جرف الصخر
بلال شرارة
في منتصف ليل الأحد 6/11/2016 كانت القوات العراقية قد أنجزت تحرير حي الانتصار في مدينة الموصل، وكانت غارة جوية عراقية قد قتلت مسؤول هيئة الحرب في تنظيم داعش، وكان الجيش العراقي قد أنجز في الأسبوع الأول من معارك الموصل تحرير 74 قرية وبلدة ومنطقة في محيط مدينة الموصل وقتل 772 مسلحاً من داعش.
إلا أنه وفي الوقت الذي يركّز الإعلام العالمي على معركة الموصل باعتبارها المعركة أو المنازلة الفاصلة مع دولة داعش على أرض العراق. فإنّ الحقيقة الخافية على الرأي العام والمعروفة من الاستراتيجيين وواضعي الخطط العسكرية هي أنّ المعركة الحقيقية أو معركة كسر العظم دارت في مكان آخر وفي وقت سابق هي معركة جرف الصخر العاصمة الايديولوجية للتطرف، وأنّ هزيمة داعش هناك هي التي فتحت الباب لتحرير الموصل واستكمال تحرير الأراضي العراقية من فلول داعش .
تقع جرف الصخر شمال محافظة الأنبار على بعد حوالي 60 كلم جنوب غرب بغداد وعلى بعد نحو 13 كلم الى الشمال من مدينة المسيب، وتمتدّ من عامرية الفلوجة التابعة لمحافظة الأنبار شمالاً وصولاً الى الحلة مركز محافظة بابل جنوباً وكربلاء ومن الجهة الشرقية تتصل بمناطق اليوسفية واللطيفية والمحمودية المعروفة سابقاً بـ مثلث الموت ، أما من جهة الغرب فهي مفتوحة على صحراء الأنبار. وقد مثلت منطقة جرف الصخر خنجراً في خاصرة العاصمة العراقية بغداد كما مثلت تهديداً لمحافظات بغداد، بابل وكربلاء وقاعدة الارتكاز للهجمات الإرهابية الانتحارية التي استهدفت لسنوات عموم العراق بالانتحاريين والعجلات المفخخة.
كانت جرف الصخر تضمّ أفضل مقاتلي داعش ، بل قوات النخبة لديها وأفضل خبراء التفخيخ والمتفجّرات والاغتيال وقد تحصّنوا في هذه المنطقة الوعرة.
أغلب سكان جرف الصخر كانوا من عشائر الجانبيين التي كانت محلّ ثقة صدام حتى إعدامه وتحوّلوا للولاء للقاعدة ثم للمملكة العربية السعودية عبر الحدود، حيثما تحوّلوا الى وسطاء لنقل الأموال والعناصر الى الداخل العراقي، وكذلك السوري عبر صحراء الأنبار.
منطقة جرف الصخر تشتهر بزراعة غابات النخيل وبأكبر مسطحات مائية اصطناعية لاستيلاد الأسماك. وهي المسطحات التي تحوّلت الى عائق مائي أمام عمليات تطهير المنطقة من داعش.
المنطقة تحوّلت منذ العام 2003 إلى أهمّ معاقل التطرّف ومنطلق للهجوم على القوات الحكومية والأميركية، الى درجة غدت المنطقة وما فيها من مسلحين تحوّلت إلى منطقه خاضعة لهم تماماً وعصية على السيطرة وتحوّلت لتكون عاصمة ولايات الجنوب لتنظيم داعش.
جرف الصخر كانت المكان الذي لجأ اليه الزرقاوي والموقع الأساس لاستهداف فائض القوة الشيعية ، و ثكنة تحشد العناصر التي كان سيستخدمها داعش للهجوم على بغداد والحلة وكربلاء.
قوات الحشد الشعبي والجيش والشرطة استغرقت ستة أسابيع للاتحاد استعداداً للهجوم على هذا الموقع وتدمير غرف عمليات ونقاط تحشُّد داعش، في وقت قامت المفارز المقاتلة بزرع الكمائن لإعاقة حركة الخصم.
وقد تمّ الهجوم على جرف الصخر البلدة المفخّخة من ستة محاور وتمّ تحريرها وناحيتها من داعش ومسلحيه الذين كان تعدادهم يتجاوز 2000 مسلح إضافة إلى خبراء عرب وأجانب شيشان وكانت آخر نقطة تمّ تحريرها هي منطقة الفاضلية على الحدود الإدارية بين بابل والأنبار.
عملياً، وبعد تحرير جرف الصخر تمّ قطع الاتصال وعبور السلاح والمسلحين والأموال بين السعودية والعراق وهو الأمر الذي يجعل من عملية استكمال تحرير الموصل عملية سهلة و عملية تطهير لجيوب المسلحين في ثاني أكبر مدن العراق.