوديون الخمسة عشر الذين روّعوا الشعب الأميركي والعالم في أيلول 2001.

القضاء على الإرهاب الذي قتل الأميركيين في واشنطن ونيويورك، والإرهاب الذي يقتل أبناء سورية والعراق ويتهدّد «العالم الحر» لا يكون بشن الحروب الهوائية عليه، بل بالعمل على تجفيف منابعه البشرية والمالية والتبشيرية الدينية، وشن حرب إعلامية واقتصادية واجتماعية، وإن إحتاج الأمر عسكرية، على منبعه ومصدره الرئيسي لدى «مطاوعة» مملكة آل سعود وأئمة ومشايخ المدارس الدينية الوهابية المتطرفة التي خرّجت وتخرّج ألوف الشبّان المؤهلين لأن يكونوا إرهابيين بعد غسل أدمغتهم وإقناعهم بأن الله منحهم صك ملكية هذه الأرض ومن عليها وكلّفهم بنشر دينه بحسب ما يرتأون، واعدين أتباعهم بالتمتع أبدياً بآلاف حور العين و«غلمان يمرحون» إن أبدعوا في تنفيذ جرائم القتل والسبي والنحر والاغتصاب والسرقة والتملك والتهجير والتدمير وارتكاب الموبقات كافة في سورية والعراق!

القضاء على إرهاب «داعش» و«النصرة» يتمّ بجعل دمشق، لا جدّة، عاصمة اللقاء الدولي لمحاربة الإرهاب، وبجعل سورية، لا مملكة آل سعود، على رأس هذا الائتلاف الدولي لمحاربة الإرهاب، فمواطنو سورية واقتصادها ومدارسها وجامعاتها وآثارها ومصانعها، لا مواطنو المملكة سقطوا ضحايا الإرهاب المستمر منذ ثلاث سنوات ونصف سنة، وهو يموّل بأموال أل سعود ويسلّحه مخزون أسلحة آل سعود و»يثقّفه» بكتب مطبوعة في مطابع آل سعود، ويدعمه بألوف الإرهابيين الذين يحملون جنسية آل سعود أو من «المتسعودين» ويوفّر له التغطية الإعلامية بمئات الوسائل والوسائط الإعلامية التي يملكها ويموّلها آل سعود. القضاء على الإرهاب يتمّ بنشر الديمقراطية في مملكة الظلام التي لا مجلس واحد فيها منتخباً، والتي تفرض على مواطنيها ومقيميها القوانين الدينية نفسها التي تعلّمها «الخليفة» أبو بكر البغدادي في مدارس المملكة الدينية ويفرضها حالياً في المناطق التي يحتلها «الدواعش» في سورية والعراق.

القضاء على الإرهاب لا يتمّ بإعادة الحياة إلى ما يسمى بـ»الجيش الحرّ» المهزوم، ولا بإحياء إئتلاف نزلاء الفنادق المتكرّشين، فالجيش الحرّ الوحيد الذي يمثل عزة سورية وعنفوانها وكرامتها هو جيش حماة الديار، والإئتلاف السوري الأوحد الذي يمثل شعب سورية هو الائتلاف العظيم الذي شكّله ملايين السوريين في الوطن والمغتربات في تموز الفائت عندما تحدّوا الإرهاب وجدّدوا الثقة برئيس سورية وقائدها بشار الأسد، المؤهل الأول لقيادة أيّ تحالف ضدّ إرهاب «داعش» و«النصرة» ومموليهما.

إن أيّ تحالف ضد الإرهاب لا يشمل سورية هو تحالف كاذب يستهدف سورية والمقاومة في لبنان، وأيّ تحالف ضد الإرهاب لا يشمل تجفيف مصادره بدءاً من مملكة آل سعود هو تحالف كاذب، وأيّ تحالف ضد الإرهاب يضم «إسرائيل» الدولة الإرهابية الأولى في العالم هو تحالف كاذب، وأيّ تحالف ضد الإرهاب يضم تركيا الأردوغانية هو تحالف كاذب لأنّ تركيا هي الحاضن الأكبر بعد مملكة آل سعود لكلّ ما يمارسه «الدواعش» من إرهاب، خاصة في سورية والعراق.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى